أرسل لي الأستاذ جورج كدر الأسئلة التالية
وأجبته عليها كما يلي:
هناك العديد من العقبات التي تواجه صناعة البرمجيات، مثلها مثل أية صناعة أخرى في بلدنا، ومن هذه العقبات:
1- ضعف البنية التحتية للاتصالات، وحجب العديد من الخدمات التي تحتاجها صناعة البرمجيات، مثلا، مازالت شبكة مؤسسة الاتصالات تحجب خدمة تبادل الملفات ftp وخدمة تبادل النصوص البرمجية CVS، وهما خدمتان حيويتان لا يمكن أن تقوم صناعة برمجيات سورية بدونهما.
2- ضعف النظام التشريعي السوري في التعامل مع البرمجيات، ومع إنتاج البرمجيات، ومع حقوق منتجي البرمجيات ومستخدميها. يكفي أن نعرف أن سوريا لم تشهد أي قانون يتعلق بصناعة البرمجيات حتى الآن، وكل ما لدينا قرارات وتعليمات واجتهادات من عدة جهات.
3- انعدام الثقة بالقضاء السوري، الأمر الذي يضعف قدرة الشركات السورية على الحصول على عقود تطوير عن بعد كما يحصل مثلا في الهند.
4- نزيف العقول المستمر الذي تعانيه سوريا، وله أسباب متعددة منها مثلا انخفاض مستوى رواتب المبرمجين، وانخفاض مستوى معيشة المواطن، وانتشار الفقر في المجتمع السوري. هذه الظروف تسبب تهجير العقول الضرورية لقيام أية صناعة معرفية، بما فيها صناعة البرمجيات.
5- اختفاء مهنة الاستشارات، فقد أوضحت دراسة نشرت العام الماضي أن 90% من مشاريع سوريا تتم بدون الدراسات والاستشارات الضرورية لنجاحها.
وهناك أسباب أخرى لا يتسع المجال لذكرها الآن.
إن أكبر مستهلك للبرمجيات في سوريا هو القطاع العام، أي الدولة، وهي نفسها التي تعيق تطوير صناعة البرمجيات المحلية، ولذلك، فهي بالتأكيد تحصل على ما تستحقه من برمجيات في عقودها. وإذا رغبت الدولة بتحسين استفادتها من البرمجيات التي تشتريها، فعليها أن تتوقف عن تحميل منتجي البرمجيات مسؤولية فشل أي مشروع برمجي، وأن تعتمد على الدراسات والاستشارات الضرورية قبل البدء بأي مشروع، وأن تبذل بعض الجهد لحل المشاكل التي تعيق صناعة البرمجيات، وهي مشاكل تقع في أغلبها تحت سيطرة الدولة نفسها، ولا تتعلق بعوامل خارجية.
إذا وجد في سوريا من يرغب بتطوير بيئة ناظمة لصناعة البرمجيات، فأرجو أن لا يسلك في ذلك سلوك الاقتصاد الاشتراكي الذي أثبت فشله في بلدنا في كل محاولة لتطبيقه. مثلا أتمنى أن لا تتنطح النقابات القائمة حاليا، مثل نقابة المهندسين أو نقابة المقاولين، لمحاولة تنظيم هذه المهنة. بل أن يعمل منتجو البرمجيات على تنظيم أنفسهم بأنفسهم، والضغط على السلطة التشريعية لاستصدار القوانين التي يحتاجونها، وبشكل يساهمون هم في صياغتها. بالمقابل، من المفضل أن تنشأ تجمعات لمستخدمي البرمجيات تساعد في حفظ حقوقهم وتفاوض منتجي البرمجيات باسمهم، وتضغط على السلطة التشريعية لاستصدار القوانين المناسبة. إن دينامية السوق كفيلة بحفظ حقوق المنتجين والمستخدمين بشكل أفضل مما تقوم به الدولة في النظام الاشتراكي.
ومن المفيد ملاحظة أن الدول التي تعتمد النظم الاشتراكية، مثل سوريا، لا تملك أية صناعة معرفية حقيقية، رغم وجود إبداعات فردية تعبر عن بيئة صالحة للتطوير. بالمقابل، فقد بدأت تظهر صناعات برمجية متميزة في الدول التي تحولت من الاقتصاد الاشتراكي إلى اقتصاد السوق، مثلا، لم تعد أمريكا تحتكر سوق أمن المعلومات، فهناك شركات كبيرة في روسيا ورومانيا والبرازيل تنافس المنتجات الأمريكية وتنتزع حصصا متزايدة من سوقها في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وحتى في كندا وأمريكا نفسها.
يبدو لي أن سوريا ليست مؤهلة حاليا لقيام صناعة برمجيات حقيقية، وتعمل شركات البرمجيات السورية في بيئة غير صحية لا تسمح لها بالنمو والتطور، وهي مضطرة للتعاون مع بعضها لضغط نفقاتها والتعاون بدلا من التنافس على بعض فتات العقود التي تطرح في السوق سنويا ولا تكفي لتمويل استثمارات حقيقية لشركة واحدة فقط.
صناعة البرمجيات في سوريا؟
كيف تقرأ واقع صناعة البرمجيات في سوريا؟
ـ هل يمكن أن تنوب عن الاستعانة بخبرات من الخارج؟
ـ صناعة البرمجيات تعمل في إطار بيئة غير ناظمة لعملها، ما هل الآليات التي تقترحها لتفعيل دورها وتطوير أدائها؟
ـ صناعة البرمجيات تسهم في الدخل الوطني للعديد من الدول ومنها الهند... من خلال خبرتك، كم يفقد عدم تنظيمها الدخل الوطني؟
يرجى إضافة أي أفكار أو مقترحات تسهم في إغناء المادة، ؟
وأجبته عليها كما يلي:
لا توجد صناعة برمجيات في سوريا بالمعنى المتعارف عليه لصناعة البرمجيات في العالم. يوجد لدينا شركات تنتج برمجيات، ولكن أغلب هذه البرمجيات تفتقر للكثير من المتطلبات الأساسية التي تمكن من تحويلها إلى منتج صناعي.
هناك العديد من العقبات التي تواجه صناعة البرمجيات، مثلها مثل أية صناعة أخرى في بلدنا، ومن هذه العقبات:
1- ضعف البنية التحتية للاتصالات، وحجب العديد من الخدمات التي تحتاجها صناعة البرمجيات، مثلا، مازالت شبكة مؤسسة الاتصالات تحجب خدمة تبادل الملفات ftp وخدمة تبادل النصوص البرمجية CVS، وهما خدمتان حيويتان لا يمكن أن تقوم صناعة برمجيات سورية بدونهما.
2- ضعف النظام التشريعي السوري في التعامل مع البرمجيات، ومع إنتاج البرمجيات، ومع حقوق منتجي البرمجيات ومستخدميها. يكفي أن نعرف أن سوريا لم تشهد أي قانون يتعلق بصناعة البرمجيات حتى الآن، وكل ما لدينا قرارات وتعليمات واجتهادات من عدة جهات.
3- انعدام الثقة بالقضاء السوري، الأمر الذي يضعف قدرة الشركات السورية على الحصول على عقود تطوير عن بعد كما يحصل مثلا في الهند.
4- نزيف العقول المستمر الذي تعانيه سوريا، وله أسباب متعددة منها مثلا انخفاض مستوى رواتب المبرمجين، وانخفاض مستوى معيشة المواطن، وانتشار الفقر في المجتمع السوري. هذه الظروف تسبب تهجير العقول الضرورية لقيام أية صناعة معرفية، بما فيها صناعة البرمجيات.
5- اختفاء مهنة الاستشارات، فقد أوضحت دراسة نشرت العام الماضي أن 90% من مشاريع سوريا تتم بدون الدراسات والاستشارات الضرورية لنجاحها.
وهناك أسباب أخرى لا يتسع المجال لذكرها الآن.
إن أكبر مستهلك للبرمجيات في سوريا هو القطاع العام، أي الدولة، وهي نفسها التي تعيق تطوير صناعة البرمجيات المحلية، ولذلك، فهي بالتأكيد تحصل على ما تستحقه من برمجيات في عقودها. وإذا رغبت الدولة بتحسين استفادتها من البرمجيات التي تشتريها، فعليها أن تتوقف عن تحميل منتجي البرمجيات مسؤولية فشل أي مشروع برمجي، وأن تعتمد على الدراسات والاستشارات الضرورية قبل البدء بأي مشروع، وأن تبذل بعض الجهد لحل المشاكل التي تعيق صناعة البرمجيات، وهي مشاكل تقع في أغلبها تحت سيطرة الدولة نفسها، ولا تتعلق بعوامل خارجية.
إذا وجد في سوريا من يرغب بتطوير بيئة ناظمة لصناعة البرمجيات، فأرجو أن لا يسلك في ذلك سلوك الاقتصاد الاشتراكي الذي أثبت فشله في بلدنا في كل محاولة لتطبيقه. مثلا أتمنى أن لا تتنطح النقابات القائمة حاليا، مثل نقابة المهندسين أو نقابة المقاولين، لمحاولة تنظيم هذه المهنة. بل أن يعمل منتجو البرمجيات على تنظيم أنفسهم بأنفسهم، والضغط على السلطة التشريعية لاستصدار القوانين التي يحتاجونها، وبشكل يساهمون هم في صياغتها. بالمقابل، من المفضل أن تنشأ تجمعات لمستخدمي البرمجيات تساعد في حفظ حقوقهم وتفاوض منتجي البرمجيات باسمهم، وتضغط على السلطة التشريعية لاستصدار القوانين المناسبة. إن دينامية السوق كفيلة بحفظ حقوق المنتجين والمستخدمين بشكل أفضل مما تقوم به الدولة في النظام الاشتراكي.
ومن المفيد ملاحظة أن الدول التي تعتمد النظم الاشتراكية، مثل سوريا، لا تملك أية صناعة معرفية حقيقية، رغم وجود إبداعات فردية تعبر عن بيئة صالحة للتطوير. بالمقابل، فقد بدأت تظهر صناعات برمجية متميزة في الدول التي تحولت من الاقتصاد الاشتراكي إلى اقتصاد السوق، مثلا، لم تعد أمريكا تحتكر سوق أمن المعلومات، فهناك شركات كبيرة في روسيا ورومانيا والبرازيل تنافس المنتجات الأمريكية وتنتزع حصصا متزايدة من سوقها في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وحتى في كندا وأمريكا نفسها.
يبدو لي أن سوريا ليست مؤهلة حاليا لقيام صناعة برمجيات حقيقية، وتعمل شركات البرمجيات السورية في بيئة غير صحية لا تسمح لها بالنمو والتطور، وهي مضطرة للتعاون مع بعضها لضغط نفقاتها والتعاون بدلا من التنافس على بعض فتات العقود التي تطرح في السوق سنويا ولا تكفي لتمويل استثمارات حقيقية لشركة واحدة فقط.
التعليقات
Re: أجوبتي لجورج كدر حول تحقيق صناعة البرمجيات في سوريا
Re: أجوبتي لجورج كدر حول تحقيق صناعة البرمجيات في سوريا
Re: أجوبتي لجورج كدر حول تحقيق صناعة البرمجيات في سوريا
إضافة تعليق جديد