الجمل - رزان توماني
في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في المجتمع السوري أصدر قاضي المحكمة الشرعية الرابعة بدمشق القرار رقم 1379 و يقضي بإسلام طفلين بعمر (3-10) سنوات، مولودين من أبوين مسيحيين، بناء على دعوة تقدمت بها الأم بعد هجرها لزوجها ومن ثم تحولها إلى دين الإسلام منذ شهور قليلة.
ولولا الملابسات التي أحاطت القضية ، لظهر أن حكم القاضي أنصف المرأة وأعطاها حقا في منح دينها لأولادها، فيما عجزت القوانين السورية عن منح المرأة حق منح جنسيتها لأولادها على الضد من كل الدول المتحضرة وحتى بعض المتخلف منها، وملابسات هذه القضية أن الأم سبق وخسرت قضية حضانة الأولاد في المحكمة الروحية، إذ هجرت منزل الزوجية لتسافر الى بلد آخر ومن ثم تعود لتزور زوجها في مكان عمله وقد اصطحبت معها رجلاً غريباً مدعية أنه زوجها الثاني طالبة الطلاق، وكان لها ما تريد. إلا أنها أرادت المزيد وهو اصطحاب الطفلين معها في مغامرتها الزوجية الجديدة ، ولما خسرت القضية في المحكمة الروحية، وكذلك كانت ستخسرها لو تقدمت بها الى محياكم السورية كونها غير مؤهلة للحضانة بمجرد ارتباطها بزوج غير والديهما،لجأت الى قانون بائد من مخلفات السلطنة العثمانية، مستغلة الدين إلى درجة لا تخطر على بال اللهم سوى أهل القانون العارفين بالثغرات والفجوات التي يمكن أن يمر من خلالها مخالفات جسام للقانون وحقوق الإنسان وحتى الدين.
القرار المحكمة 1379 القائل : "يحكم بإسلام الأطفال تبعاً لإسلام والديهم أي يحكم على الولد بالتبعية لأشرف الوالدين ديناً"!!. استند إلى أحكام معمول بها زمن الحكم العثماني، المعروف في قاموسنا وتاريخنا باسم "الاستبداد العثماني". فما مغزى العودة في 2007 إلى قوانين من زمن الاستبداد؟ و مخالفة تقاليد وأعراف التعايش بين الطوائف و الأديان في بلدنا. مهد الديانات السماوية. الذي يعيش الجميع فيه محترمين ومصانين. هذا عدا ضرب عرض الحائط بالدستور الذي نص في البند الرابع من المادة 35 على أن : "حرية الاعتقاد مصانة وتحترم الدولة جميع الأديان"
إن قراراً كهذا إنما يعطي مثالاً حياً على استغلال الدين، وكيفية الاستفادة من حساسية الموضوع الطائفي في تجنب طرحه على الرأي العام لأن الجميع مدرك أن مجرد طرح هكذا قضية أمام الرأي العام قد تشكل خطراً أو استفزازا للبعض، ما يجعل القضية تمر مرور الكرام مكرسة عملية استغلال الدين ومخالفة الشريعة كلما افتقدت الحيلة وسدت سبل التلاعب، فالأم غير المؤهلة لحضانة الأطفال لأنها مرتبطة بزوج غير أب أولادها حسب الشرع والقانون ، تغدو مؤهلة إذا غيرت دينها فقط دون سلوكها!! ويمكنها بمعية محام "شاطر" الحصول على قرار محكمة حتى لو كان مخالفاً للشريعة الإسلامية التي يستند إليها في التشريع. إذ تقول الآية الكريمة "لا إكراه في الدين". ومخالفاً أيضاً لعدة بنود من اتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها سوريا منذ1989، وجرى العمل بها منذ 1990.
فقد جاء في البند الأول من المادة 14:( تحترم الدول الأطراف في الاتفاقية حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين).
وكذلك مخالفة بنود أخرى من الاتفاقية إذ لم يؤخذ برأي الطفلين في القضية. كما لم يترك لهم حرية الاختيار بين دين أبيهم الذين ولدوا ونشأوا عليه و دين أمهم الجديد. إذ جاء في البندين الأول والثاني من المادة 12 من الاتفاقية: ( تكفل الدول الأعضاء للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير عن ذلك بحرية في جميع المسائل التي تمس الطفل... ولهذا الغرض تتاح للطفل بوجه خاص فرصة الاستماع إليه في أي إجراءات قضائية وإدارية تمس الطفل).
