كان عمري ثماني سنوات عندما نشبت حرب تشرين التحريرية عام 1973 . سمعنا وقتها عن المعارك الدائرة على الجبهات بين الجيش العربي السوري و جيش الاحتلال الاسرائيلي.
أذكر أنه كنّا نجلس حول التلفاز الصغير بألوان صورته البيضاء و السوداء لنتابع النشرات و التقارير المتتالية التي كانت تأتي من الجبهات السورية و المصرية . في سياق أحد التقارير التي أذاعها التلفزيون , أتت كلمة " اللواء الجولاني " في تقرير عن المعارك التي تخوضها إحدى قطعات جيشنا العربي السوري مع هذا اللواء الذي وصِف على أنه من خيرة ألوية جيش الاحتلال الاسرائيلي!
وككل الأطفال الذين يبتغون معرفة معاني الأسماء , سألت أمي عن معنى كلمة " اللواء الجولاني" التي أجابت بأن لا فكرة لديها عن أصل هذه الكلمة ولكن , على ما يبدو من سياق التقرير أن هذه الكلمة مرتبطة بأحد ألوية الجيش الاسرائيلي!
لم يثنني عزمي و فضولي لمعرفة أصل كلمة " اللواء الجولاني" عن سؤال أبي بعد فترة طويلة من انتهاء الحرب على أصل هذه الكلمة.
حيث قال :" إنه من أشهر قطعات الجيش الاسرائيلي. لواء مقاتل ويشكل رأس الحربة القتالية في كثير من المعارك . مُدرب بشكل جيد لعمليات الاختراق و مزود بأحدث المعدات و العتاد العسكري وأكثرها تطوراً كما أن سواده الأعظم من " الدروز العرب"!!!".
وتابع " لقد خاض هذا اللواء أعتى المعارك الحربية ضد الجيش العربي السوري على الجبهة السورية وكان جنوده من أشرس الجنود قتالاً على تلك الجبهات .
قلت له :" ومن هم الدروز العرب يا أبي ؟".
قال :" إنهم مثلنا يا بني من أصول عربية بل وأكثر الفئات العربية عراقة و أصالة ولكن اسرائيل بحكم احتلالها الطويل لفلسطين , استطاعت أن تستميل فئات ضعيفة من زعامات الدروز العرب وبالتالي سخرت بعض هؤلاء الضعفاء و شجعتهم للانخراط في الجيش الاسرائيلي وعمدت إلى تشكيل لواء خاص بهم راعت فيه أن يكون جميع عناصر هذا اللواء من الدروز العرب بمن فيهم القاده وذلك تحاشياً لحدوث الخلافات و الحساسيات.
وتابع :" هذا لا يعني يا بني أن الدروز العرب كلهم كذلك , لا بل فيهم من هو أشد شجاعة وعروبة من الجميع . وهناك أمثلة رائعة على ذلك . فجيشنا العربي السوري يختزن الكثير من هؤلاء وأكثر من ذلك , فإن الدروز العرب في الجولان يقارعون جيش الاحتلال مقارعة الأبطال.
لم أكن وقتها قد سمعت عن سلطان باشا الأطرش أو عن ثورته ولم أكن قد سمعت بعد عن بطولات أهلنا في جبل العرب الأشم ضد الاستعمار الفرنسي البغيض.
لا استطيع أن أنكر وقتها حجم السؤال الذي تولد في نفس صبي صغير حول كيفية وجود لواء عربي مقاتل إلى جنب جيش الاحتلال الاسرائيلي ؟
وكيف يمكن للعدو أن يوظف لغاياته الرخيصة و المجنونة و الحاقدة هؤلاء بل ويجعلهم رأس حربة قتاله و معاركه مع إخوانه و جيرانه؟..
توالت الأيام ... حتى جاء عام 1982 . سنة اجتياح لبنان . تابعت بدايات عملية الاجتياح التي قادها وزير دفاع جيش العدو آنذاك " آرئيل شارون" و عادت كلمة " اللواء الجولاني " لتتصدر عناوين القتال مرة أخرى بعد مرور سنوات عديدة على انتهاء حرب تشرين التحريرية . وعرفنا أن هذا اللواء عاد ليشارك مرة تلو المرة رأس حربة القتال في جيش الدفاع الاسرائيلي المعتدي . وسمعنا أيضاً عن شراسة هذا اللواء ( كما العادة) في قتاله مع وحدات الجيش العربي السوري العاملة في لبنان و الفصائل الفلسطينية و فصائل المقاومة اللبنانية على اختلاف طيفها السياسي !
