أنا منحاز في كتاباتي عن الربيع العربي، وأعلن أنني أنطلق من موقف مبدئي أقتنع به، وهو أنني ضد الفوضى الخلاقة، وأدعم الاستقرار، ولذلك أنا مع كل من يضمن الاستقرار وضد كل أدوات الفوضى الخلاقة.
إضافة لذلك، فأنا أحاول أن لا أنخدع بالإعلام المضلل ولا بالشعارات الجوفاء، وأركز على الوقائع وتفسيراتها التي يمكن إثباتها بوقائع وليس بنقاشات نظرية. ولذلك لا يهمني كثيرا مفهوم "الشعب يريد" لأن الواقع أثبت أن الشعوب تقاد، وتشعر بمنتهى النشوة أثناء انقيادها في الطريق الذي يفترض أن تتبعه.
بناء على ذلك، أنا لا أفهم ما يجري في مصر كحدث مستقل، بل كحلقة في سلسلة الفوضى الخلاقة التي تسمى بالربيع العربي، وهو حلقة تالية لإشعال سوريا ومخطط إشعال تركيا الفاشل. وكما أقف ضد الفوضى الخلاقة في سوريا، فقد وقفت ضدها في تركيا رغم عدائي وعداء شعبي مع الخونجي القذر أردوغان، لأنني أدرك أن المستفيد الوحيد من الفوضى هم أعداؤنا، والمستفيد الوحيد من الاستقرار هم شعوبنا.
نظريتي لما يحصل حولنا تقول أن القوى المالية الكبرى تعتبر أن أفضل الاستثمارات مردودا هي الحروب، وخصوصا حروب الفوضى والتدمير الشامل، وقد خلقوا الحرب العالمية الأولى والثانية في القرن الماضي إضافة إلى عدد كبير من الحروب الصغيرة، وفي مطلع هذا القرن خلقوا الحرب على الإرهاب لتستمر آلة النهب وتصنيع الأرباح بالعمل.
أنا أرى أن ما يحصل حاليا هو الحرب العالمية الأولى في هذا القرن، وقد بدأ إشعالها في ليبيا وسوريا، ولكن قادة الفوضى الخلاقة اكتشفوا أنهم لم يحسنوا تقدير قوة الجيش السوري ولم يفهموا تجذر العلمانية التاريخي في سوريا، وعندما حاولوا دعم مقاتليهم على الأرض عبر استنفار كل إرهابييهم المتوزعين في العالم، اكتشفوا أنهم أرسلوهم جميعا إلى حفلة شواء جماعية على نيران الجيش السوري الهادئة.
وعندما حاولوا إشعال تركيا عبر المظاهرات، وإغراء الجيش بالحركة ضد النظام الديمقراطي، أدرك الجيش التركي الخطر ورفض الانجرار لخطتهم بالانقلاب العسكري على أردوغان.
ولكي لا تخمد حربهم العالمية، عليهم إشعالها في مكان جديد. الخطط موجودة وجاهزة وتنتظر وضعها موضع التنفيذ. والخطة التي اختاروا تنفيذها هي إشعال الحرب في مصر. للأسف كان هذا سهلا، فقيادات الجيش المصري كانت وما تزال لعبة بيدهم ولا تملك أي خبرة عسكرية حقيقية ولا أي بعد نظر استراتيجي، وقد كلفوهم بمهمة خلق أعداء داخليين لهم وتبرير تشكيل الجيش المصري الحر، وهذا هو الفصل الذي نشاهده في الأسبوع الأول من تموز توليو 2013.
الانقلاب العسكري في مصر ليس قرارا شعبيا بالتأكيد، فالمظاهرات التي أخرجت في مصر كانت معدة مسبقا وبناء على تهييج إعلامي رهيب لإسقاط رمزية رئاسة الجمهورية المصرية ولإسقاط مفهوم الديمقراطية الجديد في وعي المجتمع المصري. لو أراد المصريون إسقاط الإخوان سياسيا لكان أمامهم خيارات متعددة أقل ما يقال عنها أنها حضارية وتحقن دماء المصريين وتجنبهم الفوضى الخلاقة، مثل إسقاطهم في الانتخابات البلدية والنيابية ثم إسقاط مرسي في الرئاسية، أو إسقاطهم في الانتخابات النيابية وتولية رئيس حكومة غير إخواني لتقليم أظافر الرئيس، وإذا تعذر إسقاطهم يستطيع الضغط الشعبي الإعلامي وانتزاع القرارات المناسبة منهم بالتدريج. هكذا تعمل الديمقراطية السياسية في دول العالم المتحضرة، وهكذا تحل الشعوب المتحضرة خلافاتها السياسية.
