كيف نقيم مثقفي الغرب

علمتنا التجربة أنه لا يكفي أن يكتب بعض المثقفين كلاما يعجبنا مؤقتا لنثق بهم ونحترمهم، فربما كانوا يكتبون ما نريد لكسبنا مرحليا.
هناك مجموعة من القضايا التي يمكن أن نختبر على أساسها عددا كبيرا من الشخصيات الغربية التي تحظى بتسويق إعلامي، ونأخذ موقفا موضوعيا منهم بناء على مواقفهم من جملة قضايا خلافية وشديدة الحساسية، وليس من مجرد كونهم يكتبون أو يقولون كلاما يعجبنا.
أول قضية يمكن طرحها حاليا على أي شخص من هؤلاء هي قضية 11 أيلول، مثلا، هل يوافق على الرواية الرسمية الأمريكية التي تقول أن بضعة أشخاص يعيشون في كهوف تورا بورا استطاعوا تعطيل شبكة الدفاع الجوي لحلف شمال الأطلسي، ,وتسبيب السقوط الحر لثلاثة أبراج عملاقة عبر صدمها بطائرتين، وتسبيب تبخر طائرتين أخريتين بكامل مكوناتهما، بما في ذلك المحركات.
إن الموقف من الرواية الرسمية الأمريكية يحدد موقف الشخص الحقيقي من سياسات الحكومة الأمريكية، ويحدد أيضا مدى موضوعية المثقف وقدرته على التفكير السليم. وهنا يمكننا اعتبار الموقف الحيادي أو الغامض كموافقة غير معلنة على الرواية الأمريكية مع عدم الجرأة على التصريح بالشك فيها.
لاختبار مدى ارتباط أي شخص من هؤلاء بالمنظومة الإعلامية الغربية يمكننا أن نسأله عن موقفه من حروب أمريكا وحلفائها، فهل كان مثلا مع أو ضد حرب فيتنام، ومع أو ضد غزو 33 دولة للعراق لإسقاط صدام حسين، ومع أو ضد غزو تحالف دولي لليبيا لإسقاط القذافي، ومع أو ضد الحرب على سوريا، ومع أو ضد غزو فرنسا لمالي. الكثيرون من رموز اليسار الغربي يسقطون هنا ويصبحون مجرد أبواق للدعاية "الديمقراطية" التي يتعرضون لها ليل نهار، دون أية قدرة على مقاومتها أو تمييز الحقيقة من البروباغاندا. ويمكننا أن نضيف أيضا أسئلة مثل "هل كان صدام حسين قاتلا لشعبه؟ ولماذا لم تتم محاكمته على مذابح حلبجة" أو "هل فعلا استحضر القذافي مرتزقة لقتل شعبه؟" أو "من الذي يقتل السوريين ويأكل قلوبهم؟"
ولاختبار موقف أي شخص من إسرائيل يمكننا أن نسأله هل يصدق رواية غرف الغاز ومقتل 6 مليون يهودي في أوروبا على يد الألمان؟ وهل يمانع في إعادة فتح هذا الملف وكشف الوثائق الجديدة المتعلقة به. الرافضون للرواية الرسمية للهولوست على الأغلب أشخاص موضوعيون وبعيدون عن تأثيرات الصهيونية، ولذلك فأفكارهم على الأغلب حرة، ولكن بعض المصدقين لها علنا قد يكونون خاضعين لقوانين مكافحة العنصرية في أوروبا، ولذلك فهم لا ينقضونها ليس لأنهم يصدقونها بل احتراما للقوانين السارية في بلدانهم. ولاكتشاف حقيقة مواقف هؤلاء يمكننا أن نسألهم سؤالا سياسيا لا يعتمد كثيرا على الموضوعية، مثل "هل يعتقد أن إسرائيل دولة عنصرية أم علمانية لأنها تقول أنها دولة لليهود وحدهم". من يدافعون عن إسرائيل هنا هم حتما مرتبطون بالصهيونية بشكل ما. أنا لا أعرف أي شخص ينكر الهولوكوست ويعتبر إسرائيل دولة علمانية، بالمقابل هناك العديد من الأشخاص الذين يؤيدون الرواية الرسمية عن الهولوكوست، ويعتبرون إسرائيل دولة عنصرية، ولعل من أبرزهم جورج غالوي.
ويمكننا أن نختبر قدرات "المحللين السياسيين" بسؤالهم عن الربيع العربي، من يعتقدون منهم أن الربيع العربي هو "ثورات شعبية" لا يستحقون أن ننصت لهم ولا أن نناقشهم، ومن يربطون الربيع العربي بأحداث مؤقتة أو طارئة بناء على تحليلات "جيو سياسية" عن النفط أو الغاز أو المصالح الاستراتيجية للدول الفاعلة فيه يحتاجون المزيد من الأسئلة عن مواقفهم من قضايا أخرى، يبقى من يضعون أحداث الربيع العربي في سياقها التاريخي ويستندون في مواقفهم إلى فهم أعمق للأحداث بناء على أدلة ووثائق موضوعية، فهؤلاء يمكن أن نناقشهم وربما نتعلم منهم.

الأيهم صالح
www.alayham.com

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.