زمن ....... العكاكيز !!!!!

عكاكيز اللغة أو عكاكيز الكلام , هي الكلمات أو المفردات التي يستعين بها المتحدث أثناء الكلام لتعزيز وصول الفكرة و لمساعدة عجز المفردات عن إيصالها!
و لذلك سميت هذه المفردات أو الجمل .. بالعكاكيز!!!
يتعكزعليها البعض لتمرير فاصل زمني كاف من أجل حشد المفردات من جديد و ترتيب الأفكار و تنسيقها و إخراجها بالشكل الذي يخدم وجهة نظر الشخص.

لقد شاع استعمال عكاكيز اللغة أو عكاكيز الكلام في الآونة الأخيرة عند العامة والخاصة من الناس . فأصبح الاستناد عليها و الحاجة إليها أمراً ملحاً بعدما أصبحت استقامة النطق و اللسان و منطق التحليل و براعة الأفكار على محك المرحلة الراهنة!!!

فإذا وضعنا حالتي التلعثم و صعوبة النطق جانباً , كحالتين مرضيتين , نجد أن عكاكيز اللغة و الكلام قد أصبحت اليوم حالة مزمنة و مستشرية إلى أبعد الحدود .
فترانا , نسعى وراء هذه العكاكيز بعدما عجزت ألسنتنا وعقولنا و منطقنا عن إيجاد المفردات المناسبة , للمناسبة!!

فأضحت هذه العكاكيز جزءاً لا ينفصم عن حاجاتنا اليومية الأساسية إلى أن ارتبطت عضوياً بنفوسنا و لغتنا و جوانب حياتنا كافة !

فكما أن لللغة و الكلام عكاكيزهما التي يستعان بها, فإن للاجتماع و الاقتصاد و التاريخ و كذلك الجغرافيا و الدين . وأخيراً و ليس آخراً للسياسة عكاكيزها أيضاً!!

ففي علاقاتنا الاجتماعية مثلاً , نجد أن العكاكيز تشق طريقها للوصول إلى أعماق المتلقي عبر منمقات مستحدثة و مجاملات صورية بائدة و باهتة صفتها تلميع الرخيص و توشية الرديء ببعض بريق الخداع و التعمية وتمويه البالي منها برداء الطهروالعفة بعد أن فقدت الكلمة صدقيتها فأصبحت عاجزة عن النفاذ إلى ضمائر الناس و عقولهم!

اليوم و بالأمس القريب, نرى صوراً قوية عن العكاكيز التي يفصّلها الأفراد و الدوائر و المجتمعات للاتكاء عليها
وقت الحاجة و عند الاستطباب.

فترى المحب و العاشق و المتيم , يضرب بعكاكيزه يميناً و شمالاً عله يحظى بقلب حبيبه أو قريبه أو صاحبه أو صديقه المفترض !!!

و يسعى للفت انتباهه و بالتالي الحصول على المبتغى بنيل الرضى و الحظوة !

فيمتشق لذلك هذه العكاكيز و يلوح بها كما السيوف الخشبية التي يحملها فرسان الطواحين يقارعون بها خيالات العدم و سرابات الرؤية المغشوشة مفتخرون بما أنجزته جولاتهم و صولاتهم من حرفة في الصنع و التنفيذ.

إلا أن العكاكيز , لا تنحصر في محاولة لف المفردات و القفز من فوق الأولويات و تدوير الزوايا و كذلك اجترار كل حروف النصب و الجزم و الجر , بل إنها تظهر في ملامح التصرف و أسلوب العيش بأدواته و ضروراته التي يطلق عليها البعض عبارة " عدة الشغل "!!


لا شك في أن استخدام العكاكيز في علاقاتنا الاجتماعية , يشكل الجانب البارز و الأخطر . إلا أن الاستخدام المتعدد الوجوه لهذه العكاكيز ,طغى على أهمية و خطورة هذه العكاكيز في جانب واحد .

ففي الاقتصاد و العلاقات المالية , نرى عودة قوية لظهور هذه العكاكيز من خلال العناوين و الأدوات و الأفكار الاقتصادية و المالية التي هدفت إلى إفلاس الناس و سرقة لقمة عيشهم عبر عكاكيز اقتصادية و مالية متمثلة بشعارات مثل القروض الميسرة و قروض السكن و الإدخار و كذلك قروض السيارات و كل أشكال القروض و الهبات و المنح التي لا تخطر في بال الإنسان!!

