بقلم فايز سارة
ربما كان الاهم مما ميز العام 2004 في الحياة العربية، تناقض المسار العام لحركة المجتمعات والدول العربية مع فتاوي بعض فقهاء المسلمين في الموقف من المرأة ومشاركتها في الحياة العامة بجوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
لقد تميز العام 2004 عربياً باهتمام خاص بقضايا المرأة. ففي أكثر من بلد عربي تجدد الاهتمام باتفاقية الغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، وعقدت على خلفيتها ندوات وحلقات بحث، تناولت الاتفاقية بابعادها المختلفة والموقف الرسمي العربي منها، ولاسيما التحفظات التي ابدتها الدول العربية على الاتفاقية حين توقيعها، وضرورة اعادة النظر بهذه التحفظات. وتجاوز الامر البحث في موضوع مساواة المرأة للبحث في حقوقها ومشاكلها، وقد عقدت في هذا الاطار ندوات وحلقات بحث في معظم العواصم العربية، وصدرت كتب وتقارير في المستويين القطري والعربي، تناولت اوضاع المرأة ومشكلاتها، وقد ذهب بعض تلك الاصدارات إلى ابعد من رصد الحالة إلى كيفية تجاوز مشكلات المرأة في البلدان العربية على نحو ماتضمن تقرير تقدم المرأة العربية الذي اصدره صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، وتناول المساواة في مجال النوع الاجتماعي، ثم الانجازات والتحديات التي تواجه المرأة، متوقفاً بصورة خاصة عن قضايا الامن والرعاية الاجتماعية، ثم الامن الاقتصادي والوضع السياسي.
وبطبيعة الحال، فان العناوين الرئيسة للموضوعات التي تهم المرأة، لم تكن هي الوحيدة التي جرى التداول والبحث فيها في المجالين القطري والعربي، بل جرى الاهتمام بموضوعات كثيرة تهم النساء سواء في واقع بلد او مجموعة بلدان، كما هو حال موضوع العنف ضد المرأة الذي هو موضوع عام، ومثله موضوعا النساء والمخدرات والنساء والايدز، لكن الابرز في الموضوعات القطرية التي تهم المرأة في العام 2004، كان موضوع المرأة في المملكة العربية السعودية، التي يمكن القول انه كان محور اهتمام واسع باعتبار ان قضايا المرأة جزء من موضوع الاصلاح في السعودية، وهو قبل ذلك أحد اهم الموضوعات التي تحتاج المعالجة لدوعي واسباب كثيرة، جعلته محور نشاط تشارك فيه المستوى الرسمي، والمثقفين السعوديين وبعض رجال الدين اضافة إلى النساء اللواتي دخلن بوابة المطالبة بحقوقهن بقوة لم تحدث في السابق.
وكان من نتائج الاهتمام السعودي بقضايا المرأة، ان شهد عام 2004، تطورات عكست تحسناً في مكانة المرأة في المجتمع، وتعزيزاً لدورها ومشاركتها، فكان افساح المجال لدخول النساء اعمالاً كانت مقتصرة على الرجال ومنها السلك الدبلوماسي والجامعي والركب الجوي، وجرى توسيع حضور السيدات في مجال الاعمال وفي النشاط الثقافي، وقد توج هذه التوجهات اقرار حق السعودية باعطاء جنسيتها لزوجها ولاولادها غير السعوديين، وهو احد حقوق السعوديات التي كانت مغيبة.
وكما هو واضح، فان مايحيط بالنشاط الخاص بالمرأة وقضاياها، يشير إلى مساع عامة، تعزز مساراً عربياً نحو تمكين المرأة، كان بين تجلياته توسيع مشاركة المرأة في ادارة الدولة في العديد من البلدان العربية ومنها دول الخليج، حيث احتلت نساء لاول مرة مناصب وزارية في عدد من الدول بينها عمان والامارات ولبنان، ولعل ذلك كان بين مشجعات، ان تتقدم نساء ليرشحن انفسهن لمنصب الرئاسة في أكثر من بلد عربي، وقد شهد العام 2004، حدثاً كهذا في الجزائر ومصر ولبنان وفلسطين، حيث اعلنت نساء رغبتهن في الوصول لرئاسة تلك البلدان عبر صندوق الانتخاب.
والتحرك من اجل حقوق النساء ومعالجة مشاكلهن في الواقع العربي، ترك اثره واضحاً في اوساط عدد من رجال الدين، فانقسموا بين مؤيد ومعارض ومتحفظ. فأيد بعضهم مساعي السوريات لتعديل القوانين التي تمسهن بضرر، فيما عارض بعضهم تعديل قانون الاسرة الذي طرحته الحكومة الجزائرية مؤخراً، واختلف رجال الدين السعوديين حول الخطوات الجارية لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة، وبلغ اختلاف رجال الدين مستوى اعلى في ردة فعل اثنين من ابرز رجال الدين هما مفتي مصر الدكتور علي جمعة والمفكر الاسلامي الدكتور يوسف القرضاوي الذين عارضا فتوى أصدرها شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي، واعتبر فيها إنه يجوز للمرأة أن تترشح لانتخابات الرئاسة.
والحق، فان هذا الاختلاف في احد وجوهه، يعيد قضية المرأة وحقوق المرأة إلى المربع الاول، اذا انه وباستثناء تعارضه مع فكرة المساواة بين الرجال والنساء المنصوص عليها في الدساتير العربية، فانه يتعارض مع المساعي المبذولة من اجل تمكين المرأة، وتعزيز دورها في التنمية، وهو جهد مشترك لقطاعات وفئات اجتماعية وسياسية ودينية ورسمية واسعة، صار لديها ادراك واسع وقناعة كبيرة، بانه لم يعد من الممكن استمرار التمييز ضد النساء، وخرق حقوقهن، والعمل بقوانين تلحق الضرر بانسانيتهن، وتكرس غياب مشاركتهن في الحياة العامة.
ربما كان الاهم مما ميز العام 2004 في الحياة العربية، تناقض المسار العام لحركة المجتمعات والدول العربية مع فتاوي بعض فقهاء المسلمين في الموقف من المرأة ومشاركتها في الحياة العامة بجوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
لقد تميز العام 2004 عربياً باهتمام خاص بقضايا المرأة. ففي أكثر من بلد عربي تجدد الاهتمام باتفاقية الغاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، وعقدت على خلفيتها ندوات وحلقات بحث، تناولت الاتفاقية بابعادها المختلفة والموقف الرسمي العربي منها، ولاسيما التحفظات التي ابدتها الدول العربية على الاتفاقية حين توقيعها، وضرورة اعادة النظر بهذه التحفظات. وتجاوز الامر البحث في موضوع مساواة المرأة للبحث في حقوقها ومشاكلها، وقد عقدت في هذا الاطار ندوات وحلقات بحث في معظم العواصم العربية، وصدرت كتب وتقارير في المستويين القطري والعربي، تناولت اوضاع المرأة ومشكلاتها، وقد ذهب بعض تلك الاصدارات إلى ابعد من رصد الحالة إلى كيفية تجاوز مشكلات المرأة في البلدان العربية على نحو ماتضمن تقرير تقدم المرأة العربية الذي اصدره صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، وتناول المساواة في مجال النوع الاجتماعي، ثم الانجازات والتحديات التي تواجه المرأة، متوقفاً بصورة خاصة عن قضايا الامن والرعاية الاجتماعية، ثم الامن الاقتصادي والوضع السياسي.
وبطبيعة الحال، فان العناوين الرئيسة للموضوعات التي تهم المرأة، لم تكن هي الوحيدة التي جرى التداول والبحث فيها في المجالين القطري والعربي، بل جرى الاهتمام بموضوعات كثيرة تهم النساء سواء في واقع بلد او مجموعة بلدان، كما هو حال موضوع العنف ضد المرأة الذي هو موضوع عام، ومثله موضوعا النساء والمخدرات والنساء والايدز، لكن الابرز في الموضوعات القطرية التي تهم المرأة في العام 2004، كان موضوع المرأة في المملكة العربية السعودية، التي يمكن القول انه كان محور اهتمام واسع باعتبار ان قضايا المرأة جزء من موضوع الاصلاح في السعودية، وهو قبل ذلك أحد اهم الموضوعات التي تحتاج المعالجة لدوعي واسباب كثيرة، جعلته محور نشاط تشارك فيه المستوى الرسمي، والمثقفين السعوديين وبعض رجال الدين اضافة إلى النساء اللواتي دخلن بوابة المطالبة بحقوقهن بقوة لم تحدث في السابق.
وكان من نتائج الاهتمام السعودي بقضايا المرأة، ان شهد عام 2004، تطورات عكست تحسناً في مكانة المرأة في المجتمع، وتعزيزاً لدورها ومشاركتها، فكان افساح المجال لدخول النساء اعمالاً كانت مقتصرة على الرجال ومنها السلك الدبلوماسي والجامعي والركب الجوي، وجرى توسيع حضور السيدات في مجال الاعمال وفي النشاط الثقافي، وقد توج هذه التوجهات اقرار حق السعودية باعطاء جنسيتها لزوجها ولاولادها غير السعوديين، وهو احد حقوق السعوديات التي كانت مغيبة.
والسعوديات لم يكن وحيدات في الحصول على حق منح الجنسية لرجالهن ولاطفالهن، اذ حصلت المصريات على هذا الحق في العام الفائت، فيما بدأت السوريات نشاطاً ملموساً في سبيل الحصول على هذا الحق في اطار مسعى عام لتعديل القوانين المضرة بالمرأة وحقوقها، ومنها قانون الجنسية وقانون الاحوال الشخصية وقانون العقوبات اضافة إلى قانون تنظيم الجمعيات الاهلية، وقد حاز نشاط السوريات في هذا المجال على دعم منظمات اهلية ومدنية واعضاء في مجلس الشعب السوري وهناك توافق رسمي مع بعض المطالب.
وكما هو واضح، فان مايحيط بالنشاط الخاص بالمرأة وقضاياها، يشير إلى مساع عامة، تعزز مساراً عربياً نحو تمكين المرأة، كان بين تجلياته توسيع مشاركة المرأة في ادارة الدولة في العديد من البلدان العربية ومنها دول الخليج، حيث احتلت نساء لاول مرة مناصب وزارية في عدد من الدول بينها عمان والامارات ولبنان، ولعل ذلك كان بين مشجعات، ان تتقدم نساء ليرشحن انفسهن لمنصب الرئاسة في أكثر من بلد عربي، وقد شهد العام 2004، حدثاً كهذا في الجزائر ومصر ولبنان وفلسطين، حيث اعلنت نساء رغبتهن في الوصول لرئاسة تلك البلدان عبر صندوق الانتخاب.
والتحرك من اجل حقوق النساء ومعالجة مشاكلهن في الواقع العربي، ترك اثره واضحاً في اوساط عدد من رجال الدين، فانقسموا بين مؤيد ومعارض ومتحفظ. فأيد بعضهم مساعي السوريات لتعديل القوانين التي تمسهن بضرر، فيما عارض بعضهم تعديل قانون الاسرة الذي طرحته الحكومة الجزائرية مؤخراً، واختلف رجال الدين السعوديين حول الخطوات الجارية لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة، وبلغ اختلاف رجال الدين مستوى اعلى في ردة فعل اثنين من ابرز رجال الدين هما مفتي مصر الدكتور علي جمعة والمفكر الاسلامي الدكتور يوسف القرضاوي الذين عارضا فتوى أصدرها شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي، واعتبر فيها إنه يجوز للمرأة أن تترشح لانتخابات الرئاسة.
والحق، فان هذا الاختلاف في احد وجوهه، يعيد قضية المرأة وحقوق المرأة إلى المربع الاول، اذا انه وباستثناء تعارضه مع فكرة المساواة بين الرجال والنساء المنصوص عليها في الدساتير العربية، فانه يتعارض مع المساعي المبذولة من اجل تمكين المرأة، وتعزيز دورها في التنمية، وهو جهد مشترك لقطاعات وفئات اجتماعية وسياسية ودينية ورسمية واسعة، صار لديها ادراك واسع وقناعة كبيرة، بانه لم يعد من الممكن استمرار التمييز ضد النساء، وخرق حقوقهن، والعمل بقوانين تلحق الضرر بانسانيتهن، وتكرس غياب مشاركتهن في الحياة العامة.
إضافة تعليق جديد