المراهقة السياسية بين النضوج و...... البلوغ!
يمكن تعريف المراهقة بمعناها العام على أنها مرحلة حاسمة من الحياة الإنسانية وهي المرحلة التي تثمر فيها العواطف الجنسية و الأخلاقية لتصل إلى حالة النضج . و تعتبر المراهقة وفقاً لهذه المفاهيم فترة زمنية تتميز بالتمرد الهدام أو الانتقال المزعج بين الطفولة و الرشد!
ومنهم من بالغ بالوصف على أنها مرحلة عواطف نفسية بل مرحلة جنون بحيث يمكن اعتبار جميع المراهقين على أنهم مرضى و يحتاجون إلى علاج نفسي وطبي بوصف الفترة التي يمر بها المراهق بأنها فترة عواصف و توتر وشدة تكتنفها الأزمات النفسية و تسودها المعاناة والإحباط والقلق والصراعات و المشكلات وصعوبات في التوافق مع الآخرين!
وبالتالي, فإن علامات الوعي و الإدراك والتقدير والحكمة في التعاطي مع المشكلات والأزمات والصراعات والإحباط والقلق غائبة لدى المراهق!
وإن كان للساسة في أطرهم الزمنية و الشخصية و التاريخية فترات من المراهقة السياسية تتجلى فيها الأعراض الصريحة و القوية لكلمة المراهقة , فإن من الواضح أيضاً أن بعض ساسة المنطقة و العالم يعيشون اليوم زمن مراهقتهم إلى جانب بعض أشرس عتاة و حكام و إرهابيي التاريخ و العصر!!
ألم تكن الطموحات العدوانية لأدولف هتلر وحزبه النازي في بسط السيطرة على أوروبا و العالم من بعد ذلك إلا مراهقة نازية فاشية ؟
وماذا عن الحادي عشر من ايلول وابن لادن وأيمن الظواهري ومن بعده الزرقاوي . ألم يكن كل ذلك مراهقة إرهابية ؟
وما تلى ذلك من احتلال لافغانستان و العراق بحجة القضاء على تجربة المراهقة الإرهابية بمراهقة عسكرية و سياسية كان عنوانها العريض إضافةً إلى كل أعراض المراهقة الوصفية , مزيد من الكذب وتغييم الوعي العالمي حول فكرة الغزو ومبرراته!!
وماذا عن الجدار الواقي في فلسطين المحتلة الذي ألتهم آلاف الدونمات من المساحات الزراعية بحجة ردع المقاومة الفلسطينية و حماية شعب و أرض اسرائيل من الاعتداءات الخارجية والضربات الموجعة التي تتلقاها المستوطنات المقامة على الأراضي العربية . ألم تكن فكرة شارون هذه مراهقة أسطورية ؟
أما على المستوى العربي . ماذا يمكن وصف ما جرى في الخرطوم مؤخراً من غياب لرجال القرار العربي عن المؤتمر وعن الجلسة الختامية لقراءة البيان الختامي للمؤتمر الذي يتوج نشاطات وطاقات انعقاد هذا المؤتمر الرفيع المستوى . ألا يندرج ذلك تحت تعريف المراهقة الغير مسؤولة والغير ناضجة ؟
وفي لبنان القريب .. البعيد , من استعراض دائم على مدار الساعة لحلقات من التكذيب و الاتهام و التراشق و الشتم المتبادل بين أطراف الحكم . أليس ذلك مراهقة دولة وحكم ؟
ألا يعكس القول بدايةً في الذهاب إلى الخرطوم بوفد واحد ومن ثم رفض الجلوس كوفد واحد في القاعة خلف كرسي لبنان حالة من المراهقة ؟
ورفض المبادرة العربية على أنها أفكار سورية ومن ثم الاعتراف بها والأسف على عدم قبولها لاحقاً ومن ثم الإقرار بها أخيراً على أنها السبيل الوحيد لإعادة المياه إلى مجاريها بين سورية و لبنان . أليست مراهقة ؟
وماذا عن دعم المقاومة في التحالف الرباعي ومن بعده نكس الوعود بالقول أن أسباب المقاومة لم تعد محط إجماع كل اللبنانيين ومن بعد ذلك التوافق على حق لبنان في المقاومة على طاولة الحوار و قبله في البيان الوزاري ومن ثم عودة البعض إلى السعي لعدم إدراج بند المقاومة في البيان الختامي لمؤتمر الخرطوم . وماذا عن مزارع شبعا . ؟ القول أولاً أن المزارع سورية وتبيين الخرائط التي تؤكد تابعيتها السورية ومن ثم التوافق على طاولة الحوار على لبنانية شبعا ! أليس كل ذلك إلا مراهقة وطنية ؟
إن القول أن لبنان لم يولد بعد , فهذا كلام صحيح . لأن لبنان عاش ويعيش حالة من المراهقة السياسية والفكرية و الطوائفية و المناطقية حتى هذه الساعة وإلى المدى الذي سيبقي لبنان في مرحلة الولادة الأولى وليس مرحلة الولادة الثانية !!!