هذه الأفكار التي تم التسويق لها إعلامياً من قبل مجموعات خاصة مهمتها الوحيدة البحث عن العكاكيز المناسبة للولوج في أنماط الحياة و الاستحواذ بعد ذلك على كافة الإمكانيات المتاحة خدمة للبعض الآخر.

و الجدير ذكره هنا , بأن للتاريخ أيضاً عكاكيزه السابقة و اللاحقة التي ترسم وجه المستقبل . ليصبح هذا التاريخ مطية سهلة للمتعكز و المتكئ على أمجاد تاريخية غابرة باهتة أحياناً و واضحة جلية في أحيان أخرى.
و ما الاعتداد بأمجاد هذه الأمة أو تلك و إبراز الجوانب المضيئة من تاريخها . و استيلاد بطولاتها و شخوصها و فحولها على مسرح الظل , إلا فصلا من فصول العرض الذي يستخدم فيه السيناريست العكاكيز مرة أخرى لمراعاة نجاح العمل و خروجه على أنه الشكل الأمثل!

و في الجغرافيا أيضاً , تظهر العكاكيز على شكل أسافين و أوتاد تُدق على الشرائط الحدودية لترسم معالم السياج الوطني المقدس . أسافين رفرفت في نهاياتها المدببة , أعلام أزهوت بألوان و أطياف الفكر و الايديولوجيات التي رسمها لنا قدرنا الاستعماري على حين غرة مستعملاً لغايته عكاكيز الهيبة الوطنية التي ما زالت متداولة إلى يومنا هذا و التي ما زالت قابلة للعيش و الاستمرار في تربة أقل ما يقال عنها , أنها تربة صالحة !

أما في الدين , فحدث ولاحرج عن العكاكيز و التأويلات الطيفيه والطائفية و الشروحات و التفسيرات الهائلة الطائلة التي لم تُنتج سوى المزيد من العجز و ضعف استقامة بصيرة الإنسان تجاه خالقه و باريه!

فالكم المتزايد من عكاكيز الدين , قد أغرق الناس في وحول التفتيش عن ماهيات ثانوية و غايات لا تؤمل و آمال لا تُرجى بعد أن أصبح الالتفاف الضيق و التخندق الذاتي خلف متاريس الغيرة على هذا الدين أو ذاك , سمة أساسية من سمات الاصطفاف و ملمحاً قوياً من ملامح التنابذ بين الأضداد!!

و ماذا عن عكاكيز السياسة ؟

عكاكيز السياسة تشبه إلى حد كبير المنازلات الزجلية التي يستعمل بها المتبارون كل ما تجود بها قرائحهم من مفردات و عبارات و صور من أجل القضاء على الخصوم و بيان فشلهم في مجاراة عمالقة و فطاحل الزجل !!

لذلك , نرى السياسي يستعرض هِممه و برامجه و تطلعاته في قيادة المجتمعات و الدول من خلال مفردات و شعارات وعبارات يمكن أن نطلق عليها صفة العكاكيز التي تُستخدم للعبور إلى المستقبل!

فالشرح المسهب و الاستعراض الواسع الذي يقدمه هذا السياسي أو ذاك حول معاني الحرية و الديمقراطية و الليبرالية و الوحدوية و الاشتراكية و الشيوعية و الرأسمالية وووو ... من زاوية فلسفية بحتة , ما هو إلا محاولات حثيثة لإشغال أكبر مساحة ممكنة من عقول العامة بفكرة أهمية و ضروريات هذه العكاكيز في مجالات حياة الأفراد و الرعايا . و كذلك جدوى هذه العكاكيز في الانتقال و القفز بخطوات واسعة نحو الغد المشرق!!!!

نعم . هذا ما أمسى عليه واقعنا من خَرَف و وهن و ضعف أصبح معه استعمال العكاكيز أمراً بل شراً لا بد منه. عوضاً عن الصدق و الاستقامة و تسمية الأشياء بمسمياتها بلا مناورات و بلا مواربات

إنه و باختصار زمن .... العكاكيز بامتياز !!!
المنتديات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.