بسم الله الرحمن الرحيم
ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل* ألم يجعل كيدهم في تضليل* وأرسل عليهم طيراً أبابيل* ترميهم بحجارة من سجيل* فجعلهم كعصفٍ مأكول* ( صدق الله العظيم ).
ولد النبي الكريم محمد ( صلى ) في عام الفيل بعد خمسين يوماً من واقعة الفيل . عندما جاء أبرهه الحبشي الأشرم من الحبشة إلى مكة المكرمة ليهدم الكعبة . أبرهه هذا الذي أراد أن يبني في عاصمة ملكه " صنعاء " كعبة كالتي في مكة المكرمة كي يصرف الناس عن الذهاب إليها واستبدالها بكعبة صنعاء !
فجاء أعرابي من الجزيرة العربية إلى صنعاء ونزل بكعبتها المزعومة مما أغضب أبرهة الحبشي الأشرم وقال حينها :
" لآتين الكعبة و لأهدمنها " . وجهز جيشاً كبيراً وتوجه نحو مكة المكرمة لهدم الكعبة الشريفة!
كان قوام جيش أبرهة الحبشي الأشرم في أغلبه من الفيله يتقدمهم فيل كبير ضخم وعظيم . فلما وصل إلى ظاهر مكة المكرمة , طلب زعيمها " عبد المطلب " بعدما كان أبرهة قد استولى على مائتي ناقة من قطيعه .
حضر " عبد المطلب " إلى عند أبرهه ولم يحدثه إطلاقاً عن غزو الكعبة وعن هدمها بل قال له :" أريد أن ترد لي إبلي ".
عجب أبرهة الحبشي أشد العجب وقال :" أنا أتيت لهدم كعبتكم ومقدساتكم ولهدم دينكم ولهدم مكان حجكم وتقول لي رد لي إبلي "!
قال عبد المطلب :" أنا رب الإبل , وإن للكعبة رب يحميها ".
هنا طلب أبرهة الحبشي الأشرم من جيشه التقدم نحو الكعبة للبدء في هدمها وكان ذلك الفيل الضخم الكبير يتقدم كل ذاك الجيش . فلما أراد قائده توجيهه نحو الكعبة رفض و وتوقف واستنكف عن السير ولم يتقدم قيد أنملة . وحينما كان يديره عنها يسير بكل يسر وسهولة . ثم يعيد المحاولة فيدفع الفيل مرة أخرى صوب الكعبة فيتيبس الفيل في أرضه ويرفض السير .
لقد دُمِر جيش أبرهة الحبشي في ذاك اليوم الذي لا ينسى دماراً هائلاً . حيث أصاب الجدري كل أفراده و قادته وعاد أبرهة خائراً خاسراً .
لقد أرسل الله عز و جل طير الأبابيل التي سحقت جيش أبرهة الحبشي . هذه الطيور التي لم تكن لتتجرأ على الطير منفردة لضعفها و خوفها لذلك كانت تعمد دائماً للطير في جماعات . لقد ألقت هذه الطيور الحجارة على جيش أبرهة الحبشي لتجعله كعصفٍ مأكول للدلالة على قدرة الله عز و جل على هزم أكبر و أعتى الجيوش بأضعف كائناته وهي طيور الأبابيل !
أما السجيل , فهو حجر من طين قاس . يقول البعض أن السجيل هو حجر مسجل عليه اسم كل من سيسقط عليه هذا الحجر من السماء . هذه الحجارة التي تتساقط على رؤوس هؤلاء كالقذائف و الصواريخ .
أما العصف المأكول , فهو روث البهائم و الحيوانات . أي أن القدرة قد جعلتهم بعد ذلك كروث البهائم وهو تعبير عن الضعف و الإهانة .
لقد وقف عبد المطلب أمام أبرهة الحبشي ليعلن له أنه متأكد من قدرة الله عز وجل على حماية كعبته لأنه ربها . ولكن إبله بحاجة للحماية من قبل ربها لذلك قال له :" رد لي إبلي فأنا ربها . وللكعبة رب يحميها " .
هذه الصورة العالية التي قدمها لنا عبد المطلب تعطينا فكرة واضحة عن ورود كلمة " رب " في كثير من نواحي حياتنا وعملنا ما عدا في كلمة " رب العالمين " .
فما عدا هذه العبارة , يمكنن إدراج كلمة رب إلى جانب كثير من الصفات و الكلمات لذلك يمكننا القول مثلاً : رب الأسرة أو رب العمل أو رب المصنع إلخ ...
و كلمة " رب " هنا أتت للتأكيد على ضرورة توفير الحماية و الرعاية و لهؤلاء الذين ينضوون تحت لواء المجموعة التي ينتمي إليها أفرادها . فرب الأسرة عليه أن يوفر الحماية و الدعم و الرعاية لجميع أفراد أسرته على الدوام و السهر على مصلحتهم .
