يشهد العالم حاليا تجربة مميزة في مواجهة التكنوقراط تقودها لجنة تحقيق كورونا الألمانية، وهي محكمة علنية أمام الرأي العام العالمي بحق ستة متهمين تنظم وفق إطار تحقيق Grand Jury الأمريكي واستنادا إلى القانون الطبيعي وليس إلى قوانين الدول.
لجنة كورونا الألمانية
تأسست اللجنة بمبادرة من المحاميين راينر فولميش Reiner Fuellmich و فيفيان فيشر Viviane Fischer في تموز 2020 للتحقيق في خلفيات عملية وباء كوفيد، وقد أجرت حوالي 90 جلسة استماع في كل منها شهادات بضعة أشخاص، ونشرت جميعها على موقع اللجنة كما تمت ترجمة أغلبها إلى الانكليزية، وتجدونها على موقع اللجنة https://www.corona-ausschuss.de/en
بخلاصة جلسات الاستماع قررت اللجنة إجراء تحقيق علني وفق إطار Grand Jury الأمريكي واستنادا إلى القانون الطبيعي. بررت اللجنة هذا القرار بأن المحاكم في جميع الدول فاسدة ومخترقة، وأنه حتى محكمة العدل الدولية فهي تأخذ تمويلها من بعض كبار ملياديرات العالم، ولذلك فاللجنة لا تثق بأي نظام قضائي قائم، وترغب بتأسيس نظام قضائي مواز يستند على القانون الطبيعي، وأول محاولة لتأسيس هذا النظام الموازي جاءت على شكل محكمة يتم فيها تقديم الوثائق أمام البشر كلهم باعتبارهم محلفين، ثم الطلب منهم توجيه الاتهام بالطريقة التي يرونها مناسبة للمتهمين.
محكمة الرأي العام
تنعقد محكمة الرأي العام على الإنترنت (الموقع) بإشراف القاضي البرتغالي روي فونسيكا إي كاسترو Rui Fonseca E Castro. وبمشاركة من طاقم كبير من المحامين من كل القارات، وتستدعي عددا من الشهود في كل جلسة.
تستخدم المحكمة صيغة إجراء Grand Jury في جلساتها وكإطار عام لنشاطاتها، ويلاحظ أن إجراء Grand Jury لا يتطلب تمثيل المتهمين، فهو الإجراء المعتمد في أمريكا للتحقيق في جرائم المافيا والجرائم التي ترتكبها الحكومات بهدف جمع المعلومات والتحضير لإصدار لائحة الاتهام. ولكن في أمريكا تكون جلسات هذا الإجراء سرية لكي لا يعمل المتهمون على إتلاف الأدلة أو لكي لا يهربوا بعيدا عن سلطة الحكومة الأمريكية. بالمقابل جلسات محكمة الرأي العام علنية وكل الأدلة المطروحة فيها متاحة للعموم ويستطيع أي شخص أن يناقشها.
المتهمون
وجهت محكمة الر أي العام الاتهام بالمسؤولية عن جرائم بحق الإنسانية إلى ستة متهمين:
-
كريستيان دروستن: الألماني ومخترع أحد اختبارات PCR، وهو الاختبار الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية لاختراع إصابات بكوفيد 19.
-
تيدروس غيبريسوس: مدير منظمة الصحة العالمية، وهو المسؤول عن إعلان وباء عالمي اعتمادا على الاختبار الذي صممه روستن.
-
أنتوني فاوشي: بوصفه أقدم مسؤول صحي في العالم، وأهم متخذي القرارات التي رافقت إعلان الوباء.
-
بيل غيتس: بوصفه ممولا لعملية إعلان الوباء، والمستفيد الأكبر ماليا منه.
-
شركة بلاك روك: بصفتها المالك الأكبر لعدة شركات تستفيد ماليا من عملية الوباء.
-
شركة فايزر: بوصفها أكثر الشركات العالمية استفادة من الوباء.
الجلسات
تبث محكمة الرأي العام كل جلساتها عبر الإنترنت، ويمكن متابعتها من موقع المحكمة أو من قناتها على شبكة أوديسي مع ترجمة مباشرة باللغتين الانكليزية والألمانية. بدأت الجلسات يوم 5 شباط فبراير بالمرافعات الأولية، ثم عقدت جلسة يوم 12 شباط خصصت لعرض سرد تاريخي لتأسيس المؤسسات التي أشرفت على عملية وباء كورونا، ومنها المؤسسات الحكومية والمالية والعالمية المرتبطة بالوباء. وجلسة يوم 13 شباط خصصت للمعلومات الطبية عن اختبار PCR.
في جلسة السرد التاريخي (الرابط) قدم ألكس تومسون (إعلامي ومحلل استخبارات بريطاني سابق) وماثيو إهرت (صحفي كندي) سردا تاريخيا رائعا لتطور أنظمة الحكم التي نعرفها حاليا منذ عام 1830 إلى الوقت الحالي، وفي نفس الجلسة قدمت طبيبتان من منظمة الصحة العالمية شهادتين مذهلتين عن مستوى تحكم منظمة الصحة العالمية بالدول الأعضاء بها، وعن المخالفات الغريبة التي شهدها إعلان حالة الوباء العالمي.
