سمي ب" سوق الحرميه" ليس لأن كل ما فيه مسروق أو منهوب أو كان قد سطا عليه حرامي من هنا أو هناك!
بل لأن الشاري أو البائع أو كليهما لا يعرف المصدر الحقيقي لهذه البضائع التي تُباع في سوق يستحدث اسبوعياً أُطلق عليه " سوق الجمعة " أو " سوق الحرميه"!
في بعض مناطقنا , ما زال العرف قائماً حتى يومنا هذا بشأن قيام " سوق الحرميه" فقط أيام الجمعة. لذلك جاء من قال بأنها أسواق الجمعة !
و في مناطق أخرى , و لما لاقت هذه الأسواق رواجاً مضطرداً وازدهاراً متزايداً , راح أصحابها يمددون افتتاحها لتكون يومية على مدار الأسبوع . وبهذا سقطت تسمية " سوق الجمعة " عنها و أصبح بالإمكان القول أنها " سوق الحرميه"!
بإمكان كل منّا زيارة هذه الأسواق للاطلاع على محتوياتها الغريبة العجيبة . ففيها ما تشتهي نفسك و ما تريد . تجد التلفزيونات و الهواتف والغسالات والأفران والأسرّة والبرادات و ماكينات الحياكة و الألبسة و الأحذية و التحف و الأثاث المنزلي و الأدوات الكهربائية و الفرشات و الثريات و النحاسيات و الدراجات الهوائية و النارية و الحلويات ومجففات الشعر و الساعات و السجاد ووووو..
إنه عالم من اللاانسجام و اللاترتيب!
في حلب , دمشق, اللاذقية , حمص , حماه وغيرها من المحافظات السورية , يمكنك أن تشاهد نماذج حقيقية عن هذه الأسواق التي تلاقي رواجاً منقطعاً في أيامنا هذه.
فعند شرائك لحاجة ما من " سوق الحرميه" إياك أن تطالب بالكفالة . فإن فعلت فستصبح مضحكة للناس هناك . كما جرى مع أحد الأصحاب عندما اشترى براداً بمبلغ 2000 ليرة سورية من " سوق الحرمية" في مدينة دمشق وبعد ذلك انبرى ليطالب صاحب البسطة الدائمة في " سوق الحرميه" بأن يكفل له حسن عمل البراد الذي اشتراه . عندها ضحك كل من كان بالمكان وبعدها قال له البائع :" أتريد يا أستاذ أن أعطيك كفالة ببراد مستعمل سعره 2000 ليرة سورية . يا أستاذ أنا عم بيعك هل براد كب عبردى!!!!!".
هذا في دمشق . أما في حلب فيقولون لك:" كب عقويق"!
وفي حمص و حماه يقولون :" كب عالعاصي" ! أما في اللاذقية و طرطوس وجبلة و بانياس فيقولون :" كب عالبحر"!. و في الرقة يقولون:" كب عالجلاّب" ! و في دير الزور :"كب عالفرات" . أما في الحسكة فيقولون:" كب عالخابور". وفي القامشلي :" كب عجغجغ" . وأخيراً و ليس آخراً في درعا يقولون لك :" كب عالرقّاد"!!!
فإذا أعجبتك هذه السلعة أو تلك , خذها .أنت وحظك و نصيبك . إما أن تعمل و تعمل و تعمل أو لا تعمل أبداً . بالحالة الثانية عليك أن ترميها بأقرب نهر أو بحر على مكان سكنك و إقامتك تيمناً بنصيحة البائع .لأن تكاليف تشغيلها و إعادتها إلى العمل يمكن أن يكلف أضعاف ثمنها في " سوق الحرمية"!
أسواق الحرمية هذه معنية فقط بالمخلفات الصلبة التي تُقذف هنا أو هناك لتستقر في قيعان الأنهار و الشواطئ لتساهم في زيادة العبء الموجود أصلاً من خلال صب المخلفات الصناعية و الزراعية و البشرية في هذه الأنهار أو تلك البحار!
فمياه الدباغات و بعض مياه الصرف الصحي ما زالت تصب في نهر " قويق" في مدينة حلب الشهباء. و في اللاذقية و جبلة و بانياس و طرطوس , نجد مخلفات معاصر الزيتون و الصرف الصحي تصب في أسرة أنهار هذه المدن و جداولها و سواقيها لتتحول كل هذه المصادر المائية النقية التي تشكل حقيقة خزاناً احتياطياً للمياه الصالحة للاستهلاك البشري , إلى بؤر من السموم و الأمراض.
