بعض أنواع الأكاذيب الاعلامية تقود إلى الاستحمار، وبعضها تقود إلى الاستضباع.
كنت استخدمت مصطلح الاستحمار عدة مرات في سلسلة أساطير الربيع العربي، وأقصد به استخدام الأكاذيب الإعلامية في التأثير على معتقدات البشر، وتحميلهم نفس الأكاذيب لنشرها في مكان آخر.
وهذه الفترة أرصد نوعا من الأكاذيب تشبه الضحية الإعلامية التي تتركها الحيوانات اللاحمة للضباع لتنهشها. عندما تصل هذه الأكاذيب إلى بعض الناس تسبب رد فعل يمزج بين الغضب والتشفي، وتدفع متلقيها إلى اتخاذ موقف سلبي من موضوع الأكذوبة، وأحيانا إلى انتقاده بعنف، بدون تدقيق في الحقائق، فيصبح المتلقون كقطيع من الضباع التي تنهش موضوع الأكذوبة كأنه فريسة إعلامية.
يمكنكم ملاحظة ردود الفعل الاستضباعية على الأخبار المتداولة حول رئيس كوريا الشمالية، أو حول الرئيس الروسي وحياته الخاصة، أو حول عمليات القتل الجماعي في أمريكا وفرنسا، ويمكن أن أضيف إليها الأكاذيب التي تنتشر كل فترة عن المجتمع الإيراني والمجتمع السعودي.
أكاذيب الاستضباع لا تنتشر كانتشار أكاذيب الاستحمار في مجتمعنا، لأن موضوعها قد يكون بعيدا عن اهتمامات المواطن اليومية، ولأنها لا تحظى بنفس المستوى من الضخ الإعلامي من وسائل الإعلام المؤثرة.
وأكاذيب الاستضباع لا تسبب رد فعل من المواطن العادي، فهو غالبا غير معني بها، بل تستهدف شريحة أكثر اطلاعا تتابع الأخبار غير المحلية، وتهتم بإبداء رأيها في مواضيع متنوعة قد لا تمسها بشكل مباشر، وهي الشريحة التي يمكن أن توصف أنها "مثقفة"
ألاحظ أيضا أن حملات الاستحمار العنيفة تأتي مرفقة بحملة استضباع أيضا، أي أنها تأتي مرفقة بأكاذيب موجهة إلى الشرائح المثقفة في أماكن بعيدة وإلى غير المعنيين بموضوع الكذبة بشكل مباشر.
كما أحذر من الاستحمار، أحذر من الاستضباع، وأدعو أصدقائي وقرائي لعدم الانجرار وراء الحملات التي تستهدف إدانة أشخاص أو مجتمعات بعيدين لا نعرف الكثير عنهم.
التعليقات
شئنا أم أبينا فإن المجتمعات
إضافة تعليق جديد