في سورية، يستشري الفساد لدرجة هائلة، بحيث لا يمكنك أن تفعل أي شيء دون دفع ثمن له، ويمكنك أن تفعل كل شيء بمجرد دفع الثمن المناسب له.
وقد أشار نبيل فياض سابقا في كتاباته إلى وجود جهة مستعدة لدفع ثمن إسكاته بأية طريقة، وذكر تجارب سابقة لهذه الجهة التي حاولت اضطهاده بكل الأساليب، انطلاقا من تهديده بشكل شخصي، ووصولا إلى تلفيق التهم له وشراء ضباط الأمن في محاولة لتوقيفه.
ومثل عادتهم دائما، يعمل الفاسدون بمنطق العرض والطلب، فكلما كان الطلب كبيرا كان السعر المطلوب أكبر، ولأن نبيل فياض كبير في سوريا كباحث أكاديمي وكمثقف ليبرالي وكمدافع عن حقوق الأقليات، فقد كان الثمن الذي يطلبه الأمن كبيرا لتوقيفه، ولم يوجد في سورية من يقدر على دفعه.
في الفترة الأخيرة بدأ نبيل فياض بتناول رموز الفساد السوري بالاسم، وحاول بعض هؤلاء اللجوء إلى الأجهزة الأمنية لاعتقاله، ووصل الأمر ببعضهم إلى إرسال مقالاته بشكل شخصي إلى رؤساء الفروع الأمنية ممهورة بالخاتم الذي يستخدم لختم الظروف الرسمية. ولكن لم يقم أحد من رؤساء الفروع باعتقاله، ربما لأنهم كما يقول نبيل فياض، يعرفون أن قلمه لا يشكل خطرا إلا على أعداء سورية، وربما لأنهم يعرفون أن نبيل لا يقبل الابتزاز، وأنه مضطر للعمل كصيدلاني لكسب قوت يومه، ولذلك لن يتمكنوا من حلبه وامتصاص بعض الألوف من الليرات. وهكذا استمر نبيل في الكتابة مستفيدا من عدم وجود مصلحة للأمن باعتقاله، وعدم وجود من يدفع ثمن هذا الاعتقال.
نفس الأفكار تنطبق على حالة جهاد نصرة، فهو لم يتعرض للاعتقال أو حتى المساءلة بعد تنديده بجريمة القتل التي ارتكبها أحد أبناء عم الرئيس الأسد في القرداحة. الجهة المتضررة من كتاباته هي بدون شك الجهة المتضررة من غربلة المقدسات، ومن نفس الحرية والاعتدال الذي يفوح من مقالاته. ولأن جهاد نصرة كبير في نظر الكتاب والمثقفين السوريين، فقد كان ثمن اعتقاله باهظا لا يقدر المتضررون من كتاباته على دفعه.
هذه هي حالة الحرية التي يعيشها المثقفون والكتاب في سورية، طالما أنك لا تحمل جهاز موبايل، وتنتقل بالسيرفيس، ولا تملك رصيدا مصرفيا يمكن أن يطمع به أحد، لن يقربوك حتى يأتي من يدفع لهم الثمن المناسب.
ولكن، من الذي دفع ثمن اعتقال نبيل وجهاد أخيرا؟
أعتقد أن نبيل وجهاد لا يشكلان خطرا كبيرا على أحد ليدفع ثمنا باهظا لهما، صحيح أن هناك متضررين من كتاباتهما، وربما أكتب عن هؤلاء المتضررين لاحقا، ولكن كل الأضرار لا تكفي لدفع ثمن باهظ، ولذلك أتوقع أن هناك من خفض السعر لأنه بحاجة إلى مال، وربما كان يريد دفعة كبيرة لدفع ثمن ترقية، أو لتجنب تجريده من صلاحياته، أو للحصول على حقنة إضافية من السلطة.
لا أملك أي دليل على هذه الفرضية، وهي مجرد استقراء للواقع بناء على نظرتي للمجتمع وللحكومة في سورية، وآمل أن تستنفذ تلك الجهة التي دفعت الثمن أموالها بسرعة، فيخرج نبيل وجهاد إلى الحرية من جديد.
