كيف نساعد نبيل فياض؟

كتبت سابقا عن مبررات اعتقال نبيل فياض، وأوضحت أنني أعتقد أن اعتقاله مجرد صفقة بين الجهة المتضررة من كتاباته، وبين السلطة التي تقدر على اعتقاله. وللتركيز على وجهة نظري أود أن أطرح للنقاش النقاط التالية:

1- لا مصلحة للأمن السوري، ولا لسورية، في اعتقال كاتب مسالم مثل نبيل فياض، بل بالعكس، اعتقاله يمكن أن يسيء إلى صورة ضباط الأمن السوري، وإلى صورة سورية كلها.

2- هناك متضررون من كتابات فياض، وقد أفصح هؤلاء المتضررون أكثر من مرة عن أنفسهم، ونشروا مقالات تطالب السلطة باسكات صوت نبيل أو قلمه، وضغطوا على كل من حاول نقل مقالات نبيل من السياسة الكويتية أو من موقع الناقد ونشرها في سورية.

3- كان نبيل فياض صديقا للجميع في سورية، باستثناء جهتين: الأولى هي الأصولية الإرهابية الدينية، متمثلة في شيوخ الإرهاب الطالباني والوهابي والكفتابوطي، والثانية هي قوى الفساد التي تسيطر على الكثير من مقدرات سورية وتسخرها لصالح عصابات مافيوية تعمل على نهب سورية.

4- لم يكن نبيل ضد المسلمين العاديين، وكان دائما يدافع عنهم وعن عقيدتهم، وقد عبر عن هذا في لقائه على الجزيرة مع منتصر الزيات. وقد رأيت بنفسي كيف يتعامل أهل الناصرية مع نبيل، والاحترام الذي يكنونه له كإنسان، وكصيدلاني يمارس عمله بمنتهى الإخلاص، كما رأيت طريقة نبيل في احترام عادات مجتمعه وعدم الاصطدام معها. وجميع كتاباته تدور في فلك فضح الأفكار النتنة التي يستغلها شيوخ الإرهاب الأصولي لقمع حرية المسلمين وغرس الفرقة والشقاق في المجتمع السوري متعدد الطوائف.

5- كتب نبيل فياض أكثر من مرة عن قدرة عصابات الإرهاب الأصولي على شراء الفاسدين في أجهزة الأمن السورية، ونشر مثالا عن تجربة لهم حاولوا فيها تلفيق تهمة له لرميه في السجن. من يعيش في سورية يعرف أن هذه القصة ممكنة الحدوث في أي مكان. وفي بلد لا شيء فيها يحمي الإنسان، من الطبيعي أن يقبل أي موظف سوري هدية من سداسيات الأصفار مقابل استغلال سلطته لفعل أي شيء يقع ضمنها، ومن المعروف في سورية أن رمي الناس في السجون أمر بسيط لا يحاسب عليه من يقوم به بأي شكل.

6- كتب نبيل فياض أكثر من مرة عن استغلال الفاسدين لسلطتهم لمنع كتبه قبل نشرها، وعن محاولاتهم تلفيق شتى الاتهامات له، واستعداء أجهزة الأمن عليه. وعبر بشكل ضمني أن الفاسدين قبضوا ثمن محاربته بهذه الطريقة. من الطبيعي أن يرغب الفاسدون نفسهم بإسكاته، ويكونوا مستعدين لدفع أي ثمن لإسكاته ليتوقف عن تسبيب المشاكل لهم ويتفرغوا لعملهم في قبض الرشاوى والعمولات.

 

وهكذا يتضح لنا وجود تيارين قويين مستعدين لدفع أي ثمن لإسكات نبيل فياض، هذان التياران هما الأصولية الإرهابية بأجنحتها المتعددة (الطالبانية والوهابية و الكفتابوطية والإخوانية و...)، والفاسدون الذين يبيعون أي شيء لمن يدفع الثمن المناسب، ولا بد أن نلاحظ أن وجود علاقات علنية وقوية وتاريخية بين هذين التيارين، إضافة لعلاقات مفترضة ترتبط مع تنامي عدد القبيسيات المستعدات لفعل أي شيء في سبيل الله.

هل يصعب على هذا التيار تأمين هدية من ثمانيات الأصفار؟ طبعا لا، فكل ما يحتاجونه متيسر لهم بكميات كبيرة.

وهل تعتقدون أن أي مسؤول في تركيبة الفساد السورية يمكن أن يرفض هدية ثمانية الأصفار؟ لا أظن ذلك!

ولذلك، مازال نبيل فياض في الاعتقال، ومن قبض ثمن رميه هناك، لن يطلق سراحه قبل أن يقبض ثمنا أكبر، لأن ثمن إطلاق سراح معتقل في سورية أغلى كثيرا من ثمن اعتقاله الأساسي.

ولذلك أيضا لا تعلو أصوات المنظمات المسماة "حقوق إنسان" ولا أصوات المعارضة السورية في الداخل، لإطلاق سراحه. فأغلب هذه التنظيمات هي مجرد واجهات تجميلية للتيار الإرهابي، واعتقال نبيل فياض يمثل بالنسبة لهم تصفية أحد خصومهم.

للأسف لا أملك ثمن إطلاق سراح نبيل فياض، ولا أحد من أصدقائه يملك الثمن، إضافة إلى أننا جميعا لا نقبل منطق الابتزاز الصريح، ونرفض أي تدخل خارجي ونعتبره يمس انتماءنا الوطني.

ماذا نفعل لنساعد على إطلاق سراح صديقنا؟ أنا لا أملك إلا أن أصلي لإله الحرية السوري أن يساعده، ويقنع من يحتجزه أن نبيل لن يدفع لأنه لا يملك شيئا سوى قلمه وحاسبه وبعض الأدوية في صيدلية على تخوم البادية السورية. وآمل أن يقتنع من اعتقل نبيل فياض أن حرية نبيل وسلامته يمكن أن تجعل اعتقاله القادم صفقة أغلى إذا أحسن التصرف.

إن التعامل مع قضية اعتقال نبيل فياض على أنها قضية سياسية لن يفيده، بل ربما يرفع السعر المطلوب لإطلاق سراحه. وإذا أردتم أن تساعدوا نبيل فياض، اعتبروا أن القضية كلها مسألة بزنس بين الإرهابيين والفاسدين، وبين أنصار الفكر والحرية في سورية، وأفضل طرح يمكن أن يطرح هو طرح إخراج نبيل فياض بكفالة!

الأيهم صالح
www.alayham.com
اللاذقية ـ سورية

التعليقات

ابن مكرم

أتمنى بصدق أن تكون إزالة هذه الحلقة لسبب تقني و ليس فكري. علماً أني حاولت لتوي إيجاد حلقة من برنامج موعد مع المهجر للشاعر السوري سليم بركات كانت موجودة على http://www.aljazeera.net/NR/exeres/169AFA47-712D-462E-A06D-5A273771D5DE… فلم أجدها. علماً أن جووجل ما يزال يحتفظ بنسخة منها.
ابن مكرم

كنت قد استمعت لهذه الحلقة أكثر من مرة و لهذا عدت اليها بالأمس بحثاً عن اقتباس أرسلته لبعض الأصدقاء. و شكراً لك على العرض بالمساعدة. ما أرجوه فقط أن تعلمني إن كانت هذه الصديقة قد نشرت هذه الرسالة -أو موجزاً عنها- في مكان ما، ليتسنى لي الاطلاع عليها. إلا أن سبب نعليقي الأساسي هو ملاحظة اختفاء أكثر من مادة من موقع الجزيرة الجديد. تحياتي.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.