توقف الرجل أمام إعلان كبير يحتوي على صورة جميلة لمدينة اسطنبول التركيه.في ذات الإعلان , كتبت ( بالخط العريض).عبارة " تركيا جنة الأرض"!!!
و تكرر المنظر أمام الرجل . فعند كل تقاطع أو ساحة عامة . و عند كل نقطة علاّمة , صادف نفس الإعلان ولكن بصور مختلفة لأهم المواقع السياحية التركية . فمرة منظر من اسطنبول و مرة من بحر المرمرة و ثالثة من المتوسط و هكذا.
ولكن ما كان يجمع كل هذه الصور هو عبارة واحدة تقول : " تركيا ... جنة الأرض ".
فتوهم رجلنا للحظات بأنه يعيش في تركيا وليس في سورية . و بأن المدينة التي يسير في شوارعها قد تكون اسطنبول أو أنقرة أو أية مدينة تركية أخرى و ليس شوارع مدينته اللاذقية السورية.
و لكن ما أن زالت عنده حالة الشرود هذه,حتى اكتشف بأنه حقيقة موجود في مدينته التي لم يبرحها قط ولو لمرة واحدة في حياته.
عندها , قفزت إلى عقله أسئلة كبيرة وكثيرة ...
لطالما أنا موجود في مدينة اللاذقية السورية , فلماذا أرى كثيراً من الإعلانات عن تركيا باعتبارها جنة الأرض؟
لماذا لا تكون سورية مثلاً هي جنة الأرض بدلاً من تركيا؟
ولماذا تركيا هي جنة الأرض في موسم اصطيافنا لهذا العام ؟ وفي مثل هذا التوقيت بالتحديد؟
فصحيح أن تركيا بلد سياحي من الطراز الرفيع لما يملك من إمكانيات كبيرة في هذا المجال. يجعله حقيقة في طليعة بلدان المنطقة سياحياً .
غير أن الإعلان عن جنة الأرض التركية في هذا الوقت و هذا الزمان , ضرب من اللامبالاة و اللا مسؤولية الوطنية تجاه ما يمكن أن يكون عليه المستقبل السياحي لسورية...
فبالرغم من كل المنغصات التي يعاني منها المستثمر في قطاع السياحة والخدمات في سورية , ابتداء من انقطاع التيار الكهربائي و مروراً بشح الماء في كثير من المناطق السورية وانتهاء باقتحامات كتائب وعناصر الاستعلام الضريبي للمؤسسات السياحية و الخدمية و على مرأى من أنظار السياح العرب و الأجانب, فإنه لا يمكن التفكير بأن مواطناً سورياً يروقه أن يرى إعلانات عن جنة الأرض التركية .لأن كل مواطن سوري يرى أن جنة الله على الأرض هي سورية وليس في مكان آخر .
كان يمكن أن تكون سورية فعلاً جنة من جنان الأرض . كما كان من الممكن أيضاً أن نحمل هذه الرسالة إلى أصقاع الكون والمعمورة لو أن واحدنا أحس بالمسؤوليات الكبرى التي تقع على كواهل الجميع و على رأس ذلك الحس الوطني الرفيع تجاه قضايا سورية الكبرى التي منها مسألة التطوير السياحي و الخدماتي.
يطرح هذا الموضوع ونحن على أعتاب موسم اصطياف جديد لم نر تباشيره ونتائجه بعد . و ها قد انقضى نصف الموسم من دون أن نرى ملامحه الباهته حتى..
و فوق ذلك , تأتينا هذه الإعلانات الضخمة حجماً و تكلفةً , لتزيد علينا الأعباء الموجودة أصلاً , أعباءً إضافية أخرى تجعل التفكير في مستقبل السياحة في سورية أكثر صعوبة وأشد ضبابية و تشويشاً.
يبدو أن برامج وزارة السياحة ومديرياتها غائبة عن هذا العام . إلا إذا اعتقد المسؤولون في هذه الوزارة أو تلك المديريات , أن الجهود الفردية والشخصية كافيه لإبراز وجه سورية السياحي نحو العالم؟؟؟؟
إن إشاحة النظر عن حجم التكاليف و الأثمان التي يدفعها أصحاب هذه الفعاليات السياحية والخدمية للمساهمة في إبراز جزء مهم من أوجه سورية , هو جزء من المشكلة التي لم نلمس لها أية حلول عملية على المستويين القريب و البعيد.
إلا إذا كان الإعلان عن " جنة الأرض التركية " على أرض سورية الحبيبة , هو جزء من الحملة التسويقية الكبيرة التي تقوم بها وزاراتنا الوطنية من أجل توطيد أواصر العلاقة ما بين البلدين الجارين.
و بهذه الحالة أريد أن أسأل ما إذا كان ( بالمقابل) هنالك إعلانات عن " جنة الأرض السورية " في شوارع اسطنبول التركية!!!!!
أما عن حال الرجل الذي ما زال حتى اللحظة يتابع نزول هذه الإعلانات الضخمة, أود أن أعلمكم بأنه قرر أن يزور أخيراً تركيا كي يعيش ولو
لأيام يتيمة من عمره آملاً أن يرى بأم عينه" جنة الأرض " هناك.