لإسقاط الإخوان المسلمين اختار الجيش المصري أكثر الطرق ضررا على الشعب المصري، وأفضل طريقة لتأجيج الفوضى الخلاقة في مصر. ولا بد من ملاحظة إصرار الجيش على تأجيج الفوضى الخلاقة بدلا من الدعوة للتهدئة والهدوء، فهذا اليوم مثلا أصدر المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية بيانين متلاحقين، أحدهما ينفي اعتقال قادة الاخوان المسلمين ويؤكد أن الجيش لم يعتقل أحدا، والثاني ينفي منع التظاهر، ويتعهد بحماية المتظاهرين. وكأنه يدعو المصريين إلى التظاهر والاصطدام بالإخوان، ولسان حاله يقول "حي على الفوضى الخلاقة".
بالمقابل، الإخوان المسلمون لم يسقطوا نهائيا ولم يعترفوا بالهزيمة، ولم يتم اعتقال قادتهم وتفكيك أجهزتهم التنفيذية، بل تركهم الجيش يواصلون حشدهم وتهييج أتباعهم بدون تدخل منه. ولذلك ظهر مرشدهم اليوم بين جمهوره وأعلن أنه يرفض الانقلاب، وبدأ بحشد أنصاره لدعم الرئيس المنتخب، ولا أستغرب أن يعلن المرشد قريبا تشكيل جيشهم الخاص قريبا بعد أن خذلهم الجيش المصري وانقلب على شرعيتهم.
هناك الكثير من التفاصيل بالغة التناقض في هذا الانقلاب، وأغلبها توحي أن من خططه لا يريد له النجاح، ولا أستغرب أبدا إذا تبين لاحقا أن العملية كلها تم تصميمها باسم رمزي هو "ضفادع الصحراء" للإشارة إلى كمية الإزعاج الذي تنتجه الضفادع بنقيقها المتواصل، وعدم قدرتها الفعلية على التأثير على ما حولها.
سأسجل للتاريخ أن من يقود مصر والشعب المصري للحرب الأهلية ليس الخونجة، بل تحالف الصهيووهابية المتطرفة مع طغمة عسكرية وبعض رجال الدين مدعومين من الصهيونية العالمية ممثلة بالبرادعي. وأن الملايين من المصريين تنقاد بكل بساطة، بل بكل نشوة وإصرار، إلى أتون الفوضى الخلاقة.
ما حصل قد حصل، ولأنني أعرف الخونجة وقذارتهم، فأنا لست مفائلا أبدا بما يحصل في مصر. وأنا الآن آمل أن يكون الضباط العاملون في الجيش المصري على قدر المسؤولية، وأن يسحقوا المؤامرة في بدايتها قبل أن تستشري الحرب في مصر.
الأيهم صالح
www.alayham.com
إضافة لذلك، فأنا أحاول أن لا أنخدع بالإعلام المضلل ولا بالشعارات الجوفاء، وأركز على الوقائع وتفسيراتها التي يمكن إثباتها بوقائع وليس بنقاشات نظرية. ولذلك لا يهمني كثيرا مفهوم "الشعب يريد" لأن الواقع أثبت أن الشعوب تقاد، وتشعر بمنتهى النشوة أثناء انقيادها في الطريق الذي يفترض أن تتبعه.
بناء على ذلك، أنا لا أفهم ما يجري في مصر كحدث مستقل، بل كحلقة في سلسلة الفوضى الخلاقة التي تسمى بالربيع العربي، وهو حلقة تالية لإشعال سوريا ومخطط إشعال تركيا الفاشل. وكما أقف ضد الفوضى الخلاقة في سوريا، فقد وقفت ضدها في تركيا رغم عدائي وعداء شعبي مع الخونجي القذر أردوغان، لأنني أدرك أن المستفيد الوحيد من الفوضى هم أعداؤنا، والمستفيد الوحيد من الاستقرار هم شعوبنا.
نظريتي لما يحصل حولنا تقول أن القوى المالية الكبرى تعتبر أن أفضل الاستثمارات مردودا هي الحروب، وخصوصا حروب الفوضى والتدمير الشامل، وقد خلقوا الحرب العالمية الأولى والثانية في القرن الماضي إضافة إلى عدد كبير من الحروب الصغيرة، وفي مطلع هذا القرن خلقوا الحرب على الإرهاب لتستمر آلة النهب وتصنيع الأرباح بالعمل.
أنا أرى أن ما يحصل حاليا هو الحرب العالمية الأولى في هذا القرن، وقد بدأ إشعالها في ليبيا وسوريا، ولكن قادة الفوضى الخلاقة اكتشفوا أنهم لم يحسنوا تقدير قوة الجيش السوري ولم يفهموا تجذر العلمانية التاريخي في سوريا، وعندما حاولوا دعم مقاتليهم على الأرض عبر استنفار كل إرهابييهم المتوزعين في العالم، اكتشفوا أنهم أرسلوهم جميعا إلى حفلة شواء جماعية على نيران الجيش السوري الهادئة.