وها هو " اللواء الجولاني" اليوم يقود مرة أخرى المعارك الضارية ضد " حزب الله" و المقاومة الإسلامية ويشكل رأس حربة جيش الاحتلال الاسرائيلي في حربه على لبنان.
اليوم وبعد مرور 33 سنة , أجلس مع أولادي لنشاهد التلفاز بصوره الملونة و الواقعية التي تبرز بشكل واضح مجريات المعارك في الجنوب اللبناني . وها هي عدسات الصحافة المرئية تصور كل ما يدب و يهب عن كثب فيحسب المرء نفسه وكأنه يعيش في وسط العاصفة .
وتعود للظهور كلمة " اللواء الجولاني " مرة ثانية و ثالثة ورابعة حيث يصفونه اليوم بأنه من قوات النخبة في جيش الاحتلال الاسرائيلي .
سألني ابني الذي له من العمر الآن ما كان لي من العمر سنة 1973 , عن معنى كلمة " اللواء الجولاني" ؟
حيث قال :" لماذا سمي هذا اللواء الاسرائيلي باللواء الجولاني. أوليست كلمة الجولاني كلمة عربية ؟ أوليس الجولان لسورية يا أبي؟".
قلت له :" نعم إن الجولان لسورية وأهل الجولان سوريون . ولكنه الاحتلال الذي جثم فوق صدور أهلنا هناك وسيأتي اليوم الذي يعود فيه الجولان أرضاً و شعباً إلى محيطه العربي الأصيل وإلى أمه و حاضنته سورية ".
فقال :" وهل سيعود حينها " اللواء الجولاني " إلينا يا أبي ؟ ".
قلت له :" يا بني , إذا كان عند العدو " لواء جولاني" فسورية لديها جيشاً جولانياً وكما هو " اللواء الجولاني" رأس حربة جيش الاحتلال الاسرائيلي, فإن أهلنا في الجولان الحبيب هم رأس حربة سورية كلها في مواجهة العدو الغاشم .
" لا تنسى يا بني أن من خاض معارك مرجعيون وراشيا و مجدل شمس الأولى و الثانية وقاد الثورة ضد الاستعمار الفرنسي , لا يمكن له اليوم أن يكون في خندق آخر غير خندق العروبة و الوفاء و الكرامة.
" و لكن المحتل يعمد دائماً إلى استمالة القلة من الفلة ويغريها بالمال و المناصب و المكاسب ليعمل على شق الصف وزرع الفرقة التي هي غاية العدو وهدفه الدائم .
" و لا يمكن لمن شيدوا في ساحات نضالهم وفي قلوبهم و عقولهم صروحاً للعروبة وكتبوا على راياتهم الغراء عبارة :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر,
أن يتزحزحوا قيد أنملة عن الخط القويم و العهد القديم الذي قطعوه على أنفسهم فقدموا أرواحهم قرابين فداء لعزة وطنهم الأم سورية و كرامة أرضهم التي هي أغلى ما يمكن أن يُحاط .
ولهؤلاء الذين أغوتهم أساطير" بني صهيون " و" شعب الله المختار" و " الكل مسخرون لحماية اسرائيل ", نقول لكم :" لماذا لا تسألون أنفسكم عن جعلكم رأس حربة الجيش ولماذا تُقحمون في خضم المعارك و توضعون في فوهات النار والمدافع؟ "
" لماذا يُدفع بكم إلى ساحات القتال في وجه إخوانكم وأبناء جلدتكم؟"
" أليس هذا بدافع القذف و التضحية بكم وجعلكم القتلى الأوائل في معاركهم ؟"
"لماذا تقبلون العيش و القتال ومن بعده الانتحار من أجل هؤلاء ؟"
"لن نقول لكم حاربوا معنا . بل نقول لكم على الأقل قفوا على الحياد كما فعل الكثير من بقية العرب . أقلها لا تعطوا الذريعة و المبرر للعدو للدخول في لحمة الإيمان و شرعة الأكوان".
" أم أنكم تريدون لحفيدي أن يسأل أبيه عن معنى كلمة " اللواء الجولاني" الذي يخوض معركة أخرى على رقعة ما من الأرض العربية عندما يكون له من العمر الثماني ؟".!!!!!
