اختار القناص ضحيته لهذا اليوم، فأرسل رجاله لاعتقال المحامي محمد رعدون من مكتبه في اللاذقية، وتقول الأخبار أن الضحية وصلت إلى عش القناص في دمشق، وستمر بنفس الطريق الذي سلكته ألوف الضحايا من السوريين خلال الأعوام الماضية.

لا أحد يعلم لماذا اختار القناص هذا اليوم لاعتقال المحامي محمد رعدون، لماذا لم يرسل رجاله أمس، أو أول أمس، ولماذا لم يؤجل الأمر إلى غد أو بعد غد. لا أحد يعلم كيف يفكر القناص، وما الذي يدفعه لاختيار شخص معين في وقت معين. ربما كان الاختيار يتم حسب الحالة النفسية للقناص، أو حسب عشوائية معينة من نمط النرد، أو ورق اللعب، أو باختيار ورقة عليها اسم من مجموعة أوراق.

ربما يكون الاعتقال لدوافع اقتصادية، فاعتقال رئيس أنشط منظمة حقوقية في سوريا سيدفع عددا كبيرا من الناس من داخل وخارج سورية للاتصال للاستفسار عن التفاصيل، وعن أخبار الضحية، وللإطمئنان على بقية أعضاء المنظمة، مما يساهم في تعويض الخسائر التي يتعرض لها مصاصو الدماء في شركات الاتصالات السورية نتيجة حملة المقاطعة المعلنة أمس واليوم وغدا. وطبعا سيتم تقاسم الغنيمة بين القناص ومصاصي الدماء.

من الممكن جدا أن يكون اعتقال المحامي محمد رعدون عقوبة له ولمنظمته، فالمنظمة العربية لحقوق الإنسان كانت أنشط وأجرأ المنظمات الحقوقية في سورية، وتقريرها لعام 2004 قدم توثيقا ممتازا لانتهاكات حقوق الإنسان في سورية، وسرد أحداثا تقشعر لها الأبدان. وخلال الأشهر الماضية واظبت المنظمة على رصد وتوثيق الانتهاكات المتزايدة لحقوق الإنسان السوري، خصوصا في مدينة اللاذقية التي يقيم فيها الأستاذ رعدون. ومع كل هذه النشاطات، ظلت المنطمة العربية مكشوفة الظهر، فهي لا تعتمد على دعم خارجي، وليست لها أية قاعدة سياسية، ولا يصلها أي تمويل. ولا تحوي أي عضو يقيم خارج سورية، ولا تمارس أي نشاط غير حقوقي، مما يجعلها فريسة سهلة ومأمونة العواقب للقناص.


صور كثيرة ملء الخيال، وألف مليون احتمال، لأسباب اعتقال المحامي رعدون، ولكن بالتأكيد وبلا جدال، كان الأستاذ رعدون وبقية أعضاء المنظمة الحقوقية أوفياء لرسالتهم الإنسانية، رغم أنهم يعرفون أن القناص يراقبهم، ويستطيع أن يطالهم في كل وقت ليحولهم إلى ضحية مثل الضحايا الذين دافعوا عنهم.

لا يمكن أن نعرف من سيكون الضحية القادمة للقناص، هل سيتابع ضرب المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أم سيرسل مستعربيه للاعتداء على عائلة المحامي رعدون، أم سيتحول إلى مجال آخر، أم سيستهدفني أنا.
كل شيء ســـــيّء ممكن في سورية القناص.

 

الأيهم صالح
www.alayham.com
دمشق ـ سورية
22 أيار 2005
المصدر:
http://www.syriamirror.net/modules/news/article.php?storyid=6855