مرحباً أشكر السيدة وردة الثلج على المداخلة سيد نايف : هل نتفق أنا وأنت على أن هؤلاء الروبيضة موجودون في كل الطوائف و لا يمكن حصرهم في طائفة واحدة هل نتفق أنا و أنت أن سورية الوطن هي وطننا جميعاً على اختلاف مذاهبنا و معتقداتنا و لا يحق لأي طرف إلغاء و إقصاء طرف آخر هل تتفق معي بأنه لا يوجد شخص ( على اختلاف دينه ) في وطننا إلا و عانى من طائفية فرقةٍ ما و هل تتفق معي بأن كل الطوائف و المذاهب تدَّعي بأن سبب طائفيتها هو حقد و طائفية الفرق الأخرى لسنا هنا في معرض ذكر التسلسل التاريخي للبادئ بالطائفية و مؤسسها لأننا سنصل في النهاية إلى عهد الرسول و سيتبنى كل منا قناعات زعمائه الدينيين لإفحام الطرف الآخر و هذا ما لا أريده في حوارنا هذا لأننا لن نصل من خلاله إلى نتيجة إيجابية . أنا أستطيع أن افهم سبب حقد الطوائف التي تؤمن بالتقمص و الترقي في الخلق على غيرهم من الطوائف و ذلك لأنهم يعتبرونهم أدنى مرتبة روحانية منهم و أشدد على أني أستطيع أن أفهم و لست مقتنعاً أو مؤيداً لهذه الفكرة أما بالنسبة للطوائف التي لا تؤمن بالتقمص و الترقي فهي تنطلق في حقدها من قلة أو انعدام الإيمان و الدين لدى غيرها من الطوائف و على هذا فالجميع محتقرون و أدنى منهم مرتبة عند الله أيضاً إن كل فرقة و طائفة من الطوائف كما كل دين من الأديان تنظر لنفسها على أنها الفريق الوحيد الذي يتبع الطريق الحق و كل ما عداها إ ما متأخر عنها أو لم يعثر على الطريق بعد إن هذه النظرة الفوقية و المتعالية و المتعالمة من كل فرقة تجاه الفرق الأخرى هي التي تسبب الحقد المتبادل بين هذه الفرق أضف إلى ذلك التعاليم الدينية التي لا تسمح لك حتى بالتعامل لمرة واحدة مع غيرك من الفرق فكيف بالزواج و العمل و الصداقة و إلى ما هنالك من أمور الحياة و ذلك كله كي تظل هذه الفرقة خاضعة للتعاليم التي يبثها زعماؤها و لا تنجلي أمامها الحقيقة التي يعملون على تعتيمها و تزييفها كما نضيف إلى هذه التعاليم الدينية أمر قد يفوقها أهمية و هو التربية أو البيئة التربوية لكل شخص فأنا كأب مثلاً عندما أنقل معاناتي الطائفية ( من شخص ما ينتمي إلى طائفة معينة ) لأطفالي أو أتحدث أمامهم عن موضوع كهذا فأنا من حيث لا أدري أكون قد بذرت فيهم بذور الطائفية و الحقد على طائفة الشخص الذي تعرضت للمضايقة أو الأذى منه . و نحن في هذا الوطن تراكم لما سبق و ذكرت و لا يمكن أن ننتهي من هذا الأمر إلا بالوعي فليس هنالك شخص منا اختار أن يولد مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً و سنياً أو علوياً أو .. أو .. بغض النظر عن فلسفة الترقي لدى بعض الفرق . وإذا قلنا أن إرادة الله هي التي تجعلك تولد على هذا المذهب أو ذاك و لم تسعفك بيئتك و ظروف الحياة و مشاقها على التعلم و البحث و قمت أنا باحتقارك و تسفيهك لمجرد أنك تنتمي لمذهبك الذي ولدت عليه ألا يعني هذا أنني أحتقر إرادة الخالق و حكمته . سيد نايف : قلت

إذا أردنا أن نتحاور بصراحة متناهية عن الطائفة لا نستطيع بأي شكل من الأشكال فصلها عن الحكومة و السلطة و الجيش فطائفية أهلها تظهر و بوحشية من المناصب التي يتقلدوها و بكل الدوائر الحكومية

