قبل أن أعرفه أو ألتقيه، أعلنت إعجابي بعمله ووجهت له هذه التحية على موقعي.

ومنذ فترة أشركني الصحفي المميز أيهم أسد في ملفه عن التيارات الليبرالية في سورية، ووجه إلي ثلاثة أسئلة أورد فيما يلي إجابتي الكاملة عنها.

أوجه تحية إعجاب واحترام لهذا الصحفي المحترف، وأدعوكم لقراءة الملف الكامل في مرآة سورية، ويمكن تنزيله من هذا الارتباط ولمتابعة النص الكامل لأجوبتي على أسئلة أيهم أسد

هل النهج الليبرالي بكل أشكاله طريق لحل أزمة المجتمع السوري

أزمة المجتمع السوري عنوان عريض جدا، وأعتقد أن المقصود بالسؤال هو الأزمات الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع السوري، مثل ارتفاع مستوى الفقر وانخفاض مستوى الدخل وهجرة العقول وغيرها.
يعود سبب هذه المشاكل بشكل رئيسي إلى النظام السياسي القائم حاليا في سورية، وهو نظام مركزي يقيد حركة الاقتصاد بشكل كبير، وقد أقر النظام مؤخرا بفشل سياساته الاقتصادية، وبدلا من البحث عن حل شامل لمشاكل الاقتصاد قرر تلميع سياساته القديمة بنفس الطريقة التقليدية التي اعتاد عليها.
الليبرالية الاقتصادية يمكن أن تكون حلا لبعض المشاكل الجزئية، ولكن طالما بقيت أنشوطة النظام السياسي ملتفة حول عنق الاقتصاد، فلا يمكن أن نتوقع قيام اقتصاد سوق بالمعنى المعروف للكلمة، وكل ما يمكن أن نحصل عليه هو نسخة ممسوخة من اقتصاد السوق لا تمت إليه بأية صلة حتى بالاسم، تماما مثل حالة نسختنا السورية من الديمقراطية.
أعتقد أن حل جميع أزمات المجتمع السوري يبدأ من تغيير النظام السياسي القائم، واستبداله بنظام ديمقراطي بالمفهوم العالمي، وعندما يتحقق ذلك، يمكننا أن نبحث في نمط الاقتصاد المناسب لمجتمعنا.
وبما أن هذا الحل غير وارد في الوقت الراهن، وبما أننا مجبرون على العمل بوجود أنشوطة النظام السياسي حول رقابنا، فكل الطروحات الاقتصادية لا تستطيع أن تحل أية مشكلة لنا كمواطنين مستهلكين، أو كمنتجين اقتصاديين، في سورية.

وهنا يأتي دور الليبرالية كفكر أو كنهج، وأنا أعتقد أنها الفكر الأقدر على قيادة التحول المنشود في سورية، وحل الجزء الأكبر من أزمات المجتمع السوري.
======================
هل اعتماد آليات السوق هو الأجدى في تحقيق الازدهار الاقتصادي لكافة فئات المجتمع؟

وجود آليات السوق (العرض والطلب، وحرية الانتاج والاستهلاك والتصدير، وغيرها) شرط لازم لتحقيق ازدهار اقتصادي حقيقي، ولكنه غير كاف، ويجب أن نضيف إليه:
- قانون عصري ومحترم من قبل السلطة التنفيذية. السوق ليست وحشا متمردا كما يعتقد البعض، بل هي منظومة اقتصادية واجتماعية تعمل بمنتهى الحرية، وبمنتهى النظام وفق قوانينها، وبدون القوانين العصرية لا يمكن قيام سوق حقيقية.
- قضاء مستقل: لا يستطيع الاقتصاد الحياة بدون قضاء حر ومستقل ونزيه، القضاء يساعد في إعطاء المصداقية للعمل التجاري، ويخفض نسبة الخطر في المشاريع الاستثمارية.
- نقابات مستقلة.
- المجتمع المدني: حتى بوجود قضاء مستقل ونزيه يستند على قوانين عصرية، يبقى الأفراد في المجتمع عرضة للتلاعب أو الاستغلال من قبل القوى الاقتصادية، ولذلك يحتاج الأفراد إلى إنشاء تنظيمات المجتمع المدني لتحميهم وتوجه نشاطهم.

للأسف الاقتصاد السوري لا يعمل وفق آليات السوق، ولا يوجد لدينا قانون عصري ولا قضاء مستقل ولا نقابات مستقلة ولا مجتمع مدني منظم، وسبب ذلك كله هو النظام السياسي القائم في سورية حاليا، فهو الذي حارب اقتصاد السوق على مدى أكثر من أربعين عاما، وهو الذي يرفض تحديث القوانين ويجعل القضاة موظفين لدى السلطة التنفيذية، ويسيطر على النقابات ويحولها من ممثل للعمال إلى تنظيمات عقائدية، ويعتقل ناشطي المجتمع المدني ويجبرهم على حل تنظيماتهم.
=================
هل توجد في سورية طبقة برجوازية قادرة على حمل مشروع اقتصادي وطني

توجد في سورية برجوازية وطنية، ولكنها للأسف تعاني مشاكل في حمل نفسها، فأنشوطة النظام السياسي ملتفة حول عنقها وتخنقها بالتدريج، أو تدفعها للهجرة بعيدا عن سورية. بالمقابل، خلق رجالات النظام السياسي مجموعة من الدمى البرجوازية وسنوا لها القوانين والتشريعات التي تمكنها من السيطرة على كل مناحي الاقتصاد السوري. هذه الدمى البرجوازية تتحول تدريجيا إلى مافيات للفساد والاستغلال ونهب الثروات الوطنية بحيث سيصبح من المستحيل اقتلاعها في المستقبل.
======================
الخلاصة: تطور سوريا مرهون بتغيير النظام السياسي، وكل الأفكار الليبرالية ستبقى عاجزة طالما بقيت تعمل في بيئة سياسية غير ملائمة لها. ولكن الليبرالية هي الفكر الأقدر على قيادة التحول المنشود في سورية، بدءا من تغيير النظام السياسي، ووصولا إلى تحقيق الازدهار الاقتصادي والاجتماعي.