تراوحت ردود الفعل على مقالي السابق "ملامح الإعلام الاجتماعي المقاوم في سوريا" بين التأييد الخجول والاستنكار المبطن بالتخوين. وأهم ملاحظة لي هي أن أغلب الردود التي أتتني لم تكن علنية، وكأنها تخشى الحديث في الموضوع علنا. بعض الردود حملت استفسارات سأحاول الإجابة على الأسئلة السهلة منها فيما يلي، مع وعد بالإجابة على الأسئلة التي تحتاج دراسة وتفكيرا لاحقا في مقالات منفصلة.
سألني العديد من القراء: ما المشكلة في وجود شبكتين للإعلام المقاوم، شبكة اجتماعية وشبكة مركزية تقليدية، وجوابي أنني لا أمانع في وجود مئات الشبكات الإعلامية. المشلكة ليست عندي ولا عند الناشطين الاجتماعيين الذين يدعمون بعضهم لتأسيس وجود سوري فعال على الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر. هؤلاء الشباب هم من يشجعون الآخرين على العمل وعلى إنشاء شبكات جديدة، ويقدمون لهم التدريب الأساسي والدعم التقني في المراحل الأولى. أصلا هكذا نشأت شبكة المقاومة السورية التي وقفت بوجه المؤامرة من بدايتها.
من لا يرغب في تعدد الشبكات الإعلامية هو حصرا الشبكة المركزية التي ترى وجود أي شخص يمكن أن يؤكد أن ينفي أخبارها خطرا عليها، فهذه الشبكة تعتقد أنك كسوري يجب أن لا تعرف إلا ما تريد هي أن تقوله لك. ليس هذا جديدا علينا، فهو عقيدة الإعلام الرسمي التي نعرفها منذ أن بدأ وعينا يتشكل. نفس المنظومة الإعلامية التي حاربت الإعلام الوطني المستقل، وأوقفت العديد من الصحف والمجلات السورية، ومنعت توزيع صحف عربية وعالمية، هي من يحارب شبكة دمشق الإخبارية والناشطين المرتبطين بها هذه الأيام.
وسألني صديق "ما تسميه (مافيا الإعلام الرسمي) هم أناس وطنيون يقفون معك في مواجهة المؤامرة، فلماذا تنتقدهم؟" وجوابي أنني لا أنتقد الأشخاص، فأنا لا أعرفهم أصلا، بل أنتقد طريقتهم في العمل الإعلامي. والفكرة الأساسية هنا هي "من الذي يصنع الخبر؟ المراسل أم غرفة الأخبار؟" أعتقد أن المراسل هو من يجب أن يصنع الخبر، فهو الأقرب وهو الذي يرى ويستطيع التأكد بنفسه مما يحصل، ولذلك تحاول وسائل الإعلام الاتصال مع مراسليها لتعرف وتنقل لمتابعيها ما يجري. بالمقابل هناك أشخاص يعتقدون أن تجربة وضاح خنفر في الجزيرة مثال يحتذى، بحيث تصنع الأخبار في غرفة مختصة، وترسل إلى المراسل ليقولها على الشاشة. يؤسفني أن أقول أن لدينا في سوريا (وضاح خنفر) سوري يعمل كما عملت الجزيرة على السيطرة على عقول السوريين، وتلقيمهم كمية كبيرة من الأكاذيب ليقوموا بتبنيها وتكرارها. هذا ال (وضاح خنفر) لا يهتم أبدا بأن نعرف الحقيقة، ولا يتورع عن خداعنا بكل الأساليب ليغرس لدينا القناعات التي يتبناها.
ومن أهم الأسئلة التي وردتني سؤال من صديقة عزيزة كتبت بكل قهر "لماذا أسكتوا عمار اسماعيل في اليوم الذي تحتاجه سوريا فيه". رغم أهمية هذا السؤال فأنا عاجز عن الإجابة، وأستطيع أن أضيف إليه عشرات الأسئلة الأخرى التي يجب أن توجه لمن يتخذون هذه القرارات في بلدنا، فعمار اسماعيل مطلوب من المؤامرة، ومطلوب حيا من الجيش الحر، وتعرض لعدة محاولات اغتيال واختطاف، وجاءت قذيفة أر بي جي بعيدة عن شباك بيته بضعة أمتار. أنا أعتقد أن عمار اسماعيل كأي سوري شريف لا يحارب المؤامرة فقط، بل يحارب الخيانة والفساد أيضا، وهذا ما يجعله مستهدفا من قبل المؤامرة ومن قبل الخونة والفاسدين في بلدنا.
الأيهم صالح
إضافة تعليق جديد