وعندما حاولوا إشعال تركيا عبر المظاهرات، وإغراء الجيش بالحركة ضد النظام الديمقراطي، أدرك الجيش التركي الخطر ورفض الانجرار لخطتهم بالانقلاب العسكري على أردوغان.
ولكي لا تخمد حربهم العالمية، عليهم إشعالها في مكان جديد. الخطط موجودة وجاهزة وتنتظر وضعها موضع التنفيذ. والخطة التي اختاروا تنفيذها هي إشعال الحرب في مصر. للأسف كان هذا سهلا، فقيادات الجيش المصري كانت وما تزال لعبة بيدهم ولا تملك أي خبرة عسكرية حقيقية ولا أي بعد نظر استراتيجي، وقد كلفوهم بمهمة خلق أعداء داخليين لهم وتبرير تشكيل الجيش المصري الحر، وهذا هو الفصل الذي نشاهده في الأسبوع الأول من تموز توليو 2013.
الانقلاب العسكري في مصر ليس قرارا شعبيا بالتأكيد، فالمظاهرات التي أخرجت في مصر كانت معدة مسبقا وبناء على تهييج إعلامي رهيب لإسقاط رمزية رئاسة الجمهورية المصرية ولإسقاط مفهوم الديمقراطية الجديد في وعي المجتمع المصري. لو أراد المصريون إسقاط الإخوان سياسيا لكان أمامهم خيارات متعددة أقل ما يقال عنها أنها حضارية وتحقن دماء المصريين وتجنبهم الفوضى الخلاقة، مثل إسقاطهم في الانتخابات البلدية والنيابية ثم إسقاط مرسي في الرئاسية، أو إسقاطهم في الانتخابات النيابية وتولية رئيس حكومة غير إخواني لتقليم أظافر الرئيس، وإذا تعذر إسقاطهم يستطيع الضغط الشعبي الإعلامي وانتزاع القرارات المناسبة منهم بالتدريج. هكذا تعمل الديمقراطية السياسية في دول العالم المتحضرة، وهكذا تحل الشعوب المتحضرة خلافاتها السياسية.
لإسقاط الإخوان المسلمين اختار الجيش المصري أكثر الطرق ضررا على الشعب المصري، وأفضل طريقة لتأجيج الفوضى الخلاقة في مصر. ولا بد من ملاحظة إصرار الجيش على تأجيج الفوضى الخلاقة بدلا من الدعوة للتهدئة والهدوء، فهذا اليوم مثلا أصدر المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية بيانين متلاحقين، أحدهما ينفي اعتقال قادة الاخوان المسلمين ويؤكد أن الجيش لم يعتقل أحدا، والثاني ينفي منع التظاهر، ويتعهد بحماية المتظاهرين. وكأنه يدعو المصريين إلى التظاهر والاصطدام بالإخوان، ولسان حاله يقول "حي على الفوضى الخلاقة".
بالمقابل، الإخوان المسلمون لم يسقطوا نهائيا ولم يعترفوا بالهزيمة، ولم يتم اعتقال قادتهم وتفكيك أجهزتهم التنفيذية، بل تركهم الجيش يواصلون حشدهم وتهييج أتباعهم بدون تدخل منه. ولذلك ظهر مرشدهم اليوم بين جمهوره وأعلن أنه يرفض الانقلاب، وبدأ بحشد أنصاره لدعم الرئيس المنتخب، ولا أستغرب أن يعلن المرشد قريبا تشكيل جيشهم الخاص قريبا بعد أن خذلهم الجيش المصري وانقلب على شرعيتهم.
هناك الكثير من التفاصيل بالغة التناقض في هذا الانقلاب، وأغلبها توحي أن من خططه لا يريد له النجاح، ولا أستغرب أبدا إذا تبين لاحقا أن العملية كلها تم تصميمها باسم رمزي هو "ضفادع الصحراء" للإشارة إلى كمية الإزعاج الذي تنتجه الضفادع بنقيقها المتواصل، وعدم قدرتها الفعلية على التأثير على ما حولها.
سأسجل للتاريخ أن من يقود مصر والشعب المصري للحرب الأهلية ليس الخونجة، بل تحالف الصهيووهابية المتطرفة مع طغمة عسكرية وبعض رجال الدين مدعومين من الصهيونية العالمية ممثلة بالبرادعي. وأن الملايين من المصريين تنقاد بكل بساطة، بل بكل نشوة وإصرار، إلى أتون الفوضى الخلاقة.
ما حصل قد حصل، ولأنني أعرف الخونجة وقذارتهم، فأنا لست مفائلا أبدا بما يحصل في مصر. وأنا الآن آمل أن يكون الضباط العاملون في الجيش المصري على قدر المسؤولية، وأن يسحقوا المؤامرة في بدايتها قبل أن تستشري الحرب في مصر.
الأيهم صالح
www.alayham.com
التعليقات
أنا مع تحليلك تماما" ولاأرى
للأسف هذه هي الصورة الحقيقية
إضافة تعليق جديد