المرأة مشكلة صنعها الرجل

لعبة جديدة تلعبها البنات هذه الأيام ... لعبة اسمها الاسترجال ... ففي الماضي ... و حتى زمن قريب .. كانت البنت أي بنت تهتم اهتماما شديدا بأنوثتها و تحرص علي ابرازها فترتدي الفساتين الواسعة و البلوزات الحريرية و تحيط عنقها بوشاح ملون هفهاف ... و تضع قدميها في حذاء صغير بكعب رفيع .. و تضم اليها حقيبة صغيرة رقيقة ... و لا مانع من قفازين لاستكمال المظهر .. و لكن كل هذا كان يحتم عليها أن تدفع الثمن غاليا ... جدا .... ففي كل مرة تستعد فيها للخروج .. و تصبغ شفتيها بطلاء الشفاه .. كان أبوها يعنفها و يرمقها ... بنظرات الشك ... الصارمة و الغاضبة ... و أمها تستجوبها ... و تحاصرها بالأسئلة حول خروجها ... و وجهتها ... و زمن العودة المنتظر .. و اذا ما وافقا على خرودها في النهاية ... و هذا في حالات نادرة جدا .. فانهما يبدآن في حساب الوقت حتى قبل أن تغادر المنزل ... و يتسآل والدها في حدة عن سبب تأخرها .... و هي لم تفتح باب البيت بعد ... أما أمها فهي تنتظرها في الشرفة مع مغيب الشمس و تثور .. في وجهها غاضبة ثائرة ... لو تأخرت خمس دقائق فحسب عن موعدها ...
و كان على فتاة الأمس أن تحتمل كل هذا ... في سبيل المحافظة على أنوثتها ... و مظهرها .. و أناقتها ... و ايقاع الكعب الرفيع في أثناء سيرها ...

و لقد أدركت فتاة اليوم أن الأمر لا يستحق كل هذا ... و لأن فتاة اليوم أكثر ذكاء‍ً من فتيات الأمس

وجدت فتاة اليوم ... أن الشئ الوحيد الذي يحيطها بالشك و الريبة ... و الغضب و السخط .. هو .. هو أنوثتها ...


أو بمعنى أدق مظاهر أنوثتها ... لذا .. فقد بدأت تلك اللعبة ...

 

و تخلت عن أنوثتها بمحض ارادتها ... تخلت عن مظاهر كل أنوثتها ... لم تعد ترتدي الفساتين الواسعة أو البلوزات الحريرية
بل لم تعد تميل لارتداء ما يميز أنوثتها ... لقد اتجهت لارتداء البلوجينز .. و الأحذية الكبيرة .. و لم تعد تهتم بطلاء شفتيها أو زينتها ... و حتى تكتمل جوانب اللعبة ..
فقد راحت تتعامل .. و تتصرف .. و تتحدث كالفتيان تماما .... بكل خشونتهم .. بكل فظاظتهم ...
و اختلط الحابل بالنابل ... لم تعد هناك .. أنثى رقيقة .. و لم يعد هناك ولد خشن ..
و الطريف أن الوالدين قد ابتلعا الطعم ... و وقعا في الفخ ... و صدقا اللعبة ...
و نجحت .. نجحت اللعبة ... نجحت بكل أبعادها .... و أصبحت الفتاة تخرج من منزلها ... بهذا الزي الرجالي ...
و الأنكى أن الأب يبتسم و يفتل شاربه ... و هو يقول لأمها : ابنتا تشبه الرجال .... و كأن هذا علامة الفخر و الزهو ... و لأنهما يتصوران .. أو يصدقان .. أن ابنتهما مثل الرجال بالفعل ... فهما لا يشكان بأمرها ... و هي تخرج و تغيب و تتأخر ... و أدركت فتاة اليوم أن لعبتها نجحت ... نجحت ... و أن الخدعة اكتملت ... اكتملت ... و ضحكت ساخرة في أعماقها ... فهي وحدها ... وحدها تدرك جيدا أنها لم و لن تفقد أنوثتها ... فالأنوثة ليست مجرد شكل أو انطباع خارجي ... الأنوثة مشاعر ..... و أحاسيس ..... و أفكار .... و عواطف .... و هرمونات ... فالأنثى ستظل أنثى .. تحيى ... و تميل .... و تفكر ... و تحب .... و تعشق ... سواء أكانت ترتدي ثوبا هفهافا ... أو سروالا من الجينز ... كل ما حدث أنها قررت المبادلة فحسب ... أنوثتها مقابل حريتها .... و يا له من مقابل ....
هذا لأنها ليست خبيثة كما يُخَيّل للبعض .. و لم تفعل هذا لأنها داهية و واعية .. لقد فعلته لأنها مضطرة لذلك ... المجتمع أجبرها على اجادة هذا الدور الذي لا يتناسب و طبيعتها ... لتحصل على ما يتناسب مع عصرها ... الحرية ...
فكل شئ حولها كان يؤكد أن القيود لم تعد صالحة مع هذا الزمن ....

خروج المرأة للعمل .. تحررها ... الحقوق التي صارت تتمتع بها .. اجتماعيا و اقتصاديا .. و حتى سياسيا .. ثورة الاتصالات التي بلغت ذروتها في السنوات الخمس الأخيرة ... على نحو جعل العالم يبدو أشبه بقرية صغيرة ... ينتقل الخبر فيها من بيت الى بيت في سرعة البرق ....

