هناك في وسط الحقل على ضفة جدول بلوري رأيت قفصا حبكت ضلوعه يد ماهرة . و في إحدى زوايا القفص عصفور ميت و في زاوية أخرى جرن جف ماؤه و جرن نفدت بذوره .
فوقفت و قد امتلكتني السكينة و أصغيت صاغرا كأن في الطائر الميت و صوت الجدول عظة تستنطق الضمير و تستفسر القلب . و تأملت فعلمت أن ذلك العصفور الصغير قد صارع الموت عطشا و هو بجانب مجاري المياه , و غالبه جوعا و هو في وسط الحقول التي هي مهد الحياة كغني أقفلت عليه أبواب خزائنه فمات جوعا بين الذهب .
و يعد هنيهة رأيت القفص قد انقلب فجأة و صار هيكل إنسان شفافا , و تحول الطائر الميت إلى قلب بشري فيه جرح عميق يقطر دما قرمزيا و قد حاكت جوانب الجرح شفتي امرأة حزينة .
ثم سمعت صوتا خارجا من الجرح مع قطرات الدماء قائلا : أنا هو القلب البشري أسير المادة و قتيل شرائع الإنسان الترابي . في وسط حقل الجمال , على ضفة ينابيع الحياة , أسرت في قفص الشرائع التي سنها الإنسان للشواعر . على مهد محاسن المخلوقات بين أيدي المحبة مت مهملا , لإن ثمار تلك المحاسن و نتاج هذه المحبة قد حرما علي . كل ما يشوقني صار بعرف الإنسان عارا , و جميع ما أشتهيه أصبح في قضائه مذلة.
أنا القلب البشري قد حبست في ظلمة سنن الجامعة فضعفت , و قيدت بسلاسل الأوهام فاحتضرت , و أهملت في زوايا غي المدنيّة فقضيت و لسان الإنسانية منعقد و عيونها ناشفة و هي تبتسم.
سمعت هذه الكلمات و رأيتها خارجة مع قطرات الدم من ذلك القلب الجريح , و بعد ذلك لم أعد أرى شيئا و لم أسمع صوتا فرجعت إلى حقيقتي.
جبران خليل جبران
(من مجموعة دمعة و ابتسامة)
فوقفت و قد امتلكتني السكينة و أصغيت صاغرا كأن في الطائر الميت و صوت الجدول عظة تستنطق الضمير و تستفسر القلب . و تأملت فعلمت أن ذلك العصفور الصغير قد صارع الموت عطشا و هو بجانب مجاري المياه , و غالبه جوعا و هو في وسط الحقول التي هي مهد الحياة كغني أقفلت عليه أبواب خزائنه فمات جوعا بين الذهب .
و يعد هنيهة رأيت القفص قد انقلب فجأة و صار هيكل إنسان شفافا , و تحول الطائر الميت إلى قلب بشري فيه جرح عميق يقطر دما قرمزيا و قد حاكت جوانب الجرح شفتي امرأة حزينة .
ثم سمعت صوتا خارجا من الجرح مع قطرات الدماء قائلا : أنا هو القلب البشري أسير المادة و قتيل شرائع الإنسان الترابي . في وسط حقل الجمال , على ضفة ينابيع الحياة , أسرت في قفص الشرائع التي سنها الإنسان للشواعر . على مهد محاسن المخلوقات بين أيدي المحبة مت مهملا , لإن ثمار تلك المحاسن و نتاج هذه المحبة قد حرما علي . كل ما يشوقني صار بعرف الإنسان عارا , و جميع ما أشتهيه أصبح في قضائه مذلة.
أنا القلب البشري قد حبست في ظلمة سنن الجامعة فضعفت , و قيدت بسلاسل الأوهام فاحتضرت , و أهملت في زوايا غي المدنيّة فقضيت و لسان الإنسانية منعقد و عيونها ناشفة و هي تبتسم.
سمعت هذه الكلمات و رأيتها خارجة مع قطرات الدم من ذلك القلب الجريح , و بعد ذلك لم أعد أرى شيئا و لم أسمع صوتا فرجعت إلى حقيقتي.
جبران خليل جبران
(من مجموعة دمعة و ابتسامة)
المنتديات
إضافة تعليق جديد