و رب العمل عليه أن يفعل نفس الشيء مع عماله و موظفيه .
وكما أن لرب الأسرة و العمل واجبات فإن له الحقوق نفسها أيضاً . فحقه على أسرته أن تهبه السعادة و الراحة و الاطمئنان وحسن الخلق و التربية. وحقه على عماله أن يهبوه الصدق في العمل و الاجتهاد في العطاء و الإتقان فيه .
كلنا أرباب في هذه الحياة وعليه, فإن من واجبنا حماية ورعاية ما نحن أرباب عليه .
ويا لها من مصيبة إن حصل واختلت هذه المعادلة التي تجسد أحد أقدم قوانين الشرع و الطبيعة . فإن في اختلالها خراب الأمم وخراب العلاقات البشرية و الإنسانية بل وخراب الكون كله .
فكما أن لكل شيء رب , فإن للوطن رب أيضاً و رب الوطن هو "روح القانون" الذي يقع على عاتقه حماية الناس و توفير الرعاية و الطمأنية عبر أدواته ومؤسساته . كما أن للرعية واجبات كبرى أمام هذه الروح التي لا تغفل عن إعطاء كل ذي حق حقه !
لا يمكن أن تتوفر الحماية لأبناء الوطن الواحد إلا بوجود الروح التي تطبق القانون على جميع الأبناء بكافة انتماءاتهم وكافة اتجاهاتهم . كي يشعر الجميع بأنهم على نفس المسافة من الطموحات و الآمال التي تنعقد في عقولهم و الواجبات التي تقع على كواهلهم .
وكما هي الشفافية مطلوبة في العلاقة بين رب الأسرة و بقية أفرادها وبين رب العمل من جهة وطاقم عمله من جهة ثانية, فإن الشفافية مطلوبة أيضاً بين روح القانون و تطبيقه من جهة وبين الرعية على اختلاف مشاربهم من جهة ثانية . كي لا يتحول الأمر في حال غيابها إلى وضع المبررات والعراقيل و الحجج و التعديلات و الأساليب في سياق العيش و المواطنه . لعدم إحساس البعض على طرفي المعادلة بشيء ندعوه اليوم " الغبن "!!!
ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل* ألم يجعل كيدهم في تضليل* وأرسل عليهم طيراً أبابيل* ترميهم بحجارة من سجيل* فجعلهم كعصفٍ مأكول* ( صدق الله العظيم ).
ولد النبي الكريم محمد ( صلى ) في عام الفيل بعد خمسين يوماً من واقعة الفيل . عندما جاء أبرهه الحبشي الأشرم من الحبشة إلى مكة المكرمة ليهدم الكعبة . أبرهه هذا الذي أراد أن يبني في عاصمة ملكه " صنعاء " كعبة كالتي في مكة المكرمة كي يصرف الناس عن الذهاب إليها واستبدالها بكعبة صنعاء !
فجاء أعرابي من الجزيرة العربية إلى صنعاء ونزل بكعبتها المزعومة مما أغضب أبرهة الحبشي الأشرم وقال حينها :
" لآتين الكعبة و لأهدمنها " . وجهز جيشاً كبيراً وتوجه نحو مكة المكرمة لهدم الكعبة الشريفة!
كان قوام جيش أبرهة الحبشي الأشرم في أغلبه من الفيله يتقدمهم فيل كبير ضخم وعظيم . فلما وصل إلى ظاهر مكة المكرمة , طلب زعيمها " عبد المطلب " بعدما كان أبرهة قد استولى على مائتي ناقة من قطيعه .
حضر " عبد المطلب " إلى عند أبرهه ولم يحدثه إطلاقاً عن غزو الكعبة وعن هدمها بل قال له :" أريد أن ترد لي إبلي ".
عجب أبرهة الحبشي أشد العجب وقال :" أنا أتيت لهدم كعبتكم ومقدساتكم ولهدم دينكم ولهدم مكان حجكم وتقول لي رد لي إبلي "!
قال عبد المطلب :" أنا رب الإبل , وإن للكعبة رب يحميها ".
هنا طلب أبرهة الحبشي الأشرم من جيشه التقدم نحو الكعبة للبدء في هدمها وكان ذلك الفيل الضخم الكبير يتقدم كل ذاك الجيش . فلما أراد قائده توجيهه نحو الكعبة رفض و وتوقف واستنكف عن السير ولم يتقدم قيد أنملة . وحينما كان يديره عنها يسير بكل يسر وسهولة . ثم يعيد المحاولة فيدفع الفيل مرة أخرى صوب الكعبة فيتيبس الفيل في أرضه ويرفض السير .