كل هذا جعلها توازن بين أنوثتها و حريتها ... و لأنها واثقة تمام الثقة ... من أن أنوثتها لن تذهب أبدا .. اختارت حريتها ... اختارت حريتها ...
و كانت المعادلة مناسبة للجميع ... الوالدان ... و هي ... و حتى الشبان ... فافتقار الفتاة الى مظاهر الأنوثة .. جعل الشاب يفقد احساسه بوجودها الى حد ما مما أعفاه من محاولات الالتزام أو اختيار و انتقاء كلماته و عباراته ... و بدأ الشاب يتحدث ... بحريته المطلقة .. و كأنه يقف مع زميل .. و ليس زميلة ... و أصبح أسلوبه ... غليظا خشنا ... يفتقر الى الذوق و اللياقة ... و أحيانا الي الأدب ... و لأن وجه الفتاة لم يحمرّ حياءً ... أو لم يتخضب بحمرة الخجل ... عند هذه المرحلة ...فقد تمادى الشاب في أسلوبه .. و اعتادت الفتاة التعامل مع هذا الأسلوب ... و مع مرور الوقت ... لم يعد تخلِ الفتاة عن أنوثتها أمر يقتصر على الشكل الخارجي ... و انما امتد الى المضمون أيضا .. اخشوشنت الفتاة .. و راحت أنوثتها تذوي وسط الخشونة .. راحت تذوب .. وسط الفظاظة .. رويدا .. رويدا .. أسلوب الفتاة أصبح أشبه بأسلوب الشاب ... حديثها .. مصطلحاتها .. و حتى دعاباتها ... لقد أصبحت نسخة مقلدة من الشاب ... نسخة مشوهة مضحكة بالتأكيد .... و لأن الشئ المستخدم ينمو ... و المهمل يضمر ... فقد غابت الأنوثة المهملة بالفعل ...
راقب ... فتيات اليوم .. و ستدركون ما أعني بهذا .. راقب أسلوب سيرهن ... حديثهن ... و حتى وقفتهن .... كلها جافة .. خشنة .. شبه صارمة ... أليس كذلك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حتى في حفلاتهن لم يتخلين عن تقليد الذكور ...
و لكن من حسن الحظ ... ومن رحمة الله بعباده ... أن هذا الوباء لم يصب كل الفتيات .... مازالت هناك جبهة مضادة ... جبهة اختارت أنوثتها ... و ارتضت بعض القيود على حريتها ... و تلك الجبهة قليلة ضعيفة للأسف .... و لكنها ملحوظة ... فتيات .. مازلن فتيات ... بعضهن من المحجبات .. اللاتي يتركن مع قليل من السخط و الحَنق ... القوامة للرجال ... كرضوخ لتعاليم الدين .. و ارضاء لله تبارك و تعالى ....
و البعض الآخر ... رفضن التخلي عن أنوثتهن بارادتهن ... و عقولهن ... و باحترامهن لهذه الأنوثة ... و فخرهن بها ... و هذا البعض ... الأخير ... هو الذي يواصل تلك المعركة القديمة .... انه يهتم بأنوثته و زينته ... و ملبسه ... و يبدو دائما ... في صورة الأنثى .. و على أكمل وجه .... لذا فأُسَر الواحدة منهن .. تحيطها بالشك والقلق و الحذر.. أمها تحاصرها بأسئلتها .. كلما حاولت الخروج .. والدها يرمقها بنظرات الشك و الاهتمام .. شقيقها يدرب رجولته الوليدة بتهديدها و انذارها ... و الصراخ في وجهها ... و ربما بضربها ... و لكنها تحتمل كل هذا .. تحتمله ... لأنها اتخذت قراراً يخالف قرار الفئة الأولى ... اتخذت شعارا يقول : خذوا حريتي و اتركوا لي أنوثتي ... و هذه الفئة المناضلة .. التي تقاتل للاحتفاظ بأنوثتها .. و هي التي ستتلقى كل الضربات في هذه المرحلة .. و هي التي .. ستعاني تعنتات الأب... و الأخ ... و الخطيب .... و الزوج ... و و مع مرور الوقت سيصبح من المحتم أن تتحول بدورها الى

مشكلة ............. مشكلة كبيرة ..................

صنعها الرجل ........

ليعذرني القارئ من فضله على طول سردي لهذه القضية ...

لكم مني كامل احترامي و مودتي

تحياتي

شام \\ حليمَة

التعليقات

منال ابراهيم

شيئ غريب ، مع أنني لبست البنطال و البوط و خرجت من المنزل دون أن أضع أحمر الشفاه و لكن أهلي ما زالوا يسألونني إلى أين ؟؟؟؟ برأيي ، المظهر الخارجي للأنثى ليس هو المشكلة في خروجها من المنزل ، و إلا لكانت أغلب النسا ء دخلن في تلك اللعبة ، المشكلة قديمة و مازالت و لكن ليست كما كانت في الماضي ، في السابق ، لم يتعود الأهل خروج بناتهن لوحدهن لذلك كانوا يكُثرن من الأسئلة قبل خروجها و يترقبوا وصولها و يحاسبوها إذا تأخرت ، حتى أن الأماكن التي كانت تذهب إليها الفتاة محدودة و قليلة لذلك كانت تحافظ على مظهرها الخارجي الأنثوي الجميل :الفستان و الحذاء ذو الكعب العالي .....أما الأن فأغلب الفتيات يعملن ساعات خارج المنزل و يفضلن ارتداء اللباس المريح و الحذاء المريح الذي لا يقيد حركتهن وليس هدفهن التشبه بالرجال لينلن حريتهن !!!! أي حرية تُـنال بالتشبه بهم .....؟؟؟

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.