الأيهم صالح
www.alayham.com
اللاذقية ـ سورية
وقد أشار نبيل فياض سابقا في كتاباته إلى وجود جهة مستعدة لدفع ثمن إسكاته بأية طريقة، وذكر تجارب سابقة لهذه الجهة التي حاولت اضطهاده بكل الأساليب، انطلاقا من تهديده بشكل شخصي، ووصولا إلى تلفيق التهم له وشراء ضباط الأمن في محاولة لتوقيفه.
ومثل عادتهم دائما، يعمل الفاسدون بمنطق العرض والطلب، فكلما كان الطلب كبيرا كان السعر المطلوب أكبر، ولأن نبيل فياض كبير في سوريا كباحث أكاديمي وكمثقف ليبرالي وكمدافع عن حقوق الأقليات، فقد كان الثمن الذي يطلبه الأمن كبيرا لتوقيفه، ولم يوجد في سورية من يقدر على دفعه.
في الفترة الأخيرة بدأ نبيل فياض بتناول رموز الفساد السوري بالاسم، وحاول بعض هؤلاء اللجوء إلى الأجهزة الأمنية لاعتقاله، ووصل الأمر ببعضهم إلى إرسال مقالاته بشكل شخصي إلى رؤساء الفروع الأمنية ممهورة بالخاتم الذي يستخدم لختم الظروف الرسمية. ولكن لم يقم أحد من رؤساء الفروع باعتقاله، ربما لأنهم كما يقول نبيل فياض، يعرفون أن قلمه لا يشكل خطرا إلا على أعداء سورية، وربما لأنهم يعرفون أن نبيل لا يقبل الابتزاز، وأنه مضطر للعمل كصيدلاني لكسب قوت يومه، ولذلك لن يتمكنوا من حلبه وامتصاص بعض الألوف من الليرات. وهكذا استمر نبيل في الكتابة مستفيدا من عدم وجود مصلحة للأمن باعتقاله، وعدم وجود من يدفع ثمن هذا الاعتقال.
نفس الأفكار تنطبق على حالة جهاد نصرة، فهو لم يتعرض للاعتقال أو حتى المساءلة بعد تنديده بجريمة القتل التي ارتكبها أحد أبناء عم الرئيس الأسد في القرداحة. الجهة المتضررة من كتاباته هي بدون شك الجهة المتضررة من غربلة المقدسات، ومن نفس الحرية والاعتدال الذي يفوح من مقالاته. ولأن جهاد نصرة كبير في نظر الكتاب والمثقفين السوريين، فقد كان ثمن اعتقاله باهظا لا يقدر المتضررون من كتاباته على دفعه.
وعندما حاول أعداء الحرية التي يمارسها نبيل وجهاد دفع ثمن لتسبيب بعض الإزعاج لهما، تعرض نبيل لاستدعاء مشابه لاستدعاء الكاتب عبد الرزاق عيد، ولو أنه يبدو أنه في حالة عبد الرزاق عيد دفع الزبون دفعة ثانية مقابل تحويله إلى المحكمة العسكرية.
هذه هي حالة الحرية التي يعيشها المثقفون والكتاب في سورية، طالما أنك لا تحمل جهاز موبايل، وتنتقل بالسيرفيس، ولا تملك رصيدا مصرفيا يمكن أن يطمع به أحد، لن يقربوك حتى يأتي من يدفع لهم الثمن المناسب.
ولكن، من الذي دفع ثمن اعتقال نبيل وجهاد أخيرا؟
أعتقد أن نبيل وجهاد لا يشكلان خطرا كبيرا على أحد ليدفع ثمنا باهظا لهما، صحيح أن هناك متضررين من كتاباتهما، وربما أكتب عن هؤلاء المتضررين لاحقا، ولكن كل الأضرار لا تكفي لدفع ثمن باهظ، ولذلك أتوقع أن هناك من خفض السعر لأنه بحاجة إلى مال، وربما كان يريد دفعة كبيرة لدفع ثمن ترقية، أو لتجنب تجريده من صلاحياته، أو للحصول على حقنة إضافية من السلطة.
لا أملك أي دليل على هذه الفرضية، وهي مجرد استقراء للواقع بناء على نظرتي للمجتمع وللحكومة في سورية، وآمل أن تستنفذ تلك الجهة التي دفعت الثمن أموالها بسرعة، فيخرج نبيل وجهاد إلى الحرية من جديد.
الأيهم صالح
www.alayham.com
اللاذقية ـ سورية
إضافة تعليق جديد