تقول لي
تأخرت أمطار هذا الشتاء
الطقس دافئ و كأننا في أيار
و لسنا في كانون
هل حقاً نحن في كانون ؟
لما الطقس يبدو غريب ؟
لا مطر و لا برد و لا شتاء
هل نحن ننتظر شتاء بخيل؟
هل غيومنا بخيلة لهذا الحد؟
كيف ستكون المواسم ؟
كيف سيكون الحصاد؟
بدأت تسأل
ثم تلوم السماء
حتى ظننت فعلاً
أن لا شتاء و لا حصاد
….
تركتها
و ذهبت أراقب السماء
و تحدثت مع غيوم الله
هل حقاً
هل حقاً
غيوم الله تعدنا بقليل من العطاء
هل ستبكي الأرض بدل السماء
ستبكي اشتياقاً و عطشاً
هل ستموت
آلاف السنابل و آلاف الأطفال؟
هل سنترك الأرض بلا بدار؟
هل ستحرم عيون البشر
من تأمل حقل السنابل
حقل قمح يزهو بلونه الأخضر
سنابل ذهبية تغار منها الشمس
هل حقاً!!…
لا حقل
و لا زرع
و لا سنابل
و لا حصاد
و لا رغيف خبز
هل حقاً سيموت
الطفل من الجوع
فعلاً أنا أتساءل!!..
رغم أنني لا أملك حقلاً
و لم أعرف يوماً الحصاد
و لكنني متعت نظري
بحقول قمح
كنت أقول عنها
هي بحر بلون الفيروز
ثم بحر بلون الذهب
سبحان من أعطى
هذا الجمال
لحقول قمح
سبحان خالق الغيم
مصدر كل الخير
هل نعد أنفسنا بقمح
دون كرم السماء!!..
هل نأكل خبزاً
دون دموع الله !!..
هل يفرح جائع
دون أن تنسكب
شلالات الغيم الرمادية
هل ثم هل
ستمطر السماء؟..
…..
همست ثم ضحكت
حبيبتي
عشقي الأول و الأخير
من تفهمني و تعبر عني
من أراها
فرحة , حزينة
بيضاء , رمادية
يا من تعبر عن وجهي
يا من ترسم ذاتي
و كل ما أنا بريشة إله
سبحان من رسمك
و أعطاك كل هذا الجمال
سبحان من لونك بلون
روحي رمادية , بيضاء
سبحان من أفرحك
ثم أبكاك لتفرحي
ملايين الأرواح
أيتها الخيرة
يا حبيبتي
لوني
هذا البياض بالرمادي
عيوني تعشق الرمادي
قلبي مشتاق لسوادك
الذي يعدني بألف ألف سنبلة
و هل يأتي الخير دون بكاء؟
هل يأتي الفجر دون سواد؟
هل ثم هل
ستمطري يا غيومي الخيرة ؟..
ماذا يقول لك إلهك
هل سترعد السماء؟
هل ستبرق السماء؟
هل سنتفجري بالبكاء؟
يا حبيبتي
يا ملهمة القمح
يا مصدر العطاء
هل أنام و أحلم
بالمطر..بالقمح
منذ زمن ننتظر أنا
و الشجر حبيبنا مطر
هل أنام و أحلم بحلم غريب
منذ زمن لم يكلمني الله
عبر حلم يخبرني فيه
سر من أسرار السماء
هل يحق لي أنا الإنسان
معرفة الأسرار ؟..
لا أظن أن الأسرار
تليق بالبشر
و لكن الله رحيم
إن أعطى أدهش
سبحان خالق
السماء
الغيم
سبحان
مرسل الغيث
سبحانه
نور السماوات و الأرض
….
نمت ثم حلمت
بيوم
بلا تاريخ
بلا توقيت
بلا فصل
بلا مكان
وحدها غيوم الله
تجمعت ثم تجمعت
و بدأت تنسكب حبوب
ملأت الأرض
بيادر قمح
قمح عم المكان
وكأنه موسم الحصاد
بغير موسم القمح
غيم يمطر قمح
غيوم تسكب نفسها
قمح..قمح…قمح
حتى ذهل الكل!!…
سبحان المعطي بلا حدود
سبحان ربي العظيم
الذي آخر موعد المطر
حتى ظن البشر
أن لا زرع و لا حصاد و لا قمح
و إذ بإذنه تعالى
و بأمره تبكي الغيوم
قمحاً …
اليوم
أمطرت سمائنا قمحاً
خبزاً لكل نفس أمنت
فصبرت و ما يئست من رحمة الله
و هل يكفر مؤمن بعد إيمان
هل من عرف الله يتنكر له
لا أظن من يعرف الله
يلوم السماء
عليه أن يلوم قلة صبره
و نكرانه لخير الغيم
عليه أن يتوسم خيراً
لو تحولت فصولنا كلها
لفصل صيف لا ينتهي
لو تحولت بيادرنا إلى صحراء
لو مات ألف ألف طفل
لو تشققت أرضنا
لو ما ظل عود أخضر
يظل من عرف الله
يوعد نفسه خيراً
سبحان المعطي بلا حدود
سبحان من يأمر الغيم
فتبكي قمحاً
…..
هل هو حلم
مجرد حلم
هل أنا أتوهم
لا أدري
كل ما أعرفه
أنه منذ زمن
لم يكلمني الله
عبر حلم
و اليوم دون موعد
كان الحلم
اللهم اجعل حلمي هذا
خيراً يعم على البشرية
ينبت قمحاً ثم خبزاً
يطعم كل نفس
آمنت فصبرت
فأدهشت بعطائك
يا كريم
يا رحيم
يا منبت القمح
_____________________ياسمين علي 10/12/2005