أما المشكلة الكبيرة في كون المراهقة عند البعض تمتد إلى فترات زمنية طويلة تكاد تصل إلى عقود و عصور في بعض الأحيان يدفع خلالها عامة الشعب أثماناً باهظة ودماء وصراعات دامية من جراء القرارات التي تكتنفها الشدة و التوتر وتسودها المعاناة و الإحباط و الصراعات و المشكلات و الصعوبات في عدم القدرة على التوافق مع الآخرين !
أما حول العالم , ألم تكن مبررات غزو افغانستان ومن ثم العراق في جلسات مجلس الأمن الدولي إلا صورة من صور المراهقة الدبلوماسية !
وماذا عن الرسومات الأخيرة للرسول الكريم . ألم تكن مراهقة صحافية؟
وكما جاء الرد عليها أحياناً إلا مراهقة ثقافية!
وماذا عن الاتصال الهاتفي بين بوش وبلير الذي أعلن فيه الأول للثاني عن نيته في ضرب مقر قناة الجزيرة الفضائية في الدوحة . أوليس ذلك مراهقة كلامية بل و فعلية أيضاً ؟
وأخيراً وليس آخراً. ماذا عن الوضع السوري ؟
أوليست صورة الفساد المستشري في نواحي الحياة العامة و المؤسساتيه إلا ضرباً من ضروب المراهقة الوطنية وصنفاً من صنوف الفعل الصبياني الغير مدرك لخطورة المرحلة ولأهمية إصدار القرارات التي تمس مساساً مباشراً حياة و مستقبل العيش للوطن و المواطن !
ألا يعكس صدور القرار الغير مسؤول عن بعض الجهات الوزارية و غير الوزارية إلا حالة من حالات المراهقة الوزارية و المؤسساتيه التي تحكمها الكيدية و النفعية و الجهل بمقتضيات المصلحة العامة و المصالح الفردية لكل مواطن سوري ؟
اعتقد أن بقاعاً من الوطن و المنطقة و العالم تشهد اليوم حالة من المراهقة السياسية و العسكرية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية . قدَرُ الشعوب فيها الجلوس خلف شاشات التلفاز لمتابعة المسلسلات الهزلية و العروض و الصراعات المبتذلة بعدما أصبح هذا التلفاز الشريك الإجباري لكل بيت ولكل أسرة!
غير أن للمراهقة سنيها وأزمانها ومراحلها . فما أن تنتهي هذه الفترة , حتى يبدأ بزوغ العقل وحصول التوازن النفسي و زوال حالة القلق و التوتر و التمرد الهدّام !
إلا أن امتداد هذه المدة و تطاولها بل و استدامتها , يدعونا للتفكير في تشخيص الحالة على أنها مرض عضوي يحتاج إلى الطرائق العلاجية كونه يندرج تحت عنوان عدم النضوج الفكري !
هذا يدعونا إلى اعتبار حالة المراهقة السائدة في كثير من بقاع العالم قد تحولت من مرحلة زمنية إلى مرحلة مزمنة بل و دائمة تتوافق مع أعراض الإعاقة بجميع أشكالها . حيث يجب علينا هنا التمييز ما بين الإعاقة التي أعنيها وما بين الاحتياجات الخاصة عند البعض.
نحن نعيش اليوم حالات من الإعاقة التي لا يبدو معها أن المشاكل في طريقها إلى الحل الذي يستعصي معه ظهور البنى الأساسية لأي مشروع فكري أو سياسي أو تنموي عربي يتخطى المعوقات و الحواجز التي يصنعها أولاً مراهقونا الصغار البالغون قبل أن يصنعها مراهقو العالم الصغار الناضجون!!!!
