مرِض أبو العلاء المعري مرضاً شديداً . فوصف له الأطباء أكل لحم الدجاج . فامتنع . ولكنهم ألحوا عليه حتى أظهر الرضا . فلما قُدِّم إليه , لمسه بيده فجزع ( خاف) وقال : " استضعفوك .. فوصفوك. هلا وصفوا شبل الأسد ؟". ثم أبى أن يأكله .
لقد جاءت كلمة " وصفوك " في مقولة أبي العلاء المعري للدلالة على كلمة " وجدوك مناسباً لحاجتهم " .
و الوصفة عند الأطباء في مرض أبي العلاء كانت بذبح طائر الدجاج ونتفه و شيه وتقديمه للمريض لما يحوي لحم الطير هذا من فوائد و مقويات ترفع عتبة المناعة لدى المريض لمقاومة المرض الشديد!
تعكس مقولة أبي العلاء المعري هذه عدة مرادفات يمكن لها أن تنطبق على مجريات حياتنا الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية و الثقافية . لذلك يمكننا أن نقول :
" استضعفوك فاحتلّوك" كما في العراق.
" استضعفوك فطردوك" أو " استضعفوك فسجنوك " كما في فلسطين الغاليه.
" استضعفوك فقسّموك " أو " استضعفوك فافقروك " كما في الواقع العربي .
نرى أن القاسم المشترك بين كل هذه المقولات هو كلمة " استضعاف" التي تختزل في معناها و لفظتها معانٍ عميقة على الحال الذي وصل إليه واقعنا العربي المرير من تخلف و نزاعات وفساد مستشري في جوانب الحياة كلها !
لقد نشأت حالة الاستضعاف هذه في أوطاننا منذ قرون عدة تدرجت فيها حالة الاستضعاف و اختلفت صنوفها و أشكالها باختلاف و تنوع أسبابها و مبرراتها .
فعلى مقولة " اتفق العرب على أن لا يتفقوا " . فقد عرف التاريخ العربي القديم و الحديث نزاعات و انعطافات شديدة أثرت بشكل كبير في كيان الأمة و أسباب قوتها منعتها . مما دعا أعداؤها إلى تحين الفرص للولوج في مركباتها الأساسية والعمل على التهام عناصرها الحية من الداخل تحضيراً لغزوها و استباحتها والقضاء عليها ومن ثم إعادة تشكيلها على الهيئة و الصورة التي تخدم هذا العدو حاضراً و مستقبلاً .
لن نعود إلى تفصيل وشرح الأسباب التاريخية التي أصبحت معروفة للكثير منّا ولكن , لا بد من الحديث عن إحدى نتائج الحرب العالمية الأولى التي خرجت منها الامبراطورية العثمانية مهزومة خاسرة أمام أوروبا الطامحة أبداً إلى بسط السيطرة على منطقتنا العربية فكانت " سايكس بيكو" التي مزقت الإنسان و الجغرافيا و التاريخ و المستقبل العربي الواحد لزرع الضعف فيه وتكريس حالة الهوان و بالتالي الاحتلال و الغزو !
ولم تكن فكرة إعلان نشوء دولة اسرائيل في فلسطين الغالية إلا حقبة تالية من حقب الاستضعاف والهوان و الهزيمة .
إلا أن وجه الغزو و الطمع اختلف بعد نهاية الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها الولايات المتحدة الأمريكية بحصة الأسد مما أعطاها الأفضلية أمام حلفائها الأوروبيين في رسم الشكل الجديد و المرغوب لمنطقتنا و أوطاننا .
وعليه , فإن غزو العراق , عراق الحضارة و التاريخ , لم يكن إلا فصلاً جديداً من فصول الاستضعاف والقهر و المذلة .
وما يجري في فلسطين الحبيبة من قتل و ترويع ليس إلا فصلٌ مستمرٌ من فصول الجرائم الإنسانية التي تقترفها آلة الحرب و القتل الاسرائيلية بحق أطفالنا و نسائنا و رجالنا في فلسطين .