أذكر أنه كنّا نجلس حول التلفاز الصغير بألوان صورته البيضاء و السوداء لنتابع النشرات و التقارير المتتالية التي كانت تأتي من الجبهات السورية و المصرية . في سياق أحد التقارير التي أذاعها التلفزيون , أتت كلمة " اللواء الجولاني " في تقرير عن المعارك التي تخوضها إحدى قطعات جيشنا العربي السوري مع هذا اللواء الذي وصِف على أنه من خيرة ألوية جيش الاحتلال الاسرائيلي!
وككل الأطفال الذين يبتغون معرفة معاني الأسماء , سألت أمي عن معنى كلمة " اللواء الجولاني" التي أجابت بأن لا فكرة لديها عن أصل هذه الكلمة ولكن , على ما يبدو من سياق التقرير أن هذه الكلمة مرتبطة بأحد ألوية الجيش الاسرائيلي!
لم يثنني عزمي و فضولي لمعرفة أصل كلمة " اللواء الجولاني" عن سؤال أبي بعد فترة طويلة من انتهاء الحرب على أصل هذه الكلمة.
حيث قال :" إنه من أشهر قطعات الجيش الاسرائيلي. لواء مقاتل ويشكل رأس الحربة القتالية في كثير من المعارك . مُدرب بشكل جيد لعمليات الاختراق و مزود بأحدث المعدات و العتاد العسكري وأكثرها تطوراً كما أن سواده الأعظم من " الدروز العرب"!!!".
وتابع " لقد خاض هذا اللواء أعتى المعارك الحربية ضد الجيش العربي السوري على الجبهة السورية وكان جنوده من أشرس الجنود قتالاً على تلك الجبهات .
قلت له :" ومن هم الدروز العرب يا أبي ؟".
قال :" إنهم مثلنا يا بني من أصول عربية بل وأكثر الفئات العربية عراقة و أصالة ولكن اسرائيل بحكم احتلالها الطويل لفلسطين , استطاعت أن تستميل فئات ضعيفة من زعامات الدروز العرب وبالتالي سخرت بعض هؤلاء الضعفاء و شجعتهم للانخراط في الجيش الاسرائيلي وعمدت إلى تشكيل لواء خاص بهم راعت فيه أن يكون جميع عناصر هذا اللواء من الدروز العرب بمن فيهم القاده وذلك تحاشياً لحدوث الخلافات و الحساسيات.
وتابع :" هذا لا يعني يا بني أن الدروز العرب كلهم كذلك , لا بل فيهم من هو أشد شجاعة وعروبة من الجميع . وهناك أمثلة رائعة على ذلك . فجيشنا العربي السوري يختزن الكثير من هؤلاء وأكثر من ذلك , فإن الدروز العرب في الجولان يقارعون جيش الاحتلال مقارعة الأبطال.
لم أكن وقتها قد سمعت عن سلطان باشا الأطرش أو عن ثورته ولم أكن قد سمعت بعد عن بطولات أهلنا في جبل العرب الأشم ضد الاستعمار الفرنسي البغيض.
لا استطيع أن أنكر وقتها حجم السؤال الذي تولد في نفس صبي صغير حول كيفية وجود لواء عربي مقاتل إلى جنب جيش الاحتلال الاسرائيلي ؟
وكيف يمكن للعدو أن يوظف لغاياته الرخيصة و المجنونة و الحاقدة هؤلاء بل ويجعلهم رأس حربة قتاله و معاركه مع إخوانه و جيرانه؟..
توالت الأيام ... حتى جاء عام 1982 . سنة اجتياح لبنان . تابعت بدايات عملية الاجتياح التي قادها وزير دفاع جيش العدو آنذاك " آرئيل شارون" و عادت كلمة " اللواء الجولاني " لتتصدر عناوين القتال مرة أخرى بعد مرور سنوات عديدة على انتهاء حرب تشرين التحريرية . وعرفنا أن هذا اللواء عاد ليشارك مرة تلو المرة رأس حربة القتال في جيش الدفاع الاسرائيلي المعتدي . وسمعنا أيضاً عن شراسة هذا اللواء ( كما العادة) في قتاله مع وحدات الجيش العربي السوري العاملة في لبنان و الفصائل الفلسطينية و فصائل المقاومة اللبنانية على اختلاف طيفها السياسي !