[ تم تحريره بواسطة دريد الأسد on 11/3/2007 ]
يمكن تعريف المراهقة بمعناها العام على أنها مرحلة حاسمة من الحياة الإنسانية وهي المرحلة التي تثمر فيها العواطف الجنسية و الأخلاقية لتصل إلى حالة النضج . و تعتبر المراهقة وفقاً لهذه المفاهيم فترة زمنية تتميز بالتمرد الهدام أو الانتقال المزعج بين الطفولة و الرشد!
ومنهم من بالغ بالوصف على أنها مرحلة عواطف نفسية بل مرحلة جنون بحيث يمكن اعتبار جميع المراهقين على أنهم مرضى و يحتاجون إلى علاج نفسي وطبي بوصف الفترة التي يمر بها المراهق بأنها فترة عواصف و توتر وشدة تكتنفها الأزمات النفسية و تسودها المعاناة والإحباط والقلق والصراعات و المشكلات وصعوبات في التوافق مع الآخرين!
وبالتالي, فإن علامات الوعي و الإدراك والتقدير والحكمة في التعاطي مع المشكلات والأزمات والصراعات والإحباط والقلق غائبة لدى المراهق!
وإن كان للساسة في أطرهم الزمنية و الشخصية و التاريخية فترات من المراهقة السياسية تتجلى فيها الأعراض الصريحة و القوية لكلمة المراهقة , فإن من الواضح أيضاً أن بعض ساسة المنطقة و العالم يعيشون اليوم زمن مراهقتهم إلى جانب بعض أشرس عتاة و حكام و إرهابيي التاريخ و العصر!!
ألم تكن الطموحات العدوانية لأدولف هتلر وحزبه النازي في بسط السيطرة على أوروبا و العالم من بعد ذلك إلا مراهقة نازية فاشية ؟
وماذا عن الحادي عشر من ايلول وابن لادن وأيمن الظواهري ومن بعده الزرقاوي . ألم يكن كل ذلك مراهقة إرهابية ؟
وما تلى ذلك من احتلال لافغانستان و العراق بحجة القضاء على تجربة المراهقة الإرهابية بمراهقة عسكرية و سياسية كان عنوانها العريض إضافةً إلى كل أعراض المراهقة الوصفية , مزيد من الكذب وتغييم الوعي العالمي حول فكرة الغزو ومبرراته!!
وماذا عن الجدار الواقي في فلسطين المحتلة الذي ألتهم آلاف الدونمات من المساحات الزراعية بحجة ردع المقاومة الفلسطينية و حماية شعب و أرض اسرائيل من الاعتداءات الخارجية والضربات الموجعة التي تتلقاها المستوطنات المقامة على الأراضي العربية . ألم تكن فكرة شارون هذه مراهقة أسطورية ؟
أما على المستوى العربي . ماذا يمكن وصف ما جرى في الخرطوم مؤخراً من غياب لرجال القرار العربي عن المؤتمر وعن الجلسة الختامية لقراءة البيان الختامي للمؤتمر الذي يتوج نشاطات وطاقات انعقاد هذا المؤتمر الرفيع المستوى . ألا يندرج ذلك تحت تعريف المراهقة الغير مسؤولة والغير ناضجة ؟
وفي لبنان القريب .. البعيد , من استعراض دائم على مدار الساعة لحلقات من التكذيب و الاتهام و التراشق و الشتم المتبادل بين أطراف الحكم . أليس ذلك مراهقة دولة وحكم ؟
ألا يعكس القول بدايةً في الذهاب إلى الخرطوم بوفد واحد ومن ثم رفض الجلوس كوفد واحد في القاعة خلف كرسي لبنان حالة من المراهقة ؟
ورفض المبادرة العربية على أنها أفكار سورية ومن ثم الاعتراف بها والأسف على عدم قبولها لاحقاً ومن ثم الإقرار بها أخيراً على أنها السبيل الوحيد لإعادة المياه إلى مجاريها بين سورية و لبنان . أليست مراهقة ؟
وماذا عن دعم المقاومة في التحالف الرباعي ومن بعده نكس الوعود بالقول أن أسباب المقاومة لم تعد محط إجماع كل اللبنانيين ومن بعد ذلك التوافق على حق لبنان في المقاومة على طاولة الحوار و قبله في البيان الوزاري ومن ثم عودة البعض إلى السعي لعدم إدراج بند المقاومة في البيان الختامي لمؤتمر الخرطوم . وماذا عن مزارع شبعا . ؟ القول أولاً أن المزارع سورية وتبيين الخرائط التي تؤكد تابعيتها السورية ومن ثم التوافق على طاولة الحوار على لبنانية شبعا ! أليس كل ذلك إلا مراهقة وطنية ؟
إن القول أن لبنان لم يولد بعد , فهذا كلام صحيح . لأن لبنان عاش ويعيش حالة من المراهقة السياسية والفكرية و الطوائفية و المناطقية حتى هذه الساعة وإلى المدى الذي سيبقي لبنان في مرحلة الولادة الأولى وليس مرحلة الولادة الثانية !!!
