إدوارد بيرني كان مختصا بالبروباغاندا، أي بتكييف الجماهير لقبول الأفكار التي يسوقها، ولكنه لم يكن ينشر أفكاره الشخصية بل أفكار من يستخدموه. في بداية حياته عمل مع فريق الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون (الرئيس المدعوم من مصرفيي أمريكا، وهو الذي رخص مصرف الاحتياطي الفيدرالي وأدخل أمريكا الحرب العالمية الأولى) وساهم في حملة تسويق دخول أمريكا الحرب العالمية الأولى على أنها "نشر الديمقراطية في أوروبا". نجاح حملته لتسويق الحرب على انها نشر للديمقراطية دفعه للتفكير في استخدام نفس الوسائل في زمن السلم،
تعتبر حملة تسويق التدخين أحد أهم نجاحات بيرني، فقد كان تدخين النساء علنا ممنوعا بقوة القانون في الكثير من الولايات، وتعاقب المرأة التي تدخن علنا بالسجن. قام بيرني بتنظيم عرض لبعض العارضات في الشارع وهن يحملن سجائر مشتعلة، ونشر صورهن في الصحف على أنهن نساء يحملن شعلة الحرية، بعد ذلك انتشرت الفكرة وقامت نساء أخريات في مدن مختلفة بتنظيم استعراضات مشابعة تحت شعار "شعلة الحرية" بدون تدخل من بيرني (تحت تأثير التكييف)، وبالتدريج انفتح السوق أمام شركات التبغ.
نفذ بيرني حملات مشابهة لصالح كبريات الشركات الأمريكية، مثل شركة الفواكه المتحدة، وشركة التبغ الأمريكية، شركة الكيماويات بروكتر وغامبل، شركة سي بي إس الإعلامية، شركة دودج للسيارات، وغيرها.
هذه المصالح الكبرى هي من يدفع الأموال لتنظيم حملات مثل حملة "نشر الديمقراطية في أوروبا" أو حملة "شعلة الحرية". وهذه الشركات الكبرى هي صاحبة المصلحة الأساسية بتكييف الجماهير وتحويلها إلى أختام تشكلها تقنيات سكينر وعلم النفس السلوكي لتنتج الطباعة التي ترغبها الشركات التي توظف بيرني وأمثاله.
لذلك، فحكومة بيرني الخفية هي في الحقيقة بضعة آلاف من الأشخاص في العالم يملكون المصالح الاقتصادية الكبرى، ويستطيعون توظيف مختصي البروباغاندا الأكثر إبداعا لتكييف الجماهير حسب رغبتهم. إضافة لذلك، يمول هؤلاء الأشخاص تطوير تقنيات جديدة للتكييف ويعتبرون أهم زبائن باحثي السلوكيات المعاصرين.
وفي مجتمعنا، تمكنت حكومة بيرني الخفية من اختراق جهازين أساسيين من أجهزة التكييف، الدين والتعليم، وتمكنت عن طريقهما من التأثير على الجهاز الثالث، الأسرة، ولذلك فالكثير من نتائج التكييف التي نراها في مجتمعنا ليست من إنتاج الحكومة المعلنة، بل من إنتاج حكومة بيرني الخفية. إضافة لذلك تقوم حكومة بيرني الخفية بتكييف شعبنا ليصدق أن التناقضات الواضحة في مجتمعنا هي صنيعة الحكومة المعلنة ولا دور للحكومة الخفية فيها.
عنوان الحلقة القادمة: الأسس النظرية للاستحمار 5: الخروج من غرفة سكينر.
إضافة تعليق جديد