يوم اتصل بي النبيل وقال: سيكون هناك تجمعا ليبراليا أتمنى أن تكون معنا، طبعا سررت وقلت: لبيك نبيل، وكان نبيل يعرف إنني امقت السياسة، ولكن مشروع ثقافي فكري ممكن أن أشارك به، وبالأخص مع صديقي نبيل، فقد كنت مستعدا للذهاب معه إلى أي مكان، وبالفعل ذهبنا معاًً إلى المعتقل، فقط لا غير، وكل من يدعي غير ذلك هو كاذب.
عندما دخلت إلى الزنزانة وجدت اسم نبيل فياض على الحائط وقد كتب بقلمه الأزرق: نبيل فياض 28\9\2 004. وكان قلمي الأزرق معي أيضا، فكتبت: الله معك يا نبيل، ولم أشأ أن اكتب اسمي وتاريخ اعتقالي، لأنني لم أتوقع أن يمتد إلى شهر.
كنا في التجمع تقريبا تسعة أشخاص، وكان بيننا تقريبا خمسة عسس، وكانت مكيدة، ووقع فيها نبيل وأنا أيضا.
قرأت الآن أول مقالة لك يا نبيل بعد الاعتقال، ولو تعلم لم كتبت ما اكتبه، صدقا إنني اكتب، من اجل شكر منير الحمصي الذي ذكرته انت في مقالتك، فقد كان انسانا كبيرا وقد اهتم بي ايضا واحضر لي مجلة الشرطة ما غيرها، وكنت أظن انك لا تزال في الداخل، ولم اكن اتناول طعام الغذاء ولكن الفطور والعشاء، وغالبا كنت أقول لأحد السجانين: خذ قطع الجبن أعطها لأحد المسجونين فأنا قد تناولت طعامي، ولا اعرف إذا كان قد أعطاك منها شيئ، لقد كنت يا نبيل اشعر بك دون أن أراك.
من نلوم يا نبيل؟ من أوقعنا في المكيدة؟ ام من اعتقلنا؟ ام نلوم انفسنا؟ لاننا في هذا العمر، لم نستطع ان نميز الصالح من الطالح، وانجرفنا بحسن نية، من اجل مشروع، اعتقدنا انه يخدم الوطن، الذي احببناه دائما، وكنا نضعه في بؤبؤ عيوننا، انه وطننا سورية يا نبيل، أرجو أن لا تقسوا عليه كثيرا، فأنا اعرف كم تحبه يا نبيل، أتمنى أن تبقى بينا، لان بوادر الانفراج قد بدأت تلوح في الأفق، وهذا رأي شخصي أرجو أن يصدق.
أما أنت سيد بسام درويش، أتذكر كنت دائم القلق على النبيل، وتسأل عنه باستمرار، ولكن بعد اعتقالي أيضا انقطعت الأخبار، أرسل لك سلامي الكبير، وعتبي القليل، عتب المحب.
وأنا أيضا اشكر كل أصدقاء نبيل، وكل من اتصل يسأل عن النبيل، فهو إنسان يستأهل أن نسأل عنه، ونحبه، ولكن اطلب من الجميع، أن يتذكروا دائما، أن الوطن أغلى من الجميع، وحتى لو ظلمنا انا ونبيل فقط، فيظل وطننا ارحم الف مرة من الذين خانوا الأمانة وباعونا بثمن بخس، لم اكن أتصور في حياتي أن تبلغ الخسة والنذالة هذا الحد، ولن أنسى ما حييت هذا الشهر الذي قضيته في الاعتقال، وسأعمل على نشر الرسالة التي أرسلتها لي ابنتي، وطبعا لم تصلني، ولكن قرأتها بعد خروجي، واحتفظ بها قرب قلبي.
سلام نبيل، سلام بسام، سلام السيدة وفاء، وكما ترين سيدتي لم اترك نبيل، بل ذهبت معه.
