اللقاء الصحفي الاول مع صدام حسين بعد إعدامه

من المعروف عنه قلة أحاديثه الصحفية في حياته ..فكيف لصحفي مغمور أن ينال سبق إجراء لقاء صحفي معه وبعد موته ...هذا ما حصل

طلبت موعدا لاجراء اللقاء فأجابني صدام شخصيا وبمجرد أن قال لي معك الرئيس الشهيد حارس البوابة الشرقية صدام حسين المجيد ...أدركت أن صدام ولد الآن ولم يمت
قال لي صدام بأنه يرغب بتأجيل اللقاء بضعة أيام ريثما يتم تحويله إلى الجنة
فأبديت استغرابي له من ذلك لعلمي أن الشهداء يدخلون بدون "جردة حساب إلى الجنة" ..فقال صدام أن الحكام لهم معاملة خاصة فهم مسؤولون عن كل مواطن ولو أن طريقا جبليا كان محفرا لسألو عنه
ونزولا عند رغبتي حدد لي موعدا بعد يومين

حهزت كاميرتي وآلة التسجيل ...وفي الموعد المحدد أتى مجموعة من الاشخاص ..وقبل أن ارحب بهم لم أشعر إلا بأحدهم يرش مادة أفقدتني كامل وعيي
استفقت بعد مدة لاادري كم هي ...وجدت نفسي في مكان مظلم حاولت النهوض وإذ بي اكاد أقع في هاوية سحيقة لا قرار لها ...أدركت أني في البرزخ ..وماهي إلا لحظات حتى أتى صدام بلحيته البيضاء وشعره الأسود الذي لم اعرف حتى الان إن كان مصبوغا أم طبيبعا ..
كان يرتدي بزته العسكرية وأوسمته ورتبه التي منحها لنفسه ...بالاضافة إلى عقال عربي وكوفية ..ويلف رقبته بلفحة فلسطينية ويحمل بيده اليسرى مصحفا ..وباليمنى السيف المشهور الذي يصر صدام على انه سيف صلاح الدين نفسه

قال لي بلهجة آمرة ...لم لم ترسل لي مسبقا نسخة من أسئلئتك ؟ هل هو اول لقاء لك مع حاكم عربي؟
لم أعرف بما أجيبه ...فأومأ برأسه أن أبدا

سيادة الرئيس : البعض احتفل بإعدامك والبعض الاخر أقام لك مجالس عزاء ماذا تقول لهم
لمن احتفل أقول شكرا لكم فقد صنعتم مني بطلا ومحوتم كل تاريخي وجرائمي ..لم أكن اتخيل أن أحدا سيحزن على يوما حتى ولدي عدي وقصي كنت أرى بأعينهم رغبة بموتي ليستلم أحدهم مكاني ...لقد ذبحت ونكلت وشردت الالاف منهم فما كان منهم إلا مكافئتي بان صنعوا مني بطلا
أنا مقاطعا ..ولكن يقال أن الاميركان هم من أخرجوا طريقة إعدامك وتعمدوا ذلك ...فهل من المعقول أن يفوت جورج بوش بأن طريقة إعدامك ستحويلك إلى بطل ؟
صدام: ..الامريكان لم يدروا مايفعلو بي منذ اعتقالي واحتارو كيف يستفيدو من اعتقالي ومن موتي ..فما كان منهم إلا تسليمي للحكومة لعلمهم أن الحكومة ستتعامل بأغبى طريقة معي وتحقق لهم ما سيعجزو عن تحقيقه هم أنفسهم ...ألم ترى تسمر الالاف من العرب امام شاشات التلفزة عند ظهوري؟ ألم ترى فرحة العيد وقد تحولت لغصة يوم إعدامي ؟ نعم أرادني الاميركان بطلا لأكون نموذجا للشعوب العربية ...فبوجود أبطال مثلي سيبقون راكبين علينا طوال العمر والدهر
ولكن ماذا استفاد الاميركان من إعدامك ؟
الاحرى أن تقول ماذا استفاد العراق من إعدامي...أميركا بإعدامي دفنت أسرار حقبة كاملة أما العراق فمن قتلت له أبا أو أخا أو ابنا فلم ولن يعيد له إعدامي أحدا ...فباستثناء فشة الخلق أول يومين فلا فائدة تزكر ..بينما أصبحت رمزا وبطلا عند الكثيرين ولاجيال متعاقبة ...وهؤلاء هم من سيواصلون قتل من بدأت بقتله
اما أميركا فقد كسبت وعدا من كبار الزعماء الحاليين ببقائها ...هؤلاء الذين عجزوا عن تقديم حتى مجرد امل لاتباعهم بغد أفضل لم يجدوا سوى دمي لاسكات أتباعهم بعض الوقت

