كابوس

أين أعيش ؟
ردني سؤاله إلى واقع مروع . أعيش في ساحة حرب ولا املك أي سلاح ولا أتقن استعمال أي شيء غير هذا النحيل الراكض على الورق بين أصابعي تاركاً سطوره المرتجفة كآثار دماء جريح يزحف فوق حقل مزروع بالقطن الأبيض .
أين أعيش ؟ يبدو إنني اسكن بيتاً من الشعر (بكسر الشين) . وسادتي محشوة بالأساطير ، وغطائي مجلدات فلسفية ، وكل ثوراتي وقتلاي تحدث في حقول الأبجدية وقذائف اللغة.
أين تعيشين؟ ودوى انفجار .. وشعرت بوخزة : لماذا لم أتعلم المقاتلة بالسلاح - لا بالقلم وحده - من اجل ما أؤمن به ...؟ كم هو خافت صوت صرير قلمي على الورق حين يدوي صوت انفجار ما ..وقررت : أن الوقت ليس وقتاً لتقريع الذات على عادة الأدباء الذين يقعون في ازمة ضمير كلما شب قتال ويشعرون بلا جدوى القلم ... المهم أن أعيش ، فالحياة هي وحدها الضمان لتصليح أي خطأ إذا اقتنعت فيما بعد إنني على خطأ..والوقت ليس وقت مراجعة ذاتية أو حوارات فلسفية .. كانت الانفجارات تتلاحق ، وقررت أن أواجه الواقع الملموس حالياً وان احدد موقعي من ساحة الحرب بطريقة عسكرية ، وإحصائية !

كوابيس بيروت
غادة السمان

[ تم تحريره بواسطة منار وسوف on 11/9/2005 ]

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.