و أنا أقول : أنه يجب التفريق بين السلطة و دين السلطة فالسلطة برأيي في بلدان الحكم الأبدي لا تعرف ديناً بل تحاول استثمار الدين و فِرَقه و فُرقته و صراعات أطرافه لصالح استمراريتها و ثبات حكمها . إن سعي السلطة منذ حوالي الأربعين عاماً إلى تثبيت الحكم و استمراره بيدها بعد موجة الانقلابات التي سادت منذ أوائل الخمسينات حتى أوائل الستينات أدى إلى تناسي هموم الوطن و المواطنين و إن كان ذلك يتم تحت سقف الشعارات الوطنية البراقة و لأجل ما اعتبرته السلطة حينها أولويات وطنية . إن هذه السلطة التي نتكلم عنها يا سيدي لم تكن من طائفة واحدة بل كانت كوكتيلاً من الطوائف ساهم متنفذوها في إيصالنا إلى ما نحن عليه الآن و الدليل أنه بالرغم من الإساءات التي تمت على أيدي وصوليي الطائفة الحاكمة تجاه بقية أفراد الشعب فإنه لم يعترض أي ركن سني أو غيره من أركان النظام و لم يتقدم أي واحد منهم باستقالته منتقداً تلك الأفعال بل استمروا في حكمهم حتى عهد قريب و أعتقد أنهم في قرارة أنفسهم فرحين بأن هذه الاستمرارية جاءت على أكتاف الطائفة العلوية و ظهورها بمظهر الذئب مقابل وداعة طوائفهم و براءتها . لست أبرر أفعال الوصوليين من العلويين أو غيرهم اللذين قاموا و يقومون بما ذكرت سيد نايف و لكنني أصر على أن الأمر يتعدى المنطلق الطائفي و الديني و لا يمكننا أن نطلق صفة الحقد الطائفي على طائفة بأكملها فقط لأن مجموعة من عديمي المعرفة و الثقافة قاموا بأفعال مشينة تجاه الغير و ذلك لنفس السبب الذي لا يُمَكنُنا من أن نطلق على السنة أنهم ضد الإسلام لأن الرئيس المرحوم أمين الحافظ قام بضرب الإسلاميين في حماة . إن من الطبيعي لأي نظام يعمل على التشبث بالحكم و احتكاره لنفسه أن يفرز طبقة تعمل على حمايته و تنفيذ أهدافه و هذه الطبقة ليست طبقة دينية حتماً و إن كانت غالبيتها من طائفة معينة و بالرغم من أنهم حاولوا صبغها بالصبغة الدينية و إنما هي طبقة سياسية تعمل على تحقيق مصالحها الشخصية من خلال حماية النظام و تنفيذ أوامره . إن الطائفة العلوية في سوريا بالرغم من كل ما ارتكبته أيادي بعض الفاسدين منها ما تزال كمعظم الشعب السوري تتمتع بالبساطة و الطيبة و الأخلاق الحسنة و الكرم و النخوة و لا تخلوا من أصحاب الفكر الذين يحاولون منعها من الانجرار في دوامات الألاعيب السياسية . إن القول بأن هذه الطائفة حصراً هي المسؤولة عن فساد الوطن و بؤسه الحالي هو قول تعسفي اعتباطي يدل على فقر في المعلومات التاريخية و الاجتماعية و السياسية و يدل على انعدام كامل للمسؤولية . إن ما يتوجب قوله برأيي هو : أننا اليوم جميعاً مسؤولون كما كان آباؤنا مسؤولون عن تلك الحقبة من الزمن و كما كان أجدادنا مسؤولون عن حقبة معينة من التاريخ . النصيريون و العلويون : الطائفة النصيرية هي نفسها الطائفة العلوية ولكن اسم النصيرية أو نصيري هو اللفظ الذي كان يطلق على الشخص العلوي والذي كان يعير به و كأنه شتيمة في مرحلة معينة من الزمن كان يخشى فيها العلوي الاعتراف بعلويته و لهذا كما ذكرت سيد نايف فإن الكثيرين ممن عاصروا تلك الفترة ينزعجون من سماع هذه الكلمة تتردد ثانيةً لأنها تذكرهم بسنين الفقر و الجوع و الذل نتيجة التمييز الطائفي و الطبقي اللاإنساني الذي كان سائداً فيما مضى حيث كان اسم المناداة للمزارع العلوي يا نصيري الـكلب ... أتمنى أن تكون كلماتي قد أنارت و لو جزءا ضئيلاً من هذا الموضوع الشائك المعتم و لكم جزيل الشكر