بينما أميركا كسبت شرخا عميقا بين السنة والشيعة ...هذا الشرخ الذي عجزت السيارات المفخخة عن تعميقه ..كان إعدامي كافيا لذلك ...
أنا : ولكن ياسيادة الرئيس ..أنت نكلت بالاكراد وهم سنة ...ونكلت بالعراقيين السنة وكنت عادلا بتوزيع بطشك ..منذ متى أصبحت رمزا سنيا ؟
لا داعي لأن اكون رمزا سنيا كي يتعصب لي البعض...يكفي أن اكون عدوا للشيعة حتى اجد الكثير من المتعصبين ليتلقفوني ...ألم ترى وتسمع "مشعان الجبوري " الذي أعدمت أخاه كيف يدافع عني ؟
ولمن أقام مجالس عزاء"
: أقول لهم عزوا أنفسكم ببعضكم ...ولاتحزنوا فبوجود أمثالكم لابد أن يمن الله يوما عليكم بصدام جديد

أنا :
البعض ردد مقتدى مقتدى ...وهتافات حزبية وطائفية وعبارة يعيش محمد باقر الصدر أثناء إعدامك هل شعرت بأنك تدفع ثمن أفعالك ؟
صدام ..على العكس انا أجني ثمن ما فعلته ..فمثلا قتلي لمحمد باقر الصدر كان لإطفاء الشعلة الفكرية والتنورية التي كان يحملها ...وتصرف اتباعه الحاليين خير دليل على نجاحي بذلك ...

أنا : أرجو أن تجبني بصراحة ...ألم تندم وأنت ترى حبل المشنقة يلف عنقك ؟
عندما علمت بموعد إعدامي انتابتني حالة هستيرية ...ولا اخفيك أني تبولت في ملابسي ...حاولت تمالك نفسي لكي لااشمت الحراس بي...لم استطع الصمود خشيت من استهزاء العالم بي وانا أرتجف على المنصة وأنا أوتوسل لهم بإبقائي حيا ...ولكن بفضل خبث الاميركان وخطتهم الملعونة بان أكون رمزا بعد موتي ...كانت الحقنات والادوبة المهدئة كافية لمنحي شجاعة القفز من هذا البرزخ الذي نجلسه عليه دون رفة جفن ..لاأخفيك بانني لم أدر ما يفعلوه بي ساعة إعدامي ..ولكن الان ادركت كل شيء ...
ألست نادم ؟
هل انت مجنون على ماذا أندم ...لقد عشت حياتي ديكتاتورا ومت بطلا وشهيدا ..
وبعد صمت قصير وتنهيدة عميقة ..قال صدام يا بني أن أكثر مايخشاه الديكتاتور هو نهايته ...ونهايتي كانت بطلا وشهيدا
أنا مقاطعا ..ولكن عند البعض وليس الجميع
حتى هذا البعض لم أكن احلم به ...مافعلوه بي هو من جعل البعض يجعلني بطلا ...ويكفيني ان البعض الاخر لم يفرح لموتي ...هذا البعض الاخر آلمهم عدامي ...ليس حبا بي أبدا فهم كانو يتمنون موتي ...آلمهم موتي لعلمهم أنه بإعدامي سأنجو بكل مافعلته ...بل سأتمم مابدأت به من تكسير وتحطيم لمعنوية الانسان الحر ...فهل هنالك ذل لانسان حر أكثر من أن يرى جلاده وديكتاتوره يتحول شهيدا وبطلا ...



يتبع ...
المنتديات

التعليقات

Toha

نعم رحمه الله لقد كان شريكا في اللعبة التي تلعبها امريكا ولولا اشتراكه في هذه اللعبة لما ارتكب كل تلك الجرائم ولكان العراق عظيما وقويا كما كان. الا ان امريكا تبيع اي شخص يتعامل معها.. لكن سؤال لك يا سيد Latakian: كيف حاورته بعد ان مات؟ انا بحب التخييل وضروري للكاتب ولكن عنوانك بيذكرني بالسيد رياض نجيب الريس اللي كتب مقال ونزله احد الزملاء في المنتدى وهو في عنوان لقاء صحفي مع الإمام علي (ع) واللي السيد رياض فيه يسأل سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه أسئلة وياتيه جوابا عليها من الإمام يعني باختصار كلام غريب عجيب. وهون بشوف انو لقاءك الصحفي مباشر مش مع الرئيس الراحل بل مع روحه يعني نفس القكرة حوار وسؤال وجواب لشخص بعد ما طار من الدنيا وطبعا هون لا مجال للمقارنة بين الرئيس وبين حضرة الإمام ولكن الفكرة مشابهة.. فكيف حصلتلي على الأجوبة ممكن اعرف؟

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.