لقد دُمِر جيش أبرهة الحبشي في ذاك اليوم الذي لا ينسى دماراً هائلاً . حيث أصاب الجدري كل أفراده و قادته وعاد أبرهة خائراً خاسراً .
لقد أرسل الله عز و جل طير الأبابيل التي سحقت جيش أبرهة الحبشي . هذه الطيور التي لم تكن لتتجرأ على الطير منفردة لضعفها و خوفها لذلك كانت تعمد دائماً للطير في جماعات . لقد ألقت هذه الطيور الحجارة على جيش أبرهة الحبشي لتجعله كعصفٍ مأكول للدلالة على قدرة الله عز و جل على هزم أكبر و أعتى الجيوش بأضعف كائناته وهي طيور الأبابيل !
أما السجيل , فهو حجر من طين قاس . يقول البعض أن السجيل هو حجر مسجل عليه اسم كل من سيسقط عليه هذا الحجر من السماء . هذه الحجارة التي تتساقط على رؤوس هؤلاء كالقذائف و الصواريخ .
أما العصف المأكول , فهو روث البهائم و الحيوانات . أي أن القدرة قد جعلتهم بعد ذلك كروث البهائم وهو تعبير عن الضعف و الإهانة .
لقد وقف عبد المطلب أمام أبرهة الحبشي ليعلن له أنه متأكد من قدرة الله عز وجل على حماية كعبته لأنه ربها . ولكن إبله بحاجة للحماية من قبل ربها لذلك قال له :" رد لي إبلي فأنا ربها . وللكعبة رب يحميها " .
هذه الصورة العالية التي قدمها لنا عبد المطلب تعطينا فكرة واضحة عن ورود كلمة " رب " في كثير من نواحي حياتنا وعملنا ما عدا في كلمة " رب العالمين " .
فما عدا هذه العبارة , يمكنن إدراج كلمة رب إلى جانب كثير من الصفات و الكلمات لذلك يمكننا القول مثلاً : رب الأسرة أو رب العمل أو رب المصنع إلخ ...
و كلمة " رب " هنا أتت للتأكيد على ضرورة توفير الحماية و الرعاية و لهؤلاء الذين ينضوون تحت لواء المجموعة التي ينتمي إليها أفرادها . فرب الأسرة عليه أن يوفر الحماية و الدعم و الرعاية لجميع أفراد أسرته على الدوام و السهر على مصلحتهم .
و رب العمل عليه أن يفعل نفس الشيء مع عماله و موظفيه .
وكما أن لرب الأسرة و العمل واجبات فإن له الحقوق نفسها أيضاً . فحقه على أسرته أن تهبه السعادة و الراحة و الاطمئنان وحسن الخلق و التربية. وحقه على عماله أن يهبوه الصدق في العمل و الاجتهاد في العطاء و الإتقان فيه .
كلنا أرباب في هذه الحياة وعليه, فإن من واجبنا حماية ورعاية ما نحن أرباب عليه .
ويا لها من مصيبة إن حصل واختلت هذه المعادلة التي تجسد أحد أقدم قوانين الشرع و الطبيعة . فإن في اختلالها خراب الأمم وخراب العلاقات البشرية و الإنسانية بل وخراب الكون كله .
فكما أن لكل شيء رب , فإن للوطن رب أيضاً و رب الوطن هو "روح القانون" الذي يقع على عاتقه حماية الناس و توفير الرعاية و الطمأنية عبر أدواته ومؤسساته . كما أن للرعية واجبات كبرى أمام هذه الروح التي لا تغفل عن إعطاء كل ذي حق حقه !
لا يمكن أن تتوفر الحماية لأبناء الوطن الواحد إلا بوجود الروح التي تطبق القانون على جميع الأبناء بكافة انتماءاتهم وكافة اتجاهاتهم . كي يشعر الجميع بأنهم على نفس المسافة من الطموحات و الآمال التي تنعقد في عقولهم و الواجبات التي تقع على كواهلهم .
وكما هي الشفافية مطلوبة في العلاقة بين رب الأسرة و بقية أفرادها وبين رب العمل من جهة وطاقم عمله من جهة ثانية, فإن الشفافية مطلوبة أيضاً بين روح القانون و تطبيقه من جهة وبين الرعية على اختلاف مشاربهم من جهة ثانية . كي لا يتحول الأمر في حال غيابها إلى وضع المبررات والعراقيل و الحجج و التعديلات و الأساليب في سياق العيش و المواطنه . لعدم إحساس البعض على طرفي المعادلة بشيء ندعوه اليوم " الغبن "!!!
المنتديات
إضافة تعليق جديد