كان النهار قد انتصف عندما أحسسنا ببعض التعب مما جعلنا نميل إلى إحدى دكاكين القرية لنشتري شيئا ً فكانت دهشتنا عندما وجدنا أن جميع ما في الدكان من سلع لم يحتوي على اي مادة لبنانية , حتى بعد أن طلبنا شيئا وقدمنا نقودا لبنانية اعتذر صاحب المحل منا بأدب قائلا ً "عذرا ً.. أين أصرفها؟" .
سألنا صاحب الدكان "فؤاد عثمان" عن سبب اعتذاره طالما نحن في أراضي لبنانية فقال:
"المشكلة أنه لا يوجد طريق يربطنا ببلدنا لبنان حتى نتعامل بالليرة اللبنانية, فالطريق الوحيد الذي يصلنا بالعالم الخارجي هو طريق سوريا , ومات أبي ومن قبله جدي وهم يحلمون بطريق يربطنا بلبنان وأنا أعيش إلى اليوم على هذا الحلم, كل يوم أذهب إلى قرية عسال الورد لأحضر 50 ربطة خبز وإلى يبرود لأحضر أغراض السمانة لذلك تجدون كل ما في دكاني منتجات سورية".
ويضيف عثمان "أولادي يدرسون بمدارس عسال الورد ... حتى جراري سوري وعندي سيارة سورية عند الحاجز, لايوجد لدي اي شيء لبناني سوى الهوية... صار عمري أربعين سنة ولم البس للآن بنطال لبناني... حتى عندما أريد تسجيل أولادي في النفوس فأنا بحاجة لأن أذهب من الطفيل إلى سوريا ومنها إلى لبنان لأسجلهم.
كان لا بد لنا قبل أن نغادر الطفيل أن نعرج على مدرستها فالتقينا بمديرها ( الأستاذ محمود الشوم) الذي قال : أنا موظف لبناني في الحكومة ومدير المدرسة الابتدائية (والوحيدة) في الطفيل , اسكن في سوريا مع عائلتي حيث يدرس أولادي العشرة في المدارس والجامعات السورية ومن أجل ان أقبض راتبي اضطر في كل شهر أن أقطع مسافة 200 كم من الطفيل إلى سوريا ومن ثم إلى داخل لبنان ... سوريا لم تقصر في تقديم اي خدمة لنا وفضلها علينا إلى نهاية حياتنا والحكومة السورية تعترف بنا أكثر من الحكومة اللبنانية بالاضافة إلى ان جميع طلابنا بعد الصف السادس ينتقلون إلى مدارس عسال الورد لتكملة دراستهم , وفي الشتاء تعاني عسال الورد من ازمة مازوت ومع ذلك لم يقطعوا المدرسة يوماً حيث كانت دائما الأولوية لمدرستنا بحكم القرابة والجيرة .
عن صدى سوريا: والمقال يضم مجموعة من الصور المميزة
إضافة تعليق جديد