د.ص الياس الحلياني
رسالة ابنتي لين
إلى أبي
أبى ليس ككل الاباء هو رجل مختلف متميز، عندما تنظر اليه تدرك انك امام انسان غير اعتيادي، ملامحه ملامح امير شرقي هارب من قصص الزير وابو زيد، فجبهته مرتع للشمس عيناه بلورتين سمريتين تقرأ من خلالهما سريرة روحه ثغره، انفه، كل شيء في أبي له جمال خاص محبب للقلوب، لو ترى مشيته كيف يمشي والشمس تغيب خلف ظله ولو تسمع ضحكته التي تعطي للحياة معنى اجمل كيف كنت ستفكر ألان.
أبى الذين اعتقلوك أناس جهلة فهم لا يعلمون أن ما من قوة تستطيع احتجاز عبق الرياحين وان ما من قانون في العالم يمنع ضحكتك البريئة من الوصول إلى القلوب.
اعتقلوك وسرقوا فرحة عمري، فرحتي بأن أكون أم للمرة الأولى، لو يعلموا كم انتظرت طيلة تسعة اشهر، وكم حلمت بيوم ولادتي لأدركوا شناعة الجرم الذي ارتكبوه عندما زرعوا في حلقي اكبر غصة بغيابك مع اجمل فرحة بولادة طفلي، اتعلم يا ابي أن الجرح الذي شقوه في جسدي اتسعت مساحته حتى بلغت أضعاف مساحة جسدي، لو تعلم من كم جرح نزفت، وكيف أصبحت الحياة في عيني لوناً واحداً قاتماًُ، وكيف صدف أن الشمس بهتت ألوانها، أصبحت الشوارع حزينة، والوجوه دون معاني، وفقدت الحياة روحها، ورغم هذا أنا محكومة بالأمل وأحلم بكل لحظة اسمع فيها جرس الهاتف أو الباب بقدومك. أريدك أن تعرف شيئا هو أنى الآن بالذات اشعر فيك واسمع صوت نفسك، واعلم انك تفكر في نفس الدرجة، كما اعلم انك تعرف بأني لن أنساك أو أتهاون بفعل اي شيء لأراك مجددا.
لياليك الموحشة يا أبى في ظلام زنزانتك قسمت ظهري، أضافت إلى قلبي نوعا جديدا من الألم الذي لا يتوقف لا في الليل ولا في النهار
لين
عندما دخلت إلى الزنزانة وجدت اسم نبيل فياض على الحائط وقد كتب بقلمه الأزرق: نبيل فياض 28\9\2 004. وكان قلمي الأزرق معي أيضا، فكتبت: الله معك يا نبيل، ولم أشأ أن اكتب اسمي وتاريخ اعتقالي، لأنني لم أتوقع أن يمتد إلى شهر.
كنا في التجمع تقريبا تسعة أشخاص، وكان بيننا تقريبا خمسة عسس، وكانت مكيدة، ووقع فيها نبيل وأنا أيضا.
قرأت الآن أول مقالة لك يا نبيل بعد الاعتقال، ولو تعلم لم كتبت ما اكتبه، صدقا إنني اكتب، من اجل شكر منير الحمصي الذي ذكرته انت في مقالتك، فقد كان انسانا كبيرا وقد اهتم بي ايضا واحضر لي مجلة الشرطة ما غيرها، وكنت أظن انك لا تزال في الداخل، ولم اكن اتناول طعام الغذاء ولكن الفطور والعشاء، وغالبا كنت أقول لأحد السجانين: خذ قطع الجبن أعطها لأحد المسجونين فأنا قد تناولت طعامي، ولا اعرف إذا كان قد أعطاك منها شيئ، لقد كنت يا نبيل اشعر بك دون أن أراك.
من نلوم يا نبيل؟ من أوقعنا في المكيدة؟ ام من اعتقلنا؟ ام نلوم انفسنا؟ لاننا في هذا العمر، لم نستطع ان نميز الصالح من الطالح، وانجرفنا بحسن نية، من اجل مشروع، اعتقدنا انه يخدم الوطن، الذي احببناه دائما، وكنا نضعه في بؤبؤ عيوننا، انه وطننا سورية يا نبيل، أرجو أن لا تقسوا عليه كثيرا، فأنا اعرف كم تحبه يا نبيل، أتمنى أن تبقى بينا، لان بوادر الانفراج قد بدأت تلوح في الأفق، وهذا رأي شخصي أرجو أن يصدق.
