يا مسعود عكو، أنا أشعر بالإهانة.

يا مسعود عكو، أنا أشعر بالإهانة.

قرأت لمسعود عكو قبل أن أعرفه، ثم فاجأني بزيارته في اللاذقية، وبدون موعد مسبق، وقضينا أياما جميلة شعرت فيها أنني أعرفه منذ زمن طويل. وفي تلك الأيام تطوع مسعود ليكون محررا لمرآة سورية، وينشر لنا مقالات وآراء عن مجتمع الجزيرة والأكراد السوريين.

بعد هذا اللقاء الوحيد لم نلتق إلا على الهاتف، وعبر البريد الالكتروني. وتابع مسعود مساهمته في تحرير مرآة سورية حسب وقته وإمكانياته، ومازلت أشكر له مواقفه الموضوعية ونشره لمقالات كثيرة تنتقده أو تنتقد أفكاره، وهو أمر لا أشك أنه قد سبب له إزعاجات في مجتمعه من قبل أعداء الرأي الآخر المنتشرين في كل مكان. وفي هذه الفترة أيضا حصلت بيننا الحكاية الطريفة التي نشرتها عنه في مقالة "الطفل والطيارة، مسعود عكو وأمن الإنترنت السورية".

مؤخرا تراجعت مساهمة مسعود في مرآة سورية كثيرا، ولم أكن أعلم السبب إلا أنني قدرت أنه يبدأ عملا جديدا ولا يجد الوقت الكافي، ولكن خلال هذه الفترة شهدت سورية أحداثا مهمة في الجزيرة السورية، وتمس المجتمع الكردي بشكل كبير، وللأسف لم تقم مرآة سورية بتغطية تلك الأحداث كما يجب.

قلت في نفسي أن هذه مشكلة العمل التطوعي، ولكنني كنت وما زلت أدرك أن تقصير مرآة سورية في تغطية هذه الأحداث سيترك انطباعات سلبية على الموقع وقرائه، وعلى الإخوة في الجزيرة، وتساءلت أنا كقارئ، لماذا لم ينشر مسعود أية مقالة عن مقتل الشيخ الخزنوي، ولا عن الاضطرابات التي شهدتها المنطقة؟ ألم يجد مقالة موضوعية واحدة تستحق النشر في المرآة؟ طيب ماذا عن المقالات التي وصلت إلى بريد المرآة، ألا يجد فيها أية مقالة مهمة، مع أن بعضها لكتاب كرد معروفين؟

بالأمس وصلتني رسالة من مسعود تحوي أسماء عدد كبير من المعتقلين الكرد، واستغربت أنه أرسلها بالبريد الالكتروني ولم ينشرها في المرآة. وأجابني عندما سألته على الهاتف: "أيهم أنا خائف، أخاف على نفسي وأخاف على مرآة سورية، هذا المنبر متنفس لمجتمعنا الكردي ننشر فيه بالعربية، وأخاف أن يحجبوه كما يحجبون مواقعنا الكردية". رجوت مسعود أن يسمح لي بنشر اللائحة باسمي، فطلب مني أن لا أفعل، لأنه يخاف علي.

 

ونفذت طلب مسعود ولم أنشر تلك اللائحة.

وانتهى دوري كمحرر في الموقع، وعدت قارئا لمرآة سورية.

فوجدت أن هذا الموقع الذي أقرؤه يتجاهل إحدى القضايا الأساسية التي تمزق المجتمع السوري، ووجدته لا يبدي أي اهتمام باغتيال شيخ متنور على يد أصوليين قد يكونون متعاونين مع السلطة، ويتجاهل مقالات كتاب كرد معروفين ومضطهدين، ولكنه يفتح صفحاته لكتاب الإعلام الحكومي، ولإعلام الإخوان المسلمين. ووجدت مرآة سورية يدافع عن بعض معتقلي الرأي، ومنهم المحامي محمد رعدون، ولكنه لا يذكر بأي شكل المعتقلين الكرد، ومنهم ذلك الشاب الأبكم والأصم، والمعتقل لأسباب سياسية في قضية رأي، وكأنه يغطي على الجرائم التي ترتكب بحق السوريين الكرد.

مرآة سورية هذه الأيام أبعد ما تكون عن شعارها، وأنا كقارئ أشعر بالإهانة يا مسعود. عندما لا نستطيع تغطية موضوع ما، فهذا ليس عيبا، لأننا متطوعون بموارد محدودة، ويسامحنا القراء. ولكن عندما نقرر، أو عندما لا نريد أن نغطي موضوعا، علينا أن نقول ذلك بصراحة، وعندما نتجاهل قضية ما، فتلك إهانة نوجهها لنفسنا ولقرائنا.

وإذ أعود محررا لمرآة سورية، فأنا أعتذر من القراء عن عدم تغطيتنا للأحداث التي تعصف بالجزيرة هذه الأيام، لأننا فعلا خائفون من الإرهاب الذي يمارس في تلك المنطقة، وليس لأي سبب آخر.

الأيهم صالح

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.