وفي الرقة , المدينة التي اشتهرت على مر العصور على أنها مدينة الأحلام والهواء العليل و الماء العذب والشجر والفيء تحت ظلال بساتينها العامرة بما تشتهي النفس و ما ترضى. نجد اليوم أن نهرها الشهير الذي يدعى نهر " الجلاّب" قد تحول إلى بؤرة خطيرة من بؤر التلوث و السموم وعليه , فقد تحولت ضفاف و أسرّة هذا النهر الشهير إلى مكب للنفايات و أضحت مياهه قذرة ملوثة منفرة بعدما كانت تلك المنطقة محط إعجاب أهل مدينة الرقة و زوارها!
على الفرات . ماذا نقول عن الفرات ؟
فإضافة للتلوث الكبير لمياه نهر الفرات من جراء الصرف الصحي لكل من الرقة و البوكمال و دير الزور, فإن عدداً من المعامل الخاصة و العامة يقوم بصب مخلفاته الصناعية داخل سرير نهر الفرات و روافده هنا و هناك! و نذكر على سبيل المثال و ليس الحصر معمل السكر ومعمل الورق!
أما في القامشلي , فإن الصرف الصحي لهذه المدينة يصب في نهر " جغجغ" . هذا النهر الذي عُرف على أنه روح مدينة القامشلي التاريخية و نسغ حياتها الذي لا ينضب!
أما التلوث الكبير , فهو ما يحصل في بحيرة الشهيد باسل الأسد نتيجة صب مجرور الصرف الصحي لمدينة الحسكة عبر نهر " الخابور" و مجرور الصرف الصحي لمدينة القامشلي عبر نهر" جغجغ" و مياه عين طابان المالحة التي تحتوي على مخلفات نفطية مما أدى إلى تحول مياه بحيرة الشهيد باسل الأسد إلى مياه ملوثة و غير صالحة للاستهلاك البشري!
لن ندخل عميقاً في تفنيد و تصنيف و جدولة المواد السامة و الملوثة التي تصب في نهاية الأمر في أنهارنا و بحارنا و بحيراتنا لتحولها إلى قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أية لحظة لتشكل أزمة حقيقية يمكن أن تهدد مستقبل العيش و السكن لكثير من المجتمعات السورية .
إن كل ما ورد ذكره , ليس إلا أمثله و نماذج قليلة من بين الكثير مما تعانيه مصادرنا المائية الجوفية والسطحية للدلالة على خوفنا و قلقنا الكبير على أمن سورية المائي المهدد بشكل جدي بسبب الممارسات اللامسؤولة للأفراد و المؤسسات!
إن عدم وجود سياسة مائية واضحة ذات أهداف محددة . وعدم توفر الخطط الكافية لاستثمار مصادرنا المائية , يساهم بشكل رئيسي بتدهور الواقع المائي في سورية .
و هنا أسمحُ لنفسي بدق ناقوس الخطر أمام هذا الواقع المؤلم فعلاً تحذيراً من مستقبل مائي مجهول تضيع معه إمكانيات إيجاد الحلول الناجعة لمصادرنا المائية بعدما تكون قد تحولت هذه المصادر إلى مكبات للنفايات الصناعية و الزراعية و البشرية و بذلك تكون قد فقدت كل إمكانية في إعادة تأهيلها مرة أخرى !
و عليه , فإن أسواق " الحرميه" ليست هي وحدها المسؤولة عن تلوث و تدهور حال هذه الأنهار و هذه البحار والبحيرات , بل إن أسواقاً من نوع آخر لحرمية آخرين مسؤولة بشكل أكبر و أخطر عن تلوث هذه المياه.
و مثل هؤلاء لن يقولوا لك :" كب عبردى أو كب عالعاصي". بل سيقولون لك :" كب عالعتيبة أو كب عقطينة أو ...!!!"
و أنت حر في هذه الحالة . فإما أن تشتري وطناً بثمن بخس دون كفالة . أو تعيش بلا ماء حتى ولو كان آسناً !!!
من زمان كان يقال :" عْمال منيح وكب بالبحر "
اليوم نقول :" عْمال قبيح و كب بالنهر أو بالبحر أو وين ما بدك ما في مشكلة !!!!".