لا . لن يسمح لنا بالتفكير في أي مشروع وحدوي أو تنموي أو سياسي أو اقتصادي حتى . و لن يسمح لنا باستثمار خيراتنا ومواردنا ولن يسمح لنا بالاستفادة من أشكال الطاقة الجديدة الكهربائية والنووية . كما ولن يسمح لنا باستخدام مواردنا المائية و الزراعية والصناعية على الوجه الأمثل .
هل كان ليتم التعامل مع مشروع نووي عربي ( كما حدث لمفاعل العراق) كما يتم التعامل اليوم مع مشروع نووي هنا أو هناك لو أن مشروعاً عربيا ً واحداً موحداً وقف في وجه اسرائيل و الولايات المتحدة حينما قررتا قصف المفاعل وضربه ؟
ومن أين كان للولايات المتحدة الأمريكية أن تفكر في غزو و احتلال العراق لو لم يكن العراق قد وصل إلى أدنى درجات الضعف و أعلى درجات الاستضعاف من خلال الحصار الجائر لمدة 12 عام دفع فيه شعبنا في العراق الغالي و الرخيص في سبيل تحصيل لقمة عيشه و حياته ؟
و من أين كان لاسرائيل أن تستبيح الدم العربي الفلسطيني و تعمل على التنكيل بأهلنا المحاصرين لو لم يكن الواقع العربي واقع تقسيم فكري و نفسي قبل أن يكون واقعاً تقسيمياً جغرافياً و سياسياً ؟
إنه الاستضعاف أيها الأخوة .... الاستضعاف لا شيء غيره!
إننا المستضعفون في الأرض وعليه , فإننا الوصفة الضحية دائماً كما أنهم الأطباء الجلادين أبداً .
لطالما لا يعي أحدنا الوجه الحقيقي لحالة الاستضعاف و الهوان هذه الذي يجب أن يدعونا إلى حشد الطاقات الفكرية و الإنسانية والعملية للانتقال الفوري و القوي من حالة الاستضعاف إلى حالة القوة والتجدد و الوحدة التي أرى أرومتها حية قادرة على النمو و الاستحضار لطالما عاشت فينا هذه الأرومة في وقت ما كنّا فيه أسياد فكر و عمل حين عاش الآخرون في غياهب الظلام و الانحطاط.
لقد جاءت كلمة " وصفوك " في مقولة أبي العلاء المعري للدلالة على كلمة " وجدوك مناسباً لحاجتهم " .
و الوصفة عند الأطباء في مرض أبي العلاء كانت بذبح طائر الدجاج ونتفه و شيه وتقديمه للمريض لما يحوي لحم الطير هذا من فوائد و مقويات ترفع عتبة المناعة لدى المريض لمقاومة المرض الشديد!
تعكس مقولة أبي العلاء المعري هذه عدة مرادفات يمكن لها أن تنطبق على مجريات حياتنا الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية و الثقافية . لذلك يمكننا أن نقول :
" استضعفوك فاحتلّوك" كما في العراق.
" استضعفوك فطردوك" أو " استضعفوك فسجنوك " كما في فلسطين الغاليه.
" استضعفوك فقسّموك " أو " استضعفوك فافقروك " كما في الواقع العربي .
نرى أن القاسم المشترك بين كل هذه المقولات هو كلمة " استضعاف" التي تختزل في معناها و لفظتها معانٍ عميقة على الحال الذي وصل إليه واقعنا العربي المرير من تخلف و نزاعات وفساد مستشري في جوانب الحياة كلها !
لقد نشأت حالة الاستضعاف هذه في أوطاننا منذ قرون عدة تدرجت فيها حالة الاستضعاف و اختلفت صنوفها و أشكالها باختلاف و تنوع أسبابها و مبرراتها .
فعلى مقولة " اتفق العرب على أن لا يتفقوا " . فقد عرف التاريخ العربي القديم و الحديث نزاعات و انعطافات شديدة أثرت بشكل كبير في كيان الأمة و أسباب قوتها منعتها . مما دعا أعداؤها إلى تحين الفرص للولوج في مركباتها الأساسية والعمل على التهام عناصرها الحية من الداخل تحضيراً لغزوها و استباحتها والقضاء عليها ومن ثم إعادة تشكيلها على الهيئة و الصورة التي تخدم هذا العدو حاضراً و مستقبلاً .
