استخدمت مصطلح الاستحمار عدة مرات في سلسلة أساطير الربيع العربي، وأقصد به استخدام الأكاذيب الإعلامية في التأثير على معتقدات البشر، وتحميلهم نفس الأكاذيب لنشرها في مكان آخر.
الفكرة ليست جديدة والمصطلح ليس جديدا، فلهجتي العامية تحوي مصطلح "يستجحش" القريب من "الاستحمار"، وربما كان الفرق الأساسي بينهما هو الفرق بين الجحش والحمار، ففي لهجتي، الجحش حمار صغير، والحمار جحش كبير.
وعملية الاستحمار ليست جديدة أيضا، فاستخدامها مستمر منذ بدء التاريخ، وعمليات الاستحمار موجودة بكثرة في عصرنا، وهناك صناعة عالمية قائمة حولها تعتمد على عقود بقيمة عشرات الملايين من الدولارات لكل عملية. وقد اختبرت الاستحمار شخصيا عدة مرات، وكإنسان حر كنت أبذل جهدا نفسيا وعقليا وعاطفيا كبيرا للتخلص من الاستحمار ومقاومة آثاره علي وعلى من حولي.
ومن خبرتي ألاحظ أن عمليات الاستحمار تركز على إقناع الناس بوقائع مزيفة مما يدفعهم لتبني رد فعل محسوب مسبقا. وأغلب حملات الاستحمار التي لاحظتها تعتمد عاملين أساسيين في صياغة الوقائع المزيفة، عامل نفسي عاطفي وعامل عقلي. العامل النفسي يعتمد على استثارة العواطف عبر تقديم قصص مفبركة لهذا الغرض، مثل قصص الاعتداء على السكان الآمنين، أو قصص إطلاق النار على المتظاهرين السلميين، أو قصص الاعتداء على الشباب اليافعين أو اغتصاب البنات. أما العامل العقلي، فيعتمد على تحميل محاكمات خاطئة عقليا، ومستندة على أدلة مفبركة لغرض محدد، لصياغة القناعات الزائفة، مثل قصص روايات الشهود المفركين، وقصص اعترافات الجنود المفترضين بأنهم تلقوا أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين.
وخلال الربيع العربي تمت صياغة مئات الأساطير الإعلامية لتنفيذ عمليات استحمار جماعي على مستوى الشعوب، ويؤسفني القول أن أغلب العمليات شهدت نجاحا كبيرا في التأثير على الشعوب الغربية، وخصوصا في أمريكا وفرنسا وبريطانيا، وعلى بعض الشعوب العربية مثل مصر وتونس والخليج العربي، في حين نجحت شعوب عربية أخرى في مقاومة الاستحمار مثل شعوب اليمن وليبيا وسوريا، ولم تستطع الحملات السيطرة على شعوب أخرى بشكل كامل مثل الشعبين التركي والألماني.
لا أعرف كيف نجح اليمنيون والليبيون في مقاومة ربيع الاستحمار العربي، ولكني مطلع على العديد من الجهود التي بذلها شباب سوريا لمقاومة الحملات الشعواء التي استهدفت عقولهم ومشاعرهم. وعندما أنظر إلى المشهد السوري اليوم، أجد أن الربيع العربي نجح في استحمار نسبة قليلة من الشعب السوري، بينما بقيت الأغلبية محصنة ضده رغم الاستثمارات الهائلة التي بذلت للسيطرة على عقولهم ومشاعرهم. وأعتقد أن سبب نجاح السوريين في مقاومة الاستحمار يعود أساسا إلى رؤية بضعة شباب سوريين تبنوا مشروع مقاومة المؤامرة وبذلوا جهودا مضنية لخلق شبكات من الناشطين المتخصصين بمقاومة الاستحمار، ولعل صديقي عمار اسماعيل أشهرهم وأكثرهم تأثيرا في المجتمع السوري.
وبمراقبتي لوسائل الإعلام في هذه الفترة وجدت أن الرسائل الإعلامية التي تصمم بغرض الاستحمار تدعي الموضوعية والحياد والاستناد إلى المبادئ بشكل دائم، وتقدم نفسها على أنها حقيقة لا داعي للتدقيق فيها. في حين أن الرسائل الإعلامية المخصصة لمواجهة الاستحمار تدعي أنها آراء شخصية تقبل الخطأ والصواب، وتدعوا متلقيها إلى التفكير بنفسهم وتبني آرائهم الخاصة. وأعتقد أن هذه الفكرة تستطيع المساعدة في اختبار مصداقية ما نتعرض له حملات إعلامية، فمن يدعي أنه يمثل كل الآراء أو يقدم كل الحقيقة هو غالبا كاذب، وشعارات مثل "الرأي والرأي الآخر" أو "أن تعرف أكثر" هي شعارات استحمار فاضح، أما الشعار الذي أطلقته في سلسلة أساطير الربيع العربي "لا تصدقوا فورا، تأكدوا بأنفسكم"، أو مبادرة المصداقية الإعلامية لناشطي الإعلام الاجتماعي، فهي شعارات مصممة لتحصين متلقيها ضد حملات ربيع الاستحمار العربي.
في أعمالي الشخصية خلال العام الماضي كنت أقول بصراحة أن ما أقدمه من مواد إعلامية هي رأيي الشخصي الذي يحتمل الخطأ والصواب، وأنا أطرح رأيي للنقاش والمداولة. وقد وقعت باسمي على كل ما أنتجته من مواد إعلامية، بما في ذلك سلسلة أساطير الربيع العربي وسلسلة الأوتبوريون. وبهذه الطريقة أعتقد أنني أتعامل بشفافية ومصداقية مع قرائي، وأساعدهم على مواجهة ربيع الاستحمار العربي.
ولكي أستطيع تطوير ما أنتجه، فأنا بحاجة ماسة إلى الآراء المختلفة، وإلى النقد الموضوعي أو الذاتي، وأنا هنا أدعو كل من عانى من الاستحمار ويرغب بمناقشة تجربته إلى الاتصال معي عبر موقعي الشخصي أو صفحة فيسبوك، وأدعو كل ناشطي الإعلام الاجتماعي الحريصين على مصداقيتهم إلى تبني وتطوير مبادرة المصداقية الإعلامية لناشطي الإعلام الاجتماعي.
الأيهم صالح.
www.alayham.com
الفكرة ليست جديدة والمصطلح ليس جديدا، فلهجتي العامية تحوي مصطلح "يستجحش" القريب من "الاستحمار"، وربما كان الفرق الأساسي بينهما هو الفرق بين الجحش والحمار، ففي لهجتي، الجحش حمار صغير، والحمار جحش كبير.
وعملية الاستحمار ليست جديدة أيضا، فاستخدامها مستمر منذ بدء التاريخ، وعمليات الاستحمار موجودة بكثرة في عصرنا، وهناك صناعة عالمية قائمة حولها تعتمد على عقود بقيمة عشرات الملايين من الدولارات لكل عملية. وقد اختبرت الاستحمار شخصيا عدة مرات، وكإنسان حر كنت أبذل جهدا نفسيا وعقليا وعاطفيا كبيرا للتخلص من الاستحمار ومقاومة آثاره علي وعلى من حولي.
ومن خبرتي ألاحظ أن عمليات الاستحمار تركز على إقناع الناس بوقائع مزيفة مما يدفعهم لتبني رد فعل محسوب مسبقا. وأغلب حملات الاستحمار التي لاحظتها تعتمد عاملين أساسيين في صياغة الوقائع المزيفة، عامل نفسي عاطفي وعامل عقلي. العامل النفسي يعتمد على استثارة العواطف عبر تقديم قصص مفبركة لهذا الغرض، مثل قصص الاعتداء على السكان الآمنين، أو قصص إطلاق النار على المتظاهرين السلميين، أو قصص الاعتداء على الشباب اليافعين أو اغتصاب البنات. أما العامل العقلي، فيعتمد على تحميل محاكمات خاطئة عقليا، ومستندة على أدلة مفبركة لغرض محدد، لصياغة القناعات الزائفة، مثل قصص روايات الشهود المفركين، وقصص اعترافات الجنود المفترضين بأنهم تلقوا أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين.
وخلال الربيع العربي تمت صياغة مئات الأساطير الإعلامية لتنفيذ عمليات استحمار جماعي على مستوى الشعوب، ويؤسفني القول أن أغلب العمليات شهدت نجاحا كبيرا في التأثير على الشعوب الغربية، وخصوصا في أمريكا وفرنسا وبريطانيا، وعلى بعض الشعوب العربية مثل مصر وتونس والخليج العربي، في حين نجحت شعوب عربية أخرى في مقاومة الاستحمار مثل شعوب اليمن وليبيا وسوريا، ولم تستطع الحملات السيطرة على شعوب أخرى بشكل كامل مثل الشعبين التركي والألماني.
لا أعرف كيف نجح اليمنيون والليبيون في مقاومة ربيع الاستحمار العربي، ولكني مطلع على العديد من الجهود التي بذلها شباب سوريا لمقاومة الحملات الشعواء التي استهدفت عقولهم ومشاعرهم. وعندما أنظر إلى المشهد السوري اليوم، أجد أن الربيع العربي نجح في استحمار نسبة قليلة من الشعب السوري، بينما بقيت الأغلبية محصنة ضده رغم الاستثمارات الهائلة التي بذلت للسيطرة على عقولهم ومشاعرهم. وأعتقد أن سبب نجاح السوريين في مقاومة الاستحمار يعود أساسا إلى رؤية بضعة شباب سوريين تبنوا مشروع مقاومة المؤامرة وبذلوا جهودا مضنية لخلق شبكات من الناشطين المتخصصين بمقاومة الاستحمار، ولعل صديقي عمار اسماعيل أشهرهم وأكثرهم تأثيرا في المجتمع السوري.
وبمراقبتي لوسائل الإعلام في هذه الفترة وجدت أن الرسائل الإعلامية التي تصمم بغرض الاستحمار تدعي الموضوعية والحياد والاستناد إلى المبادئ بشكل دائم، وتقدم نفسها على أنها حقيقة لا داعي للتدقيق فيها. في حين أن الرسائل الإعلامية المخصصة لمواجهة الاستحمار تدعي أنها آراء شخصية تقبل الخطأ والصواب، وتدعوا متلقيها إلى التفكير بنفسهم وتبني آرائهم الخاصة. وأعتقد أن هذه الفكرة تستطيع المساعدة في اختبار مصداقية ما نتعرض له حملات إعلامية، فمن يدعي أنه يمثل كل الآراء أو يقدم كل الحقيقة هو غالبا كاذب، وشعارات مثل "الرأي والرأي الآخر" أو "أن تعرف أكثر" هي شعارات استحمار فاضح، أما الشعار الذي أطلقته في سلسلة أساطير الربيع العربي "لا تصدقوا فورا، تأكدوا بأنفسكم"، أو مبادرة المصداقية الإعلامية لناشطي الإعلام الاجتماعي، فهي شعارات مصممة لتحصين متلقيها ضد حملات ربيع الاستحمار العربي.
في أعمالي الشخصية خلال العام الماضي كنت أقول بصراحة أن ما أقدمه من مواد إعلامية هي رأيي الشخصي الذي يحتمل الخطأ والصواب، وأنا أطرح رأيي للنقاش والمداولة. وقد وقعت باسمي على كل ما أنتجته من مواد إعلامية، بما في ذلك سلسلة أساطير الربيع العربي وسلسلة الأوتبوريون. وبهذه الطريقة أعتقد أنني أتعامل بشفافية ومصداقية مع قرائي، وأساعدهم على مواجهة ربيع الاستحمار العربي.
ولكي أستطيع تطوير ما أنتجه، فأنا بحاجة ماسة إلى الآراء المختلفة، وإلى النقد الموضوعي أو الذاتي، وأنا هنا أدعو كل من عانى من الاستحمار ويرغب بمناقشة تجربته إلى الاتصال معي عبر موقعي الشخصي أو صفحة فيسبوك، وأدعو كل ناشطي الإعلام الاجتماعي الحريصين على مصداقيتهم إلى تبني وتطوير مبادرة المصداقية الإعلامية لناشطي الإعلام الاجتماعي.
الأيهم صالح.
www.alayham.com
التعليقات
الأيهم: هل جرّبت أن تختلف مع
السؤال الأول: نعم بكثرة.
إضافة تعليق جديد