أما أنت سيد بسام درويش، أتذكر كنت دائم القلق على النبيل، وتسأل عنه باستمرار، ولكن بعد اعتقالي أيضا انقطعت الأخبار، أرسل لك سلامي الكبير، وعتبي القليل، عتب المحب.
وأنا أيضا اشكر كل أصدقاء نبيل، وكل من اتصل يسأل عن النبيل، فهو إنسان يستأهل أن نسأل عنه، ونحبه، ولكن اطلب من الجميع، أن يتذكروا دائما، أن الوطن أغلى من الجميع، وحتى لو ظلمنا انا ونبيل فقط، فيظل وطننا ارحم الف مرة من الذين خانوا الأمانة وباعونا بثمن بخس، لم اكن أتصور في حياتي أن تبلغ الخسة والنذالة هذا الحد، ولن أنسى ما حييت هذا الشهر الذي قضيته في الاعتقال، وسأعمل على نشر الرسالة التي أرسلتها لي ابنتي، وطبعا لم تصلني، ولكن قرأتها بعد خروجي، واحتفظ بها قرب قلبي.
سلام نبيل، سلام بسام، سلام السيدة وفاء، وكما ترين سيدتي لم اترك نبيل، بل ذهبت معه.
د.ص الياس الحلياني
رسالة ابنتي لين
إلى أبي
أبى ليس ككل الاباء هو رجل مختلف متميز، عندما تنظر اليه تدرك انك امام انسان غير اعتيادي، ملامحه ملامح امير شرقي هارب من قصص الزير وابو زيد، فجبهته مرتع للشمس عيناه بلورتين سمريتين تقرأ من خلالهما سريرة روحه ثغره، انفه، كل شيء في أبي له جمال خاص محبب للقلوب، لو ترى مشيته كيف يمشي والشمس تغيب خلف ظله ولو تسمع ضحكته التي تعطي للحياة معنى اجمل كيف كنت ستفكر ألان.
أبى الذين اعتقلوك أناس جهلة فهم لا يعلمون أن ما من قوة تستطيع احتجاز عبق الرياحين وان ما من قانون في العالم يمنع ضحكتك البريئة من الوصول إلى القلوب.
اعتقلوك وسرقوا فرحة عمري، فرحتي بأن أكون أم للمرة الأولى، لو يعلموا كم انتظرت طيلة تسعة اشهر، وكم حلمت بيوم ولادتي لأدركوا شناعة الجرم الذي ارتكبوه عندما زرعوا في حلقي اكبر غصة بغيابك مع اجمل فرحة بولادة طفلي، اتعلم يا ابي أن الجرح الذي شقوه في جسدي اتسعت مساحته حتى بلغت أضعاف مساحة جسدي، لو تعلم من كم جرح نزفت، وكيف أصبحت الحياة في عيني لوناً واحداً قاتماًُ، وكيف صدف أن الشمس بهتت ألوانها، أصبحت الشوارع حزينة، والوجوه دون معاني، وفقدت الحياة روحها، ورغم هذا أنا محكومة بالأمل وأحلم بكل لحظة اسمع فيها جرس الهاتف أو الباب بقدومك. أريدك أن تعرف شيئا هو أنى الآن بالذات اشعر فيك واسمع صوت نفسك، واعلم انك تفكر في نفس الدرجة، كما اعلم انك تعرف بأني لن أنساك أو أتهاون بفعل اي شيء لأراك مجددا.
لياليك الموحشة يا أبى في ظلام زنزانتك قسمت ظهري، أضافت إلى قلبي نوعا جديدا من الألم الذي لا يتوقف لا في الليل ولا في النهار
لين
المنتديات
التعليقات
Re: التجمع المكيدة (د. الياس الحلياني)
Re: التجمع المكيدة (د. الياس الحلياني)
Re: التجمع المكيدة (د. الياس الحلياني)
Re: التجمع المكيدة (د. الياس الحلياني)
Re: التجمع المكيدة (د. الياس الحلياني)
Re: التجمع المكيدة (د. الياس الحلياني)
Re: التجمع المكيدة (د. الياس الحلياني)
Re: التجمع المكيدة (د. الياس الحلياني)
Re: التجمع المكيدة (د. الياس الحلياني)
إضافة تعليق جديد