تزداد خطورة القرار كونه سابقة تؤسس لمرجعية تتم القياس عليها في القضايا المماثلة اللاحقة.
الدكتور.محمد الحبش مدير معهد الدراسات الإسلامية وعضو مجلس الشعب يقول في هذه القضية :(مع احترامي لموقف السادة الحنفية الذي اعتمد عليه القاضي في تقرير المسألة وهو يستند كما هو معلوم إلى أن دين الدولة العثمانية هو الإسلام والعمل وفق المذهب الحنفي . التعبير بأن يتم اختيار أشرف الوالدين ديناً ليس قانونياً وإنما نص فقهي يعود إلى أيام العثمانيين حيث كانت تحسم بهذه الطريقة، ولكن وفقاً لأصول الشريعة فلا يوجد لدينا في نصوص الكتاب أو السنة الصحيحة ما ينص على هذه الحالة. وما ينص على إجبار الأبناء على تغيير دينهم. ونحن نعلم أن معظم الصحابة الذين دخلوا في الإسلام وكانوا صغاراً إنما دخلوا بإرادتهم. وسأروي سبب نزول الآية "لا إكراه في الدين" التي نزلت في (المرأة من أهل المدينة كان لا يعيش لها ولداً، فكانت تنذر وتقول: إن عاش لي ولد لأهودنه، فإذا عاش لها ولداً جعلته بين اليهود، فلما جاء الإسلام، وأجلى رسول الله بني النضير إلى الشام، بقي عدد من أولاد الأنصار قد هودوا، فاستأذنوا رسول الله في استردادهم ، فنزلت الآية (لا إكراه في الدين) فمن شاء منهم أن يدخل الإسلام فليدخل، ومن لم يشأ فلا إكراه في الدين.)
مما يوجب منح الأبناء حرية اختيار موقفهم الديني وعدم الحكم تلقائياً بوجوب اختيار أحد الدينين بإيجاب دخولهم في الإسلام. ما نطالب به هو عدم الإجبار على أي خيار ديني حتى بلوغ سن التكليف بحيث يقرر الانسان من موقع المسؤولية والأهلية الشرعية ما يريد).
من جهته رفض الأب الياس زحلاوي الحديث عن هذا الموضوع من زاوية دينية أو قانونية بل جاءه من زاوية إنسانية صرفة فيقول : (نحن أمام امرأة فتية تركت زوجها وأحبت رجلاً آخر من غير دينها، واعتنقت دين الرجل الذي أحبت. وفرضت على أبنائها بموجب حكم قضائي أن يتخلوا عن الدين الذي نشأوا فيه ليعتنقوا دين أمهم الجديد. ههنا أجيز لنفسي أن أطرح بضعة أسئلة. السؤال الأول: ترى لو أحبت هذه المرأة ذات يوم رجلاً آخر. هل يحكم لها بحق الزواج من هذا الآخر، حتى لو كان مغايراً للدين الذي اعتنقته؟
السؤال الثاني: متى كان مصير الأطفال يرهن بتقلبات نزوات الأهل؟ ألا يعرف كل منا بالخبرة الشخصية سطوة النزوات وضرورة مواجهتها إخلاصاً منه لذاته ولمن حوله؟ بدل أن يتحول إلى إنسان لا لون له ولا موقف. يتقلب مع نزواته كلما عصفت به.
السؤال الثالث: أما آن لنا أن ندرك خطورة فرض دين جديد على أطفال نشأوا في دين آخر. لنعرضهم لانكسار في نفسيتهم، كما تؤثر بالسلب عليهم في اختياراتهم اللاحقة طوال عمرهم؟
السؤال الرابع: هل يجوز لنا بعد اليوم أن ننسى أن قيمة الإنسان بمدى تمتعه بالحرية الحقة منذ طفولته. وأن الأفراد أياً كانوا وأياً كانت مسؤوليتهم إنما هم مطالبون بتوفير مناخ تنمو فيه الحرية لعزة الإنسان منذ طفولته؟).
رابط الخبر :
http://www.aljaml.com/node/12619
في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في المجتمع السوري أصدر قاضي المحكمة الشرعية الرابعة بدمشق القرار رقم 1379 و يقضي بإسلام طفلين بعمر (3-10) سنوات، مولودين من أبوين مسيحيين، بناء على دعوة تقدمت بها الأم بعد هجرها لزوجها ومن ثم تحولها إلى دين الإسلام منذ شهور قليلة.