و السلام.
[ تم تحريره بواسطة دريد الأسد on 26/7/2007 ]
و تكرر المنظر أمام الرجل . فعند كل تقاطع أو ساحة عامة . و عند كل نقطة علاّمة , صادف نفس الإعلان ولكن بصور مختلفة لأهم المواقع السياحية التركية . فمرة منظر من اسطنبول و مرة من بحر المرمرة و ثالثة من المتوسط و هكذا.
ولكن ما كان يجمع كل هذه الصور هو عبارة واحدة تقول : " تركيا ... جنة الأرض ".
فتوهم رجلنا للحظات بأنه يعيش في تركيا وليس في سورية . و بأن المدينة التي يسير في شوارعها قد تكون اسطنبول أو أنقرة أو أية مدينة تركية أخرى و ليس شوارع مدينته اللاذقية السورية.
و لكن ما أن زالت عنده حالة الشرود هذه,حتى اكتشف بأنه حقيقة موجود في مدينته التي لم يبرحها قط ولو لمرة واحدة في حياته.
عندها , قفزت إلى عقله أسئلة كبيرة وكثيرة ...
لطالما أنا موجود في مدينة اللاذقية السورية , فلماذا أرى كثيراً من الإعلانات عن تركيا باعتبارها جنة الأرض؟
لماذا لا تكون سورية مثلاً هي جنة الأرض بدلاً من تركيا؟
ولماذا تركيا هي جنة الأرض في موسم اصطيافنا لهذا العام ؟ وفي مثل هذا التوقيت بالتحديد؟
فصحيح أن تركيا بلد سياحي من الطراز الرفيع لما يملك من إمكانيات كبيرة في هذا المجال. يجعله حقيقة في طليعة بلدان المنطقة سياحياً .
غير أن الإعلان عن جنة الأرض التركية في هذا الوقت و هذا الزمان , ضرب من اللامبالاة و اللا مسؤولية الوطنية تجاه ما يمكن أن يكون عليه المستقبل السياحي لسورية...
فبالرغم من كل المنغصات التي يعاني منها المستثمر في قطاع السياحة والخدمات في سورية , ابتداء من انقطاع التيار الكهربائي و مروراً بشح الماء في كثير من المناطق السورية وانتهاء باقتحامات كتائب وعناصر الاستعلام الضريبي للمؤسسات السياحية و الخدمية و على مرأى من أنظار السياح العرب و الأجانب, فإنه لا يمكن التفكير بأن مواطناً سورياً يروقه أن يرى إعلانات عن جنة الأرض التركية .لأن كل مواطن سوري يرى أن جنة الله على الأرض هي سورية وليس في مكان آخر .
كان يمكن أن تكون سورية فعلاً جنة من جنان الأرض . كما كان من الممكن أيضاً أن نحمل هذه الرسالة إلى أصقاع الكون والمعمورة لو أن واحدنا أحس بالمسؤوليات الكبرى التي تقع على كواهل الجميع و على رأس ذلك الحس الوطني الرفيع تجاه قضايا سورية الكبرى التي منها مسألة التطوير السياحي و الخدماتي.
يطرح هذا الموضوع ونحن على أعتاب موسم اصطياف جديد لم نر تباشيره ونتائجه بعد . و ها قد انقضى نصف الموسم من دون أن نرى ملامحه الباهته حتى..
و فوق ذلك , تأتينا هذه الإعلانات الضخمة حجماً و تكلفةً , لتزيد علينا الأعباء الموجودة أصلاً , أعباءً إضافية أخرى تجعل التفكير في مستقبل السياحة في سورية أكثر صعوبة وأشد ضبابية و تشويشاً.
يبدو أن برامج وزارة السياحة ومديرياتها غائبة عن هذا العام . إلا إذا اعتقد المسؤولون في هذه الوزارة أو تلك المديريات , أن الجهود الفردية والشخصية كافيه لإبراز وجه سورية السياحي نحو العالم؟؟؟؟
إن إشاحة النظر عن حجم التكاليف و الأثمان التي يدفعها أصحاب هذه الفعاليات السياحية والخدمية للمساهمة في إبراز جزء مهم من أوجه سورية , هو جزء من المشكلة التي لم نلمس لها أية حلول عملية على المستويين القريب و البعيد.
إلا إذا كان الإعلان عن " جنة الأرض التركية " على أرض سورية الحبيبة , هو جزء من الحملة التسويقية الكبيرة التي تقوم بها وزاراتنا الوطنية من أجل توطيد أواصر العلاقة ما بين البلدين الجارين.
و بهذه الحالة أريد أن أسأل ما إذا كان ( بالمقابل) هنالك إعلانات عن " جنة الأرض السورية " في شوارع اسطنبول التركية!!!!!
أما عن حال الرجل الذي ما زال حتى اللحظة يتابع نزول هذه الإعلانات الضخمة, أود أن أعلمكم بأنه قرر أن يزور أخيراً تركيا كي يعيش ولو
لأيام يتيمة من عمره آملاً أن يرى بأم عينه" جنة الأرض " هناك.
و السلام.
[ تم تحريره بواسطة دريد الأسد on 26/7/2007 ]
المنتديات
إضافة تعليق جديد