لن نعود إلى تفصيل وشرح الأسباب التاريخية التي أصبحت معروفة للكثير منّا ولكن , لا بد من الحديث عن إحدى نتائج الحرب العالمية الأولى التي خرجت منها الامبراطورية العثمانية مهزومة خاسرة أمام أوروبا الطامحة أبداً إلى بسط السيطرة على منطقتنا العربية فكانت " سايكس بيكو" التي مزقت الإنسان و الجغرافيا و التاريخ و المستقبل العربي الواحد لزرع الضعف فيه وتكريس حالة الهوان و بالتالي الاحتلال و الغزو !
ولم تكن فكرة إعلان نشوء دولة اسرائيل في فلسطين الغالية إلا حقبة تالية من حقب الاستضعاف والهوان و الهزيمة .
إلا أن وجه الغزو و الطمع اختلف بعد نهاية الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها الولايات المتحدة الأمريكية بحصة الأسد مما أعطاها الأفضلية أمام حلفائها الأوروبيين في رسم الشكل الجديد و المرغوب لمنطقتنا و أوطاننا .
وعليه , فإن غزو العراق , عراق الحضارة و التاريخ , لم يكن إلا فصلاً جديداً من فصول الاستضعاف والقهر و المذلة .
وما يجري في فلسطين الحبيبة من قتل و ترويع ليس إلا فصلٌ مستمرٌ من فصول الجرائم الإنسانية التي تقترفها آلة الحرب و القتل الاسرائيلية بحق أطفالنا و نسائنا و رجالنا في فلسطين .
لا . لن يسمح لنا بالتفكير في أي مشروع وحدوي أو تنموي أو سياسي أو اقتصادي حتى . و لن يسمح لنا باستثمار خيراتنا ومواردنا ولن يسمح لنا بالاستفادة من أشكال الطاقة الجديدة الكهربائية والنووية . كما ولن يسمح لنا باستخدام مواردنا المائية و الزراعية والصناعية على الوجه الأمثل .
هل كان ليتم التعامل مع مشروع نووي عربي ( كما حدث لمفاعل العراق) كما يتم التعامل اليوم مع مشروع نووي هنا أو هناك لو أن مشروعاً عربيا ً واحداً موحداً وقف في وجه اسرائيل و الولايات المتحدة حينما قررتا قصف المفاعل وضربه ؟
ومن أين كان للولايات المتحدة الأمريكية أن تفكر في غزو و احتلال العراق لو لم يكن العراق قد وصل إلى أدنى درجات الضعف و أعلى درجات الاستضعاف من خلال الحصار الجائر لمدة 12 عام دفع فيه شعبنا في العراق الغالي و الرخيص في سبيل تحصيل لقمة عيشه و حياته ؟
و من أين كان لاسرائيل أن تستبيح الدم العربي الفلسطيني و تعمل على التنكيل بأهلنا المحاصرين لو لم يكن الواقع العربي واقع تقسيم فكري و نفسي قبل أن يكون واقعاً تقسيمياً جغرافياً و سياسياً ؟
إنه الاستضعاف أيها الأخوة .... الاستضعاف لا شيء غيره!
إننا المستضعفون في الأرض وعليه , فإننا الوصفة الضحية دائماً كما أنهم الأطباء الجلادين أبداً .
لطالما لا يعي أحدنا الوجه الحقيقي لحالة الاستضعاف و الهوان هذه الذي يجب أن يدعونا إلى حشد الطاقات الفكرية و الإنسانية والعملية للانتقال الفوري و القوي من حالة الاستضعاف إلى حالة القوة والتجدد و الوحدة التي أرى أرومتها حية قادرة على النمو و الاستحضار لطالما عاشت فينا هذه الأرومة في وقت ما كنّا فيه أسياد فكر و عمل حين عاش الآخرون في غياهب الظلام و الانحطاط.
المنتديات
التعليقات
Re: استضعفو ك ..... فوصفوك !
إضافة تعليق جديد