قَنْبَلَ يُقَنْبِلُ في اللغة تعني رمى قنبلة، ولكن في سياق مقالتي وبقية كتاباتي، قَنْبَلَ الشيء أي حوله إلى قنبلة قادرة على القتل والتدمير. يمكن أن نقول مثلا التغطية الإعلامية لأحداث الكيماوي في سوريا هي تغطية مقَنْبَلَة، لأنها تغطية مصممة للقتل والتدمير. ويمكن أن نتحدث عن الإعلام المقَنْبَلِ، أي الإعلام المصمم للقتل والتدمير، وعن الإعلام المقَنْبِلِ، أي الإعلام الذي ينتج موادا مصممة للقتل والتدمير.
يعرف السوريون كيف تمت قَنْبَلَة الغرائز، وقَنْبَلَة الشعارات، وقَنْبَلَة السياسة، وقَنْبَلَة الدين، وقَنْبَلَة الإعلام، وقَنْبَلَة المال، وقَنْبَلَة العلاقات الاجتماعية، وقَنْبَلَة المجتمعات. كل ما حولنا أصبح مقَنْبَلاً بطريقة ما، وقد اعتدنا أن نأخذ الحذر من كل هذه القنابل لنبقى على قيد الحياة. السوري الذي مازال حيا هو بلا شك خبير في كشف وتجنب كل ما هو مقَنْبَلٌ، وهي خبرة يتم تمريرها إلى الأجيال القادمة عبر الممارسات اليومية للحياة في بلدنا.
أهم درس في مجال التعامل مع الأشياء المقَنْبَلَة هو أن الأهم على الإطلاق أن لا تقع ضحية للقَنْبَلَة. يمكن أن نفكر كيف تمت القَنْبَلَة، ومن الذي قام بالقَنْبَلَة، ولماذا تمت القَنْبَلَة، ولكن ذلك يأتي لاحقا بعد أن ننجو من القَنْبَلَة.
وعندما نراقب الأزمة المقَنْبَلَة التي تعصف بالبشرية حاليا تحت شعار مقَنْبَلٍ يتحدث عن مكافحة مقَنْبَلَةٍ لبعبع مرضيّ مقَنْبَلٍ، فنحن ندرك أن الأهم حاليا هو أن نبقى على قيد الحياة. خصوصا أن خبرتنا في مثل هذه الأزمات المقَنْبَلَة توحي لنا أن قنبلة هذه الأزمة لم تنفجر بعد، وأنها عندما تنفجر فقد لا يبقى شيء نعرفه كما هو. عندما تنفجر قنبلة هذه الأزمة، سنشهد مستويات لم تعرفها البشرية مسبقا من القتل والتدمير والتجويع والنهب والتعفيش والتهجير، وأهم ما يمكن أن نفعله خلال هذه الفترة هو أن نبقى على قيد الحياة.
يعرف السوريون التدمير الذي يمكن أن تسببه أزمة مقَنْبَلَة، وقريبا سيعرف العالم أجمع مستوى من القتل والتدمير يفوق بعشرات المرات ما شهدناه في أزمتنا.
إضافة تعليق جديد