نحن والكورنيش

عندما يأتي الصيف وتبدأ المدينة بخلع معطفها الشتوي , تخرج الاشجار من جفافها وصقيعها وتتمشى على الشاطىء وربما تدور في الحارات وتدق نوافذ البيوت لتقول : اخرجوا , يجب أن تخرجوا ليبدأ زمن جديد ونحن نصدق اشجارنا لأنها تدل علينا فما أن ينبت الورق الاخضر حتى تنبت الرغبة في اعماقنا كي نسجل بداية


جديدة لتكون تعبيرا عنا . إذا لنخرج إلى الشاطىء ولنر ماذا هناك ? خاصة وان الطقس جميل ونسمات الربيع توشوش الذاكرة . ها نحن نفكر أن نشرب القهوة مثلا , وربما يخطر في البال أن ندعو اصدقاء إلى مدينتنا جبلة , مدينة البحر والمقاهي والوجوه الجميلة ولكن هذه العبارة تخبىء وراءها ما تخبئه .شباب مرتب , طموح , ولكن ينحصر طموحه بالركض على الكورنيش أو برنين الموبايل أو بارسال آخر فضائح البلوتوث , وقد يكون جامع هؤلاء كلهم الاراكيل التي تملأ الفضاء برائحتها العنيفة .‏

لغط وضجة وهرولة حتى لتظنن أن المدينة كلها خرجت من معاطفها ومن شرفاتها واندلقت على الرصيف , لا تقل لأحد : من فضلك ابتعد قليلا ولا تقل : لو سمحت أريد أن اجتاز الرصيف , الكل واقف مندهش محتار دون هدف يمتد بعيدا .‏

من من المسؤول ..?الشرطة التي تملأ الشوارع وتسجل المخالفات لمجرد أن هاتفك يرن مثلا أو انك لم تعجب حضرة الشرطي .‏

لا احد يجرؤ أن يقول : يا اخي انذرونا اولا , واذا كررنا المخالفة خالفونا . أليس من الاجدر أن تخالفوا زحمة الارصفة وزحمة الاقذار التي يرمونها على الرصيف وخلف حاجز الكورنيش أو أن يكتبوا ضبطا أو انذارا لهؤلاء الذين لاعمل لهم الا رش الكلام البذيء على المارة ?‏

لكن اعتقد أن الاجدر بذلك الانذار راكبو الدراجات النارية , لدرجة أن مدينة جبلة إذا مادخلت بسباق من حيث عدد الدراجات فستكون الاولى في العالم وسيكون لسائقي دراجاتها السبق في انهم اطفال ومراهقون ورجال ينقلون العائلة بكاملها خلفهم وامامهم , ثم عليك أن تسير وراءهم : وراءهم لاتزعجهم لأنهم لن يزيحوا عن دربك حتى ولن يأخذوا اليمين حتى لو صدمتهم , انهم يتدرجون , انهم يتنزهون وينزهون اولادهم ونساءهم وربما جداتهم . لم نقل شيئا على العكس كل ذلك رائع ولكن الا يوجد قانون للشواطىء يحكم تصرفنا عندما نمشي وطريقة حديثنا ..?أليس للآخر حق علينا أن نترك له فسحة على الرصيف وهدوءا في الروح..?!‏

مع ذلك الربيع جميل والصيف يدق الابواب فهل تعرفون مامعنى الصيف الذي يقف على عتبات المدينة ثم سيهبط غدا إلى البحر وهناك , هنالك ستشمون افظع الروائح من مجارير المدينة التي تصب على الشاطىء و لذلك لاتستغرب إذا رأيت الناس يشترون الكمامات التي تسد انوفهم , اخاف ذات يوم أن يشتروا كمامات للعيون حتى لايروا فوضى الكورنيش .‏

هذا المنظر المؤسف يتكرر في مدن كثيرة وخاصة في المدن العربية فلماذا لا نحتفي بمدننا أي نحتفي بأنفسنا ? لماذا لا يأتي الربيع كما نحب وكما هو يحب وكما المدينة تستحق .? لماذا تحول الكورنيش إلى فزاعة بالنسبة للفتيات والى رعب بالنسبة للأمهات ? كل ام توصي ابنتها لاتذهبي إلى الكورنيش , لا تلتفتي وراءك أو دعي أخاك يذهب معك , فمتى صرنا غرباء نحن والكورنيش , من يعيد لنا شاطئنا النظيف الهادىء الآمن ..? من ?! الا نستحق في زمن العولمة وزمن الانترنت واطلاعنا على العالم كله أن تكون لنا مدينة جميلة , رائعة خاصة انها من اقدم المدن وان لها اسماً يدعى جبالا وان فيها مدرجا اثريا هو نسخة مصغرة عن مسرح بصرى الشام ..?‏

انني احبك يامدينتي فهل تحبيننا أنت ?‏

toha121@hotmail.com
المنتديات

التعليقات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.