مازال الكتاب صديقنا ؟؟!!

بالأمس كان افتتاح معرض الكتاب في دار الأسد للثقافة في اللاذقية ، ليس المعرض الأول الذي أحضره ، و لكنه المعرض الأول للكتاب الذي يبُاع بأسعار مخفضة جداً و بشكل ملحوظ……
في معارض كثيرة ، كنت و أكثر الأشخاص المرتادين أطلّع على عناوين الكتب ، و أكتفي بشراء كتاب أو كتابان كنت قد سمعت عنهما ، ومتعتي التي سأجنيها من قراءة تلك الكتب أكبر من ألمي في خسارة نقودي في شراءهم ، ومع ذلك كنت أخرج من المعرض و أنا أشعر بغصة لعدم تمكني من شراء أكثر… …
أما في هذا المعرض ، اخترت ، من أول زيارة ، خمسة كتب وبكل ثقة دون أن أتعب نفسي و أجمع ثمنها في ذهني حتى لا تخونني حساباتي و أشعر بالخيبة ، رأيت الناس تتهافت على الكتب كما لو كانوا جائعين ، الجوع الى القراءة ، إذاً ما زال هناك أناس يقرأون ، و لكن مالذي قلل عددهم ؟

من أحد الأسباب التي عرفتها من زيارتي للمعرض هو سعر شراء الكتاب الذي لا يتناسب مع دخل الفرد ، في الوقت الذي أصبحت فيه المعلومة متاحة عبر وسائل الاتصال المختلفة بشكل أسهل و أسرع و أرخص
مازال الكتاب يتصدر موقع هام في نشر الثقافة ، و زيادة المعرفة ……و لكن هل أهمية هذا الموقع الآن كما كانت في السابق… ؟ مع تطور تكنولوجيا المعلومات ، انتشرت وسائل الاتصال الحديثة و أصبحت تزاحم
الكتاب في موقعه ، موقع الصدارة في نقل المعلومة الذي كان يحتله بدون منافس منذ فترة ليست بعيدة…
عندما نذكر وسائل الاتصال الحديثة أول ما يتراود في ذهننا القنوات الفضائية التي أصبحت تتنافس فيما بينها بتقديم الأفضل و الأمتع ، فصارت البرامج التلفزيونية التي تعتمد على الحوار مع مختصين في مجالات مختلفة ترفق بريبورتاج بالصوت و الصورة لتدعيم الفكرة ، و تفتح مجالاً للمناقشة و الحوار مع الحضور المشاركين ، فيخلق جو من التفاعل و التواصل لا يمكن أن يخلقه الكتاب ……في الوقت نفسه ، تُعرض برامج أخرى تعتمد على الصورة و الحركة السريعة ، الأضواء و الألوان ..الأغاني الراقصة تشد انتباه المشاهد فيتعود على ذلك نمط من البرامج و لا يعود يطيق صبراً على حضور برامج ثقافية علمية ، فكيف بقراءة الكتب......؟؟؟
كما أن جهاز التلفاز احتل مكان في كل بيت ، كذلك الحاسب وجد له مكان و تربّع
كانوا يقولون : إذا أردت أن تعرف نمط تفكير شخص ، اهتماماته ، ميوله الأدبية، يكفي أن تلقي نظرة على مكتبته و تتطلع على كتبه ، أما الآن فيكفي أن تطلع على محتويات الأقراص الليزرية و تفتح المجلدات المحفوظة في جهاز الحاسب لتعرف اهتماماته …
و مع ولوج شبكة الانترنيت الى أكثر البيوت أصبح من السهل جداً و بفضل محركات البحث الحصول على أي تفصيل عن أي موضوع بمجرد إدخال كلمة أو أكثر تشتمل عليه ... دون أن تضطر لبذل الوقت و الجهد للبحث في كل كتاب على حدى.....بالإضافة الى ميزة ما زلنا نحصل عليها عن طريق الشبكة ليست موجودة في الكتاب و هي حرية التعبير و ابداء الرأي ، فالكتاب يخضع للرقابة و يصل إلينا بعد الغربلة و التمحيص فيُكتفى بنشر الكتب التي توجه تفكير القارئ باتجاه واحد بما يتوافق مع مصالح معينة للسياسات و الحكومات..
إذا فكرنا ملياً لوجدنا أن أغلب المعلومات العامة التي نحصل عليها عن طريق الشبكة مأخوذة عن كتب و مقالات من جرائد و مجلات ، إذاً المصدر نفسه و لكن وسيلة الإيصال مختلفة ، ورقية و الكترونية.... هنا يختلف شخص عن آخر برغبته في القراءة من الورق أو على شاشة الحاسب...و المهم بالنهاية هو النتيجة ، الحصول على المعلومة
سوف أتكلم عن نفسي ـ و قد يشاركنني الرأي العديد من الأشخاص ـ
أعترف بأنني لم أعد أقرأ مثل السابق أي قبل أن أقتني الحاسب و أشترك بشبكة الانترنيت إذ أنني أحتاج الآن لوقت أكبر لأنهي قراءة كتاب و لكن مازال للكتاب الخصوصية التي لم يستطع التلفاز أو الحاسب أن يتعديا عليها كما تعديا على أغلب الوقت المخصص للقراءة ، تلك الخصوصية في العلاقة الحميمية بيني و بين الكتاب و المتعة التي أجنيها بملامسة أوراقه و تقليب صفحاته و متابعة سطوره بالأصابع
و الجهد الذي أبذله للتركيز على محتوى كتاب أقل بالمقارنة مع الكتاب الالكتروني ، إذ أنني عندما أجلس أمام الحاسب و أنقل بصري بين الكلمات في الشاشة المضيئة لا أطيق صبراً لقراءة أكثر من عشر صفحات الكترونية في الجلسة الواحدة ـ إلا إذا كان الموضوع شديد الأهمية و لافت للانتباه ـ
و الشيئ الجميل الذي يتباه به الكتاب الى الآن هو مصاحبته لنا في أي مكان نتواجد فيه ، داخل أو خارج المنزل ، في القطار أو الطائرة ، في السرير قبل النوم ، إذ أنه حتى الآن لم ينتشر ذلك الحاسب المحمول ذو الحجم الصغير لنتمكن من حمله بين أيدينا و نقلب الصفحات الالكترونية بأصابعه .....ربما في المستقبل سيكون لكل شخص منا حاسبه المرافق له مثل الأقلية الآن..
قد لا يكون للكتاب الورقي الأهمية نفسها التي كان يحظى بها كالسابق و لكن ما عرفته أمس هو أنه مازال هناك أناس يقرأون و مازال الكتاب مهم بالنسبة إليهم.....
المنتديات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.