أفعى على الشرفة المقابلة

صحيح أنني أسكن في مدينة وأن البحر يحاذي بيتنا و إن الشرفات تمطَُ عنقها باتجاه الموج .
وصحيحٌ أن هواء البحر عليلٌ إلاَ أننا نحتاج إلى الخروج إلى الشرفات مما يستدعي أن تقع أبصارنا على جهاتٍ لا نقصدها ولكن و بالمصادفة غير المقصودة وبينما أنفض حريق الصيف عني ارتطم بصري بأفعى على الشرفة المقابلة .
من أين جاءت و نحن في مدينة وليس في غابة هكذا أظن وأظن أن الأفاعي تعيش في المناطق المهجورة و الجحور والصخور ولكن ان نجد أفعى تتلوى على الشرفة فهذا أمرٌ لم أستطع تحمله ممَا دفعني إلى الصراخ والركض باتجاه غرفتي . لأبدأ بتنزيل ( الأبجور ) حتى لا تطير الأفعى إلى شرفتي .
ربما لا تصدقون أن الأفاعي تطير , بصراحة أنا ما كنت لأصدق ذلك ولكن خالتي التي تعيش في القرية أكدت لي أن هناك أفاعياً تطير وربما تزمجر أو قد تنقر على باب بيتك تود اقتحام حياتك أو شرب القهوة معك و أظنكم شاهدتم الأفعى عبر التلفاز والتي تسكن مع عائلةٍ كمبودية .
إذاً لا تستغربوا إن قلت لكم أن الأفعى تسهر على الشرفة المقابلة وتمطَُ رأسها إلى الأعلى ثم تطلق أذنيها بعيداً لتلتقط الهمس وخرير المياه وأنين الموج .
كأنها تتغذى على الكلام الذي تمضغه ثمَ تبثهُ في الهواء فينتشر كرذاذ الماء من شرفةٍ إلى أخرى بينما الأفعى تقهقه وتطلق جلجلةً صاخبةً .
قلت لأخي ما رأيك أن تأتي ببندقيتك وتطلق النار على هذه الأفعى ذات الشعر الأسود والتي تحركه يميناً ويساراً كيفما اتجهت الريح .
أسرع أخي وقال : حاضر .
عبأ بارودة الصيد بالخردُقِ وتهيأ ليطلق النار عليها , وقفت إلى جواره أسانده كي لا تهتز يده . وفي اللحظة التي أراد أن يسدد البندقية ويصوَب إلى الأفعى ذات الشعر الأسود لا حظ أخي أن شعرها تساقط أو تحول إلى لونٍ فاتحٍ مبيضٍ ثم إلى لون أشقرٍ , تراجع أخي ثم أخفض البندقية .
قلتُ : مابك يا أخي لماذا لم تطلق على الأفعى السوداء ؟
صمت قليلاً ثم ربت على كتفي وقال : أنظري على أي الشرفات سأطلق النار السوداء أم البيضاء أم الحمراء ؟!
استدار أخي واستدرتُ وراءه . دخلت إلى الصالة فوجدتُ أنه علي أن أرفع الستائر وأنظر إلى الجهة التي تحلو لي .
المنتديات

التعليقات

Toha

كيف أشرح لك او بماذا أجيبك لتفهم يا صديقي ماذا أقصد؟! فللكلام شيفرات عليك انت القارىء أن تحللها وتغوص لتفكك رموزها إنها قصة ليس أكثر وكل يغني على ليلاه وأنا أغنيتي كانت عن أفعى رقطاء لكنها تكاثرت في الآونة الاخيرة
دريد الأسد

