" أبو بطحة " و ... برنامجه الانتخابي !
تراه في قيامه كما في نيامه , يتأبط بطحته الصغيرة و يترنح في الأزقة و الدروب الضيقة . تفوح منه رائحة اليانسون المقطر من ذرات الكحول المعشعش أبداً في دماغ " أبو بطحة " .
فبالرغم من هزيانه الدائم , فإن " أبو بطحة " هذا لم يتجن يوماً على أحد من الماره أو سكان الحي الذي يعيش فيه .
فأينما و كيفما و حيثما نظرت , فإنك لن تراه إلا سائراً ببطء شديد محني الرأس و الهامه حتى تكاد ذقنه تخترق صدره . دائم النظر بما يمكن أن تحتويه الأرض من أشكال و هيئات تتجسد لدى " أبو بطحة " بمعانيها الغريبة و المختلفة . فكم من مرة رآه البعض يحاكي بلاطة رصيف أو كيساً فارغاً من رقائق البطاطس الذي كان قد رماه طفل خلفه في وقت من الأوقات !
أبداً , لم يره أحد ينظر إلى الأعلى أو إلى السماء و كأن بينه و بينها طلاق بائن و أبدي !
حتى في هذه الأيام , بقي " أبو بطحة على عاداته في كل شيء . بيد أنه غيّر واحدة منها فقط !
الآن , كيفما و أينما و حيثما صادفت , فإنك لن ترى " أبو بطحة " إلا و هو يشوح برأسه المترنح نحو السماء و كأن ما ضاع منه البارحة على الأرض , عجز عن رؤيته هناك فأصبح يبحث عنه في الأعلى !!!
هذا ما لفت انتباه البعض و ولّد عندهم الفضول لسؤال " أبو بطحة " عن سر هذا التحول الكبير في سلوكه و عادته !
البارحة فقط , لمح أحد فتية الحي " أبو بطحة " و هو يمر بالقرب من المقهى الذي كان هؤلاء يتواجدون فيه . فدعاه الشاب للجلوس معهم و اغتنامها فرصة لسؤال " أبو بطحة " عن هذا الأمر !
فبادر الشاب إلى سؤال " أبو بطحة " فقال له :" شو أبو بطحة , شايفيناك مغير عاداتك ؟".
أجاب " أبو بطحة " : " و عن أي عادات عم تحكو ؟" .
" عادة النظر إلى الأرض . اليوم عم نشوفك عم تتطلع لفوق . شو ضايعلك شي فوق عمي أبو بطحة ؟ " .
" أي . عرفت عن شو عم تحكو . صحيح . صرت بهل أيام عم أطّلع لفوق مو لأنو ضايعلي شي متل ما عم بتقولو . أنا عم أطّلع عهل اللافتات المعلقة المكتوب عليّا أسماء ما هب و دب . و صور ملونة وأسود و أبيض و شي وما شي " . أجاب أبو بطحة !!!
رد أحد الشبان فقال : " أي , و بعدين . شو اكتشفت من كل هلأسماء و هلصور ؟ ".
أجاب " أبو بطحة ": متل ما فهمت أنو على ما يبدو فيه انتخابات عم بيقولو لمجلس الشعب ! "
" بس يا شباب الغريب بهل الموضوع , أنو و لا واحد منن حاطط برنامجو الانتخابي ! "
أجاب أحد الشبان ساخراً :" لأنن كلن مرشحين حياديين . أي حياديين . حيادي معناتو أنو لا في العير و لا في النفير . حيادي يا خيو لا بياخد و لا بيعطي . متل الكيميا !!!" .
غرق الرفاق في موجة من الضحك و القهقهة التي لم تنقطع إلا باعتراض " أبو بطحة " عندما قال :" مو ضروري أنو إذا كان الواحد حيادي معناه ما يكون عندو برنامج . وأنا رح برهنلكن هلشي ".
" و كيف رح تبرهن هلشي أبو بطحة ؟" سأل أحد الشبان .
أجاب " أبو بطحة ": " من اليوم . رح رشح حالي للانتخابات و رح يكون إلي برنامج انتخابي !" .
" وشو رح يكون برنامجك أبو بطحة ؟" .سأل أحدهم !
ساد الصمت قليلاً قبل أن ينطق " أبو بطحة " ببنت شفه !
واعتقد الجميع أنه الآن قد غُلب و صُرع . و كيف لا ؟ فهل يمكن أن يكون لدى " أبو بطحة " و أمثاله برنامجاً انتخابياً في أي حال من الأحوال ؟ !!!
و لكن ما لبث " أبو بطحة " أن كسر صمت هؤلاء و سخريتهم حين قال :" رح يكون برنامجي الانتخابي تحت عنوان " انتخبوا أبو بطحة و وعد أن أبني لكم في كل حاره ..... خمّاره " !!!!!!
" صحيح أنو برنامجي مو لايق بنوب بنوب . بس علأقل عندي برنامجي . مو هيك شباب ؟ "