أثناء عملي في إحدى الشركات الهندسية، التقيت بمهندس تونسي، واصطحبته في جولة حول معالم دمشق، وحين مررنا بالقصر العدلي سألني:
- إيش هاذا البناء؟
ذكرت له أن هذا هو القصر العدلي. ثم أشار إلى العلم السوري المرفوع عليه وصاح:
- شوف شوف، كيفاش؟ ما يصرش!

 

لم أفهم ما الذي كان يعنيه، وما الذي جعله ينفعل على هذا النحو، فطلبت منه التوضيح، فأشار إلى العلم الذي غطاه السخام، وبهتت ألوانه، وبلي قماشه، وعلق بالسارية: هذا رمز البلد، أيعقل أن لا يقوموا بتغييره حتى الآن؟!
نعم.
لقد اعتدنا على الخطأ حتى لم نعد نراه خطأ، والسبب ببساطة أن القلائل فقط يشذون على القاعدة، أما الباقون، فإما أنهم لا يعرفون الخطأ من الصح من الأساس، أو، أنهم يعلمون أن هذا خطأ ويتجاهلونه من مبدأ: "طنش"، أو "شو بيطلع بالإيد؟" ، أو "شو ساويلو يعني؟"، و "حط بالخرج"....
أكثر من مرة عند تدقيق جواز السفر -والذي هو وثيقة حكومية، ورمز الانتماء- يرميه لي من مكتبه على الكونتوار ليستقر كيفما استقر، مفتوحا، مغلقا، على وجهه –شعار الجمهورية-، على قفاه... وأراهن أن هذا يسري على باقي القادمين، من كل الجنسيات.
الأنكى من ذلك أن يعتبر موظف الهجرة والجوازات أن يستقر الجواز أمامك (أي أن لا يقع على الأرض) من الحذاقة!!!.
العلم الوطني، جواز السفر، الهوية، دفتر الخدمة العسكرية، البزة الرسمية للعسكري، والشرطي... هي رمز البلد، واحترام الآخرين لنا يرتبط بمدى احترامنا لرمز الوطن.
ما أراه حولي يدل أنه لا أحد يحترمنا.