وفي الجلسة الثانية (الرابط) قدمت وثائق تثبت وجود أنظمة PCR أكثر دقة من اختبار دروستن وسابقة له وتؤدي نفس الغرض، وتفيد أن اختبار دروستن مصمم عن سبق الإصرار والتصميم لإنتاج عدد كبير جدا من الحالات الخلبية بشكل مقصود، وقدم عدة علماء شهادات تفيد أن اختبار دروستن لا يمكن أن يستخدم لتشخيص مرض وأن اختبار PCR بشكل عام لا يمكن أن يكشف إن كان شخص ما مريضا أو ناقلا للمرض، وأن دروستن سبق أن كتب ذلك صراحة في إحدى مقالاته، وجاءت أبرز الوثائق من طبيب أمريكي قدم سردا تاريخيا على أساس الوثائق يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن فاوشي وتيدروس اتخذا قرارات وأطلقا توصيات تسبب الضرر للبشر عن معرفة تامة بنتيجة قراراتهما، كما قدمت المحكمة عدة شهادات عن نتائج سلوك دروستن وتيدروس وفاوشي.
مازالت المحكمة منعقدة، وجلستها القادمة يوم 19 شباط مخصصة لموضوع الحقن، ويمكن متابعتها مباشرة من موقع المحكمة.
النتائج
أول نتيجة لهذه المحكمة هي إثبات أن من الممكن الاعتماد على القانون الطبيعي في إجراء معقد مثل محاكمة أمام الرأي العام لعدة متهمين من عدة دول. ظهر في المحكمة حتى الآن عشرات الأشخاص وبينهم قضاة ومحامون ومسؤولون سابقون وضباط مخابرات سابقون وعلماء وأطباء وموظفون دوليون، مما يدل على اعتراف هؤلاء بشرعية القانون الطبيعي وبرغبتهم في المشاركة في استخدامه.
والنتيجة الثانية هي تعزيز فكرة إنشاء أنظمة موازية للأنظمة الحالية بدون انتظار موافقات من أحد، وهي فكرة تقع ضمن السوق الرمادية وفق أفكار الأغورية، وتخدم الهدف الأكبر للأناركية في إلغاء الحكومات، وتنسجم تماما مع أفكار الحياة الخاصة. أنا أعتقد أن محكمة الرأي العام التي نشهدها حاليا هي دليل عملي وواقعي على إمكانية تطبيق الأفكار التي طرحتها في المقالات الثلاثة الأولى من هذه السلسلة.
والنتيجة الثالثة لهذه المحكمة هي دعم فكرة تحمل المسؤولية الشخصية والاعتماد على الذات. لم ينتظر مؤسسو المحكمة وشهودها قرارا من أحد بل أخذوا المبادرة بأنفسهم، وهم يقدمون كمية هائلة من الوثائق لمن يعتقد أنه تضرر من إعلان الوباء. الخطوة التالية تأتي ممن يرغب بالمساهمة في تحقيق العدالة، ولا تعني أن ينتظر أي قرار من أحد، بل أن يقوم بما يجب القيام به لتحقيق العدالة وفق القانون الطبيعي أو أي قانون يعتمد عليه، وبدون أي اعتداء على أحد. الوثائق أصبحت متاحة للجميع ويستطيع أي محام أو مدع عام أن يستخدمها إن أراد، ويستطيع أي شخص أن يستخدم هذه الوثائق في أي مجال.
تحققت هذه النتائج مع الأسبوع الأول من بدء الجلسات، وجلسات المحاكمة مازالت مستمرة، ويمكنني أن أتوقع أن المحكمة والأفكار التي تستند إليها ستؤدي إلى تغييرات في بنى المجتمعات على المدى الطويل، ولكن بالمقابل يمكنني أن أتوقع أن التكنوقراطيين سيبدؤون بمحاربة المحكمة وكل الشهود الذين يظهرون أمامها، ولذلك فالمحكمة بحاجة إلى دعم من كل الناس الذين يريدون الحفاظ على حرياتهم بوجه التكنوقراط. أهم وسيلة لدعم المحكمة هي الاستماع إلى الشهادات و إبداء الرأي بها، ثم الحديث عنها وعن تجربة إنشاء النظم الموازية ككل.
المسؤولية الشخصية
كتبت سابقا أنني لا أرى حلولا جماعية لمواجهة التكنوقراط، ومحكمة الرأي العام برأيي ليست حلا جماعيا، بل هي حل فردي لأن نتيجتها تتعلق بما يقوم به كل شخص بناء عليها.
لقد قام راينر فولميش وفيفيان فيشر ورفاقهما بكل ما يستطيعون القيام به لمواجهة التكنوقراط، وهناك الآن محكمة علنية لرموز أزمة كوفيد أمام الرأي العام، فماذا سيفعل الرأي العام؟ رغم أنني غير متفائل بعقاب مباشر للمجرمين، إلا أنني متفائل ببداية العودة إلى القانون الطبيعي، وسأعمل على دعم المحكمة عبر نشر الأفكار والوثائق التي تنتجها، فما موقفك أنت؟ هل تعتقد أنك مسؤول عن معرفة الحقيقة وعن اتخاذ قرار بشأن المتهمين في هذه المحكمة؟ وماذا ستفعل بالأدلة والوثائق التي تقدمها لك هذه المحكمة؟
الأيهم صالح
إضافة تعليق جديد