الأفعى و الجنيداتي ومندرجاتهما... حدثني رجل عجوز عن تجربته الكبيرة مع الأفاعي وألتقاطها والإمساك بها ومن ثم اقتلاع نابيها السامين وإطلاقها في الطبيعة مرة أخرى! هو من يطلق عليه أهل القرى " الجنيداتي " . هذا الجنيداتي الذي كان يطلبه الناس لنجدتهم من أفعى اتخذت من سقف بيتهم الخشبي( أو من شرفة أحدهم ) مأوى لها فهي لا تبارحه وقد يتطور أمر هذه الأفعى إلى درجة أنها يمكن أن تشاطر أهل البيت الطعام و الشراب و حتى الفراش . فكم من مرة رُفع غطاء السرير وإذ بأفعى تتمدد تحت اللحاف أو تحت الغطاء . وكم من مرة شوهدت الأفعى تلعق بلسانها اللبن أو الحليب أو تأكل البيض وتلتهم الصيصان أو حتى صغار الدجاج ! يقول هذا الرجل " الجنيداتي " , أنه لم يُعَض ولا لمرة واحدة من قبل الأفاعي بالرغم من إمساكه بالآلاف منها وعلى اختلاف أنواعها و ألوانها وأصنافها و حجومها و سمومها لأنه يتعامل معها بكل جدية و حرص و حذر وثقة بالنفس ! كانت قاعدته الأولى و الرئيسة في التعامل معها هي أن الأفعى تستعدي نوعين من الرجال . النوع الأول , رجل يحاول أن يمسح على رأسها تقرباً وتودداً . نوع ثاني يحاول مهاجمتها و الاعتداء عليها وفي كلي الحالين , فإن الأفعى لن تتوانى ولو للحظة عن الهجوم على ذاك الرجل وحقن السم في شرايين جسده ! إن أفضل طريقة للنيل من الأفعى , هو التعامل معها بكل جدية وحذر وحرص والإبقاء على مسافة أمان كافية تحاشياً للمباغتة والمفاجأة ! هكذا لخص " الجنيداتي " العجوز تجربته الطويلة مع الأفاعي . لقد كان يعزف لها على الناي " الشبابة " فتراها تتراقص أمامه على الاهتزازات الناجمة عن الفعل الفيزيائي للعزف ( حيث أن الأفاعي لا تسمع) , فتنتصب قامتها وتنعقف رقبتها المتماهية تماماً مع جسدها الطري مما يسمح للجنيداتي بمباغتتها بواسطة قضيب الرمان الذي عُرف عنه تأثيره الشّال لحركة الأفعى فيجعلها غير قادرة على الحركة . فيحرك الجنيداتي قضيب الرمان فوق رأس الأفعى ليسترعي انتباهها ويلفت نظرها عن يده الأخرى التي يدفعها إلى خلف رأس الأفعى. وبحركة سريعة خبيرة , يمسك بها بقبضته من منطقة الرأس فلا تعود قادرة على الحركة ! و بواسطة إبهامه وسبابته يفتح فم الأفعى ليضع قطعة قماشية ثم يُرخي جزئياً قوة الضغط عنها كي يتيح لها العض على القطعة القماشية وما أن يفعل حتى تغرز الأفعى أنيابها داخل القماش بشكل قوي . هنا , يشد الجنيداتي القطعة القماشية بسرعة نحو الخارج فتخرج أنيابها التي انغرزت في القماش مع القطعة وتصبح الأفعى الآن بلا أنياب ولم يعد بإمكانها العض حتى آخر يوم من أيام حياتها!! لم تكن غايته يوماً قتل الأفعى أو سحقها أو تقطيعها بل كان جل همه يتركز على تفادي عضات الأفاعي وتجنيب الناس لسعاتها السامة . فإن كان للأفاعي ضرر واحد , فإن لها عدة فوائد . هذا ما يؤكده أهل القرى الذين يعملون في الأرض . يندرج تحت عنوان الأفعى و الجنيداتي االعديد من العلاقات البشرية و المجتمعية و السياسية و الاقتصادية بل والحضارية أيضاً . فهل بالإمكان إيجاد بعض هذه المندرجات والبحث فيها لرؤية ما إذا كانت فعلاً تنطبق انطابقاً جزئياً أو كلياً على هذه القصة ؟ نعم يمكننا ذلك عند رؤية ما يجري من حولنا من تطورات سياسية و اقتصادية وحضارية . !
Toha

شكرا لكل من تابع وعلق شكرا سيد راوند وشكرا سيد دريد و بقي أن اقول : الافعى البشرية اشد خطرا وإيلاما وأذية من أية أفعى أخرى وهي من قصدتها في قصتي وللأسف كوني اعيش في مدينة صغيرة فأنا أرى كل يوم تقريبا آلاف الافاعي ومن كل الانواع ومع انني اضع نظارة وأزيح نظري عنها الا ان صوتها او فحيحها يزعجني جدا...

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.