أما المشكلة الكبيرة في كون المراهقة عند البعض تمتد إلى فترات زمنية طويلة تكاد تصل إلى عقود و عصور في بعض الأحيان يدفع خلالها عامة الشعب أثماناً باهظة ودماء وصراعات دامية من جراء القرارات التي تكتنفها الشدة و التوتر وتسودها المعاناة و الإحباط و الصراعات و المشكلات و الصعوبات في عدم القدرة على التوافق مع الآخرين !
أما حول العالم , ألم تكن مبررات غزو افغانستان ومن ثم العراق في جلسات مجلس الأمن الدولي إلا صورة من صور المراهقة الدبلوماسية !
وماذا عن الرسومات الأخيرة للرسول الكريم . ألم تكن مراهقة صحافية؟
وكما جاء الرد عليها أحياناً إلا مراهقة ثقافية!
وماذا عن الاتصال الهاتفي بين بوش وبلير الذي أعلن فيه الأول للثاني عن نيته في ضرب مقر قناة الجزيرة الفضائية في الدوحة . أوليس ذلك مراهقة كلامية بل و فعلية أيضاً ؟
وأخيراً وليس آخراً. ماذا عن الوضع السوري ؟
أوليست صورة الفساد المستشري في نواحي الحياة العامة و المؤسساتيه إلا ضرباً من ضروب المراهقة الوطنية وصنفاً من صنوف الفعل الصبياني الغير مدرك لخطورة المرحلة ولأهمية إصدار القرارات التي تمس مساساً مباشراً حياة و مستقبل العيش للوطن و المواطن !
ألا يعكس صدور القرار الغير مسؤول عن بعض الجهات الوزارية و غير الوزارية إلا حالة من حالات المراهقة الوزارية و المؤسساتيه التي تحكمها الكيدية و النفعية و الجهل بمقتضيات المصلحة العامة و المصالح الفردية لكل مواطن سوري ؟
اعتقد أن بقاعاً من الوطن و المنطقة و العالم تشهد اليوم حالة من المراهقة السياسية و العسكرية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية . قدَرُ الشعوب فيها الجلوس خلف شاشات التلفاز لمتابعة المسلسلات الهزلية و العروض و الصراعات المبتذلة بعدما أصبح هذا التلفاز الشريك الإجباري لكل بيت ولكل أسرة!
غير أن للمراهقة سنيها وأزمانها ومراحلها . فما أن تنتهي هذه الفترة , حتى يبدأ بزوغ العقل وحصول التوازن النفسي و زوال حالة القلق و التوتر و التمرد الهدّام !
إلا أن امتداد هذه المدة و تطاولها بل و استدامتها , يدعونا للتفكير في تشخيص الحالة على أنها مرض عضوي يحتاج إلى الطرائق العلاجية كونه يندرج تحت عنوان عدم النضوج الفكري !
هذا يدعونا إلى اعتبار حالة المراهقة السائدة في كثير من بقاع العالم قد تحولت من مرحلة زمنية إلى مرحلة مزمنة بل و دائمة تتوافق مع أعراض الإعاقة بجميع أشكالها . حيث يجب علينا هنا التمييز ما بين الإعاقة التي أعنيها وما بين الاحتياجات الخاصة عند البعض.
نحن نعيش اليوم حالات من الإعاقة التي لا يبدو معها أن المشاكل في طريقها إلى الحل الذي يستعصي معه ظهور البنى الأساسية لأي مشروع فكري أو سياسي أو تنموي عربي يتخطى المعوقات و الحواجز التي يصنعها أولاً مراهقونا الصغار البالغون قبل أن يصنعها مراهقو العالم الصغار الناضجون!!!!
[ تم تحريره بواسطة دريد الأسد on 11/3/2007 ]
المنتديات
التعليقات
Re: المراهقة السياسية بين النضوج و ...... البلوغ !
Re: المراهقة السياسية بين النضوج و ...... البلوغ !
Re: المراهقة السياسية بين النضوج و ...... البلوغ !
إضافة تعليق جديد