شجاعة التشكيك" أحلام مستغانمي"

مقطع من رواية " فوضى الحواس " للأديبة أحلام مستغانمي ، هو درس في فهم الحياة وشجاعة التشكيك

• إنه أستاذ تجاوز سن الأربعين ببضع خيبات ، دائم السخرية بشيئ من الرومنطقية و ربما الحزن المستتر ، لقد عاد بعد جيل و أكثر الى المعهد الذي درس فيه ، ليعمل مدرساً في مادة الأدب ، و من الواضح أنه جاء لينقذ الطلبة من الأخطاء التي سبق أن تعلمها على هذه المقاعد نفسها أو تلك القناعات التي تربى عليها ....و تكفلت الحياة بتكذيبها بعد ذلك ...
• قال لطلابه " استفيدوا من اليوم الحاضر .... لتكن حياتكم مذهلة ... خارقة للعادة ..اسطوا على الحياة ... امتصوا نخاعها كل يوم مادام ذلك ممكناً ، فذات يوم لن تكونوا شيئاً ....سترحلون و كأنكم لم تأتوا
• كان الأستاذ يلقي درساً في كيفية فهم الشعر ، حسب ما جاء في مقدمة الكتاب المعتمد للتدريس ،
و التي كتبها أحد كبار المراجع المختصة بالنقد ، شارحاً فيها كيف يمكن تقويم قصيدة و مقارنتها بأخرى معتمدين على خط عمودي و آخر أفقي ، يلتقيان ليشكلا زاوية مستقيمة ، على كل خط فيها درجات نقيس بها عمودياً المعنى ، و أفقياً المبنى ، و هكذا بإمكاننا أن نكتشف ضعف الشاعر أو قوته ، بين قصيدة و أخرى ومقارنته بشاعر آخر حسب مقاييس حسابية دقيقة ، و بينما كان الطلبة منهمكين في رسم خطوط عمودية وأفقية على دفاترهم ناقلين ما يكتبه الأستاذ على السبورة إذ به يتوقف فجأة و يمحو كل شيئ ويفاجئهم قائلاً :
طبعاً ... ليس هذا صحيحاً ، لا يمكن أن نقيس الشعر طولاً و عرضاً و كأننا نقيس أنابيب معدنية
اندهاشنا ، إنبهارنا ، انفعالنا ،هو الذي يقيس الشعر .... فمزّقوا ما كتبتموه إنه لم يعطهم درساً في فهم الشعر ، و إنما درساً في فهم الحياة و شجاعة التشكيك في كل شيئ حتى ما يرونه مكتوباً في كتب مدرسية تحت توقيع اسم كبير ....
وخاصة الجرأة على تمزيق كل ما يعتقدونه خاطئاً ، و إلقائه في سلة المهملات
• كان الأستاذ يشرح درساً ما ، عندما راح يوضح للطلبة أن وجهة نظرنا في أي أمر تختلف حسب موقعنا و الزاوية التي نقف فيها ، و لذا طلب منهم أن يأتوا صوبه و يصعد الواحد تلو الآخر فوق مكتبته كي يروا من حيث هم كيف أن قاعة الصف نفسها تبدو مختلفة ـ عندما نراها من فوق مكتب الأستاذ ، من الجهة المقابلة .... لذا فالطريقة الصحيحة لفهم العالم : هي في التمرد على موقعنا الصغير فيه ، و الجرأة على تغيير مكاننا و تغيير وضعيتنا ...
المنتديات

التعليقات

ياسمين علي

شكرا منال انا مثلك اعجبت جدا بهذه الاسطر عند قرأتي الرواية للاسف لم أشاهد الفيلم ولكن عند قرأتي لرواية أحلام مستغانمي أستوقفتني الاسطر الذي تحدثت فيها عن الفيلم حتى تصورت نفسي اجلس معها في السينما وأتابعه وكنت مثلها متشوقة لاعرف نهاية الفيلم هل الطلاب يقفون الى جانب مدرسهم الذي أعطاهم و أعطاني بالمثل أهم درس في الحياة أم مثلما قالت أحلام يبيع الطلاب ما تعلموه بأول مساومة دنيئة يمكن بترجع النهاية حسب الكاتب اذا كان متفائل او غير ذلك لعلها الرائعة أحلام تخبرنا النهاية في روايتها القادمة
الأيهم

هذا الفيلم يعتبر "عرضا كلاسيكيا" لطلاب المدارس الثانوية في أمريكا والعديد من دول العالم. وأعتقد أن بطلة أحلام مستغانمي شاهدته عندما كانت تمر بحالة عصبية، ولذلك اعتبرت أن الطلاب باعوا معلمهم بمساومة دنيئة. أصلا أحد أهم أفكار الفيلم أنك تستطيع أن تنظر لنفس الموضوع بأكثر من طريقة، يعني تستطيع أن تفهم نفس الفيلم بأكثر من طريقة.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.