ولولا الملابسات التي أحاطت القضية ، لظهر أن حكم القاضي أنصف المرأة وأعطاها حقا في منح دينها لأولادها، فيما عجزت القوانين السورية عن منح المرأة حق منح جنسيتها لأولادها على الضد من كل الدول المتحضرة وحتى بعض المتخلف منها، وملابسات هذه القضية أن الأم سبق وخسرت قضية حضانة الأولاد في المحكمة الروحية، إذ هجرت منزل الزوجية لتسافر الى بلد آخر ومن ثم تعود لتزور زوجها في مكان عمله وقد اصطحبت معها رجلاً غريباً مدعية أنه زوجها الثاني طالبة الطلاق، وكان لها ما تريد. إلا أنها أرادت المزيد وهو اصطحاب الطفلين معها في مغامرتها الزوجية الجديدة ، ولما خسرت القضية في المحكمة الروحية، وكذلك كانت ستخسرها لو تقدمت بها الى محياكم السورية كونها غير مؤهلة للحضانة بمجرد ارتباطها بزوج غير والديهما،لجأت الى قانون بائد من مخلفات السلطنة العثمانية، مستغلة الدين إلى درجة لا تخطر على بال اللهم سوى أهل القانون العارفين بالثغرات والفجوات التي يمكن أن يمر من خلالها مخالفات جسام للقانون وحقوق الإنسان وحتى الدين.
القرار المحكمة 1379 القائل : "يحكم بإسلام الأطفال تبعاً لإسلام والديهم أي يحكم على الولد بالتبعية لأشرف الوالدين ديناً"!!. استند إلى أحكام معمول بها زمن الحكم العثماني، المعروف في قاموسنا وتاريخنا باسم "الاستبداد العثماني". فما مغزى العودة في 2007 إلى قوانين من زمن الاستبداد؟ و مخالفة تقاليد وأعراف التعايش بين الطوائف و الأديان في بلدنا. مهد الديانات السماوية. الذي يعيش الجميع فيه محترمين ومصانين. هذا عدا ضرب عرض الحائط بالدستور الذي نص في البند الرابع من المادة 35 على أن : "حرية الاعتقاد مصانة وتحترم الدولة جميع الأديان"
إن قراراً كهذا إنما يعطي مثالاً حياً على استغلال الدين، وكيفية الاستفادة من حساسية الموضوع الطائفي في تجنب طرحه على الرأي العام لأن الجميع مدرك أن مجرد طرح هكذا قضية أمام الرأي العام قد تشكل خطراً أو استفزازا للبعض، ما يجعل القضية تمر مرور الكرام مكرسة عملية استغلال الدين ومخالفة الشريعة كلما افتقدت الحيلة وسدت سبل التلاعب، فالأم غير المؤهلة لحضانة الأطفال لأنها مرتبطة بزوج غير أب أولادها حسب الشرع والقانون ، تغدو مؤهلة إذا غيرت دينها فقط دون سلوكها!! ويمكنها بمعية محام "شاطر" الحصول على قرار محكمة حتى لو كان مخالفاً للشريعة الإسلامية التي يستند إليها في التشريع. إذ تقول الآية الكريمة "لا إكراه في الدين". ومخالفاً أيضاً لعدة بنود من اتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها سوريا منذ1989، وجرى العمل بها منذ 1990.
فقد جاء في البند الأول من المادة 14:( تحترم الدول الأطراف في الاتفاقية حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين).
وكذلك مخالفة بنود أخرى من الاتفاقية إذ لم يؤخذ برأي الطفلين في القضية. كما لم يترك لهم حرية الاختيار بين دين أبيهم الذين ولدوا ونشأوا عليه و دين أمهم الجديد. إذ جاء في البندين الأول والثاني من المادة 12 من الاتفاقية: ( تكفل الدول الأعضاء للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير عن ذلك بحرية في جميع المسائل التي تمس الطفل... ولهذا الغرض تتاح للطفل بوجه خاص فرصة الاستماع إليه في أي إجراءات قضائية وإدارية تمس الطفل).
تزداد خطورة القرار كونه سابقة تؤسس لمرجعية تتم القياس عليها في القضايا المماثلة اللاحقة.
الدكتور.محمد الحبش مدير معهد الدراسات الإسلامية وعضو مجلس الشعب يقول في هذه القضية :(مع احترامي لموقف السادة الحنفية الذي اعتمد عليه القاضي في تقرير المسألة وهو يستند كما هو معلوم إلى أن دين الدولة العثمانية هو الإسلام والعمل وفق المذهب الحنفي . التعبير بأن يتم اختيار أشرف الوالدين ديناً ليس قانونياً وإنما نص فقهي يعود إلى أيام العثمانيين حيث كانت تحسم بهذه الطريقة، ولكن وفقاً لأصول الشريعة فلا يوجد لدينا في نصوص الكتاب أو السنة الصحيحة ما ينص على هذه الحالة. وما ينص على إجبار الأبناء على تغيير دينهم. ونحن نعلم أن معظم الصحابة الذين دخلوا في الإسلام وكانوا صغاراً إنما دخلوا بإرادتهم. وسأروي سبب نزول الآية "لا إكراه في الدين" التي نزلت في (المرأة من أهل المدينة كان لا يعيش لها ولداً، فكانت تنذر وتقول: إن عاش لي ولد لأهودنه، فإذا عاش لها ولداً جعلته بين اليهود، فلما جاء الإسلام، وأجلى رسول الله بني النضير إلى الشام، بقي عدد من أولاد الأنصار قد هودوا، فاستأذنوا رسول الله في استردادهم ، فنزلت الآية (لا إكراه في الدين) فمن شاء منهم أن يدخل الإسلام فليدخل، ومن لم يشأ فلا إكراه في الدين.)
مما يوجب منح الأبناء حرية اختيار موقفهم الديني وعدم الحكم تلقائياً بوجوب اختيار أحد الدينين بإيجاب دخولهم في الإسلام. ما نطالب به هو عدم الإجبار على أي خيار ديني حتى بلوغ سن التكليف بحيث يقرر الانسان من موقع المسؤولية والأهلية الشرعية ما يريد).
من جهته رفض الأب الياس زحلاوي الحديث عن هذا الموضوع من زاوية دينية أو قانونية بل جاءه من زاوية إنسانية صرفة فيقول : (نحن أمام امرأة فتية تركت زوجها وأحبت رجلاً آخر من غير دينها، واعتنقت دين الرجل الذي أحبت. وفرضت على أبنائها بموجب حكم قضائي أن يتخلوا عن الدين الذي نشأوا فيه ليعتنقوا دين أمهم الجديد. ههنا أجيز لنفسي أن أطرح بضعة أسئلة. السؤال الأول: ترى لو أحبت هذه المرأة ذات يوم رجلاً آخر. هل يحكم لها بحق الزواج من هذا الآخر، حتى لو كان مغايراً للدين الذي اعتنقته؟
السؤال الثاني: متى كان مصير الأطفال يرهن بتقلبات نزوات الأهل؟ ألا يعرف كل منا بالخبرة الشخصية سطوة النزوات وضرورة مواجهتها إخلاصاً منه لذاته ولمن حوله؟ بدل أن يتحول إلى إنسان لا لون له ولا موقف. يتقلب مع نزواته كلما عصفت به.
السؤال الثالث: أما آن لنا أن ندرك خطورة فرض دين جديد على أطفال نشأوا في دين آخر. لنعرضهم لانكسار في نفسيتهم، كما تؤثر بالسلب عليهم في اختياراتهم اللاحقة طوال عمرهم؟
السؤال الرابع: هل يجوز لنا بعد اليوم أن ننسى أن قيمة الإنسان بمدى تمتعه بالحرية الحقة منذ طفولته. وأن الأفراد أياً كانوا وأياً كانت مسؤوليتهم إنما هم مطالبون بتوفير مناخ تنمو فيه الحرية لعزة الإنسان منذ طفولته؟).
رابط الخبر :
http://www.aljaml.com/node/12619
المنتديات
التعليقات
Re: محكمة سورية تقرر تبعية الأبناء لأشرف الوالدين دينا !!
Re: محكمة سورية تقرر تبعية الأبناء لأشرف الوالدين دينا !!
Re: محكمة سورية تقرر تبعية الأبناء لأشرف الوالدين دينا !!
Re: محكمة سورية تقرر تبعية الأبناء لأشرف الوالدين دينا !!
Re: محكمة سورية تقرر تبعية الأبناء لأشرف الوالدين دينا !!
إضافة تعليق جديد