وها هو " اللواء الجولاني" اليوم يقود مرة أخرى المعارك الضارية ضد " حزب الله" و المقاومة الإسلامية ويشكل رأس حربة جيش الاحتلال الاسرائيلي في حربه على لبنان.
اليوم وبعد مرور 33 سنة , أجلس مع أولادي لنشاهد التلفاز بصوره الملونة و الواقعية التي تبرز بشكل واضح مجريات المعارك في الجنوب اللبناني . وها هي عدسات الصحافة المرئية تصور كل ما يدب و يهب عن كثب فيحسب المرء نفسه وكأنه يعيش في وسط العاصفة .
وتعود للظهور كلمة " اللواء الجولاني " مرة ثانية و ثالثة ورابعة حيث يصفونه اليوم بأنه من قوات النخبة في جيش الاحتلال الاسرائيلي .
سألني ابني الذي له من العمر الآن ما كان لي من العمر سنة 1973 , عن معنى كلمة " اللواء الجولاني" ؟
حيث قال :" لماذا سمي هذا اللواء الاسرائيلي باللواء الجولاني. أوليست كلمة الجولاني كلمة عربية ؟ أوليس الجولان لسورية يا أبي؟".
قلت له :" نعم إن الجولان لسورية وأهل الجولان سوريون . ولكنه الاحتلال الذي جثم فوق صدور أهلنا هناك وسيأتي اليوم الذي يعود فيه الجولان أرضاً و شعباً إلى محيطه العربي الأصيل وإلى أمه و حاضنته سورية ".
فقال :" وهل سيعود حينها " اللواء الجولاني " إلينا يا أبي ؟ ".
قلت له :" يا بني , إذا كان عند العدو " لواء جولاني" فسورية لديها جيشاً جولانياً وكما هو " اللواء الجولاني" رأس حربة جيش الاحتلال الاسرائيلي, فإن أهلنا في الجولان الحبيب هم رأس حربة سورية كلها في مواجهة العدو الغاشم .
" لا تنسى يا بني أن من خاض معارك مرجعيون وراشيا و مجدل شمس الأولى و الثانية وقاد الثورة ضد الاستعمار الفرنسي , لا يمكن له اليوم أن يكون في خندق آخر غير خندق العروبة و الوفاء و الكرامة.
" و لكن المحتل يعمد دائماً إلى استمالة القلة من الفلة ويغريها بالمال و المناصب و المكاسب ليعمل على شق الصف وزرع الفرقة التي هي غاية العدو وهدفه الدائم .
" و لا يمكن لمن شيدوا في ساحات نضالهم وفي قلوبهم و عقولهم صروحاً للعروبة وكتبوا على راياتهم الغراء عبارة :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر,
أن يتزحزحوا قيد أنملة عن الخط القويم و العهد القديم الذي قطعوه على أنفسهم فقدموا أرواحهم قرابين فداء لعزة وطنهم الأم سورية و كرامة أرضهم التي هي أغلى ما يمكن أن يُحاط .
ولهؤلاء الذين أغوتهم أساطير" بني صهيون " و" شعب الله المختار" و " الكل مسخرون لحماية اسرائيل ", نقول لكم :" لماذا لا تسألون أنفسكم عن جعلكم رأس حربة الجيش ولماذا تُقحمون في خضم المعارك و توضعون في فوهات النار والمدافع؟ "
" لماذا يُدفع بكم إلى ساحات القتال في وجه إخوانكم وأبناء جلدتكم؟"
" أليس هذا بدافع القذف و التضحية بكم وجعلكم القتلى الأوائل في معاركهم ؟"
"لماذا تقبلون العيش و القتال ومن بعده الانتحار من أجل هؤلاء ؟"
"لن نقول لكم حاربوا معنا . بل نقول لكم على الأقل قفوا على الحياد كما فعل الكثير من بقية العرب . أقلها لا تعطوا الذريعة و المبرر للعدو للدخول في لحمة الإيمان و شرعة الأكوان".
" أم أنكم تريدون لحفيدي أن يسأل أبيه عن معنى كلمة " اللواء الجولاني" الذي يخوض معركة أخرى على رقعة ما من الأرض العربية عندما يكون له من العمر الثماني ؟".!!!!!
المنتديات
التعليقات
Re: " اللواء الجولاني " إلى أين ؟
إضافة تعليق جديد