الجذور اليهودية للحركات السرية الرأسمالية...الجزء الثاني
نتائج السبي البابلي:
لقد كان لتعرض الطائفة اليهودية للسبي البابلي الذي دام حوالي السبعين عاما، بالغ الأثر في الشخصية اليهودية على مستوى الفرد والمجتمع، لقد سببت هذه الكارثة إضافة إلى تكرار عمليات التهجير لاحقا، التي حلت بهم تغييرات كبيرة على سلوكهم وأفكارهم:
1. السرية والرمزية: لقد عاشوا في بابل في مجتمع معادي وثني مما جعلهم يعتادون ويتمرسون على ممارسة الطقوس سرا، كتم الأسرار بكافة أشكالها الدينية وغير الدينية، والتواصل بطرق سرية ورمزية لا ينتبه إليها الأغيار، طبعا الأحبار قاموا بتطوير ورعاية هذه الممارسات.
2. التماسك والتعاضد: لقد أجبروا على إعانة بعضهم ودعم بعضهم البعض، فإن لم يقوموا بذلك سوف يهلكون، لقد أصبح من الصعب جدا إقناعهم بالإندماج في الأماكن التي يستوطنون فيها، مهما كانت شعوب هذه المناطق طيبة ومضيافة، كما أنهم بدأوا يستشعرون أن هذه الصفة نقطة قوة رهيبة لهم.
3. الفكر الرأسمالي: لقد فقدوا أرضهم ، فلم يعد لهم ملكية يدافعون عنها وينموها إلا المال ، لقد أصبحوا أول حركة رأسمالية مبكرة في التاريخ، لقد بدأوا يراكمون خبراتهم في جمع المال وتنميته ، فبما أنهم لم يعودوا يملكون أرضا ، أصبح لزاما عليهم التسلح بالمال ، وأن يتجهزوا للنزوح من أماكن إقامتهم في أي لحظة، لقد طوروا علوم المحاسبة وإدارة الأموال لكنهم لم يشاركوها مع أحد، لقد مارسوا عمليات الإقراض بالفائدة (التي تقابل العمليات البنكية حاليا) والتجارة بالمعادن الثمينة (التي تقابل التجارة بالعملات حاليا) حيث كانت تمثل هذه العمليات المالية المورد الرئيسي لدخلهم، كما أنهم كانوا محترفين في البحث عن الأعمال التي تدر أرباح كبيرا بدءأ من أعمال النخاسة وتجارة الجواري إلى تجارة الحرب.
4. الخبرة في التجسس واستشعار الخطر: وجودهم في مناخ معادي بشكل دائم، جعلهم متمرسون في التجسس واستشعار الخطر، لقد طوروا أساليب تجسيسية تعتبر متقدمة في تلك العصور، كما أنهم لم يتوانوا عن استخدام المرأة اليهودية الحسناء كأداة سهلة وفعالة للنفاذ إلى قصور الحكام والمتنفذين.
5. الخبرة في اختراق الثقافات: لقد سبب شتاتهم خبرة كبيرة في ثقافات وعادات وأديان جميع الشعوب، مما جعلهم متمرسين في النفاذ إلى هذه الشعوب ومعرفة نقاط قوتها وضعفها.
6. المعرفة: لقد سببت هجرتهم من مكان إلى آخر اضطرارهم إلى تعلم عدة لغات، مما جعلهم قادرون على قراءة المنتجات الثقافية والفلسفية للشعوب وترجمة ما يفيدهم منها ونقلها إلى لغتهم الأم (العبرية) والتكسب عبر ترجمة الكتب إلى لغات أخرى، كما حدث مع هارون الرشيد حيث كان معظم المترجمين للكتب في عهده من اليهود.
7. التواصل الداخلي: تشتت اليهود عبر أصقاع الأرض أجبر الأحبار اليهود على