بل لأن الشاري أو البائع أو كليهما لا يعرف المصدر الحقيقي لهذه البضائع التي تُباع في سوق يستحدث اسبوعياً أُطلق عليه " سوق الجمعة " أو " سوق الحرميه"!
في بعض مناطقنا , ما زال العرف قائماً حتى يومنا هذا بشأن قيام " سوق الحرميه" فقط أيام الجمعة. لذلك جاء من قال بأنها أسواق الجمعة !
و في مناطق أخرى , و لما لاقت هذه الأسواق رواجاً مضطرداً وازدهاراً متزايداً , راح أصحابها يمددون افتتاحها لتكون يومية على مدار الأسبوع . وبهذا سقطت تسمية " سوق الجمعة " عنها و أصبح بالإمكان القول أنها " سوق الحرميه"!
بإمكان كل منّا زيارة هذه الأسواق للاطلاع على محتوياتها الغريبة العجيبة . ففيها ما تشتهي نفسك و ما تريد . تجد التلفزيونات و الهواتف والغسالات والأفران والأسرّة والبرادات و ماكينات الحياكة و الألبسة و الأحذية و التحف و الأثاث المنزلي و الأدوات الكهربائية و الفرشات و الثريات و النحاسيات و الدراجات الهوائية و النارية و الحلويات ومجففات الشعر و الساعات و السجاد ووووو..
إنه عالم من اللاانسجام و اللاترتيب!
في حلب , دمشق, اللاذقية , حمص , حماه وغيرها من المحافظات السورية , يمكنك أن تشاهد نماذج حقيقية عن هذه الأسواق التي تلاقي رواجاً منقطعاً في أيامنا هذه.
فعند شرائك لحاجة ما من " سوق الحرميه" إياك أن تطالب بالكفالة . فإن فعلت فستصبح مضحكة للناس هناك . كما جرى مع أحد الأصحاب عندما اشترى براداً بمبلغ 2000 ليرة سورية من " سوق الحرمية" في مدينة دمشق وبعد ذلك انبرى ليطالب صاحب البسطة الدائمة في " سوق الحرميه" بأن يكفل له حسن عمل البراد الذي اشتراه . عندها ضحك كل من كان بالمكان وبعدها قال له البائع :" أتريد يا أستاذ أن أعطيك كفالة ببراد مستعمل سعره 2000 ليرة سورية . يا أستاذ أنا عم بيعك هل براد كب عبردى!!!!!".
هذا في دمشق . أما في حلب فيقولون لك:" كب عقويق"!
وفي حمص و حماه يقولون :" كب عالعاصي" ! أما في اللاذقية و طرطوس وجبلة و بانياس فيقولون :" كب عالبحر"!. و في الرقة يقولون:" كب عالجلاّب" ! و في دير الزور :"كب عالفرات" . أما في الحسكة فيقولون:" كب عالخابور". وفي القامشلي :" كب عجغجغ" . وأخيراً و ليس آخراً في درعا يقولون لك :" كب عالرقّاد"!!!
فإذا أعجبتك هذه السلعة أو تلك , خذها .أنت وحظك و نصيبك . إما أن تعمل و تعمل و تعمل أو لا تعمل أبداً . بالحالة الثانية عليك أن ترميها بأقرب نهر أو بحر على مكان سكنك و إقامتك تيمناً بنصيحة البائع .لأن تكاليف تشغيلها و إعادتها إلى العمل يمكن أن يكلف أضعاف ثمنها في " سوق الحرمية"!
أسواق الحرمية هذه معنية فقط بالمخلفات الصلبة التي تُقذف هنا أو هناك لتستقر في قيعان الأنهار و الشواطئ لتساهم في زيادة العبء الموجود أصلاً من خلال صب المخلفات الصناعية و الزراعية و البشرية في هذه الأنهار أو تلك البحار!
فمياه الدباغات و بعض مياه الصرف الصحي ما زالت تصب في نهر " قويق" في مدينة حلب الشهباء. و في اللاذقية و جبلة و بانياس و طرطوس , نجد مخلفات معاصر الزيتون و الصرف الصحي تصب في أسرة أنهار هذه المدن و جداولها و سواقيها لتتحول كل هذه المصادر المائية النقية التي تشكل حقيقة خزاناً احتياطياً للمياه الصالحة للاستهلاك البشري , إلى بؤر من السموم و الأمراض.
وفي الرقة , المدينة التي اشتهرت على مر العصور على أنها مدينة الأحلام والهواء العليل و الماء العذب والشجر والفيء تحت ظلال بساتينها العامرة بما تشتهي النفس و ما ترضى. نجد اليوم أن نهرها الشهير الذي يدعى نهر " الجلاّب" قد تحول إلى بؤرة خطيرة من بؤر التلوث و السموم وعليه , فقد تحولت ضفاف و أسرّة هذا النهر الشهير إلى مكب للنفايات و أضحت مياهه قذرة ملوثة منفرة بعدما كانت تلك المنطقة محط إعجاب أهل مدينة الرقة و زوارها!
على الفرات . ماذا نقول عن الفرات ؟
فإضافة للتلوث الكبير لمياه نهر الفرات من جراء الصرف الصحي لكل من الرقة و البوكمال و دير الزور, فإن عدداً من المعامل الخاصة و العامة يقوم بصب مخلفاته الصناعية داخل سرير نهر الفرات و روافده هنا و هناك! و نذكر على سبيل المثال و ليس الحصر معمل السكر ومعمل الورق!
أما في القامشلي , فإن الصرف الصحي لهذه المدينة يصب في نهر " جغجغ" . هذا النهر الذي عُرف على أنه روح مدينة القامشلي التاريخية و نسغ حياتها الذي لا ينضب!
أما التلوث الكبير , فهو ما يحصل في بحيرة الشهيد باسل الأسد نتيجة صب مجرور الصرف الصحي لمدينة الحسكة عبر نهر " الخابور" و مجرور الصرف الصحي لمدينة القامشلي عبر نهر" جغجغ" و مياه عين طابان المالحة التي تحتوي على مخلفات نفطية مما أدى إلى تحول مياه بحيرة الشهيد باسل الأسد إلى مياه ملوثة و غير صالحة للاستهلاك البشري!
لن ندخل عميقاً في تفنيد و تصنيف و جدولة المواد السامة و الملوثة التي تصب في نهاية الأمر في أنهارنا و بحارنا و بحيراتنا لتحولها إلى قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أية لحظة لتشكل أزمة حقيقية يمكن أن تهدد مستقبل العيش و السكن لكثير من المجتمعات السورية .
إن كل ما ورد ذكره , ليس إلا أمثله و نماذج قليلة من بين الكثير مما تعانيه مصادرنا المائية الجوفية والسطحية للدلالة على خوفنا و قلقنا الكبير على أمن سورية المائي المهدد بشكل جدي بسبب الممارسات اللامسؤولة للأفراد و المؤسسات!
إن عدم وجود سياسة مائية واضحة ذات أهداف محددة . وعدم توفر الخطط الكافية لاستثمار مصادرنا المائية , يساهم بشكل رئيسي بتدهور الواقع المائي في سورية .
و هنا أسمحُ لنفسي بدق ناقوس الخطر أمام هذا الواقع المؤلم فعلاً تحذيراً من مستقبل مائي مجهول تضيع معه إمكانيات إيجاد الحلول الناجعة لمصادرنا المائية بعدما تكون قد تحولت هذه المصادر إلى مكبات للنفايات الصناعية و الزراعية و البشرية و بذلك تكون قد فقدت كل إمكانية في إعادة تأهيلها مرة أخرى !
و عليه , فإن أسواق " الحرميه" ليست هي وحدها المسؤولة عن تلوث و تدهور حال هذه الأنهار و هذه البحار والبحيرات , بل إن أسواقاً من نوع آخر لحرمية آخرين مسؤولة بشكل أكبر و أخطر عن تلوث هذه المياه.
و مثل هؤلاء لن يقولوا لك :" كب عبردى أو كب عالعاصي". بل سيقولون لك :" كب عالعتيبة أو كب عقطينة أو ...!!!"
و أنت حر في هذه الحالة . فإما أن تشتري وطناً بثمن بخس دون كفالة . أو تعيش بلا ماء حتى ولو كان آسناً !!!
من زمان كان يقال :" عْمال منيح وكب بالبحر "
اليوم نقول :" عْمال قبيح و كب بالنهر أو بالبحر أو وين ما بدك ما في مشكلة !!!!".
المنتديات
التعليقات
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
Re: " سوق الحرميه " و أنهار سورية !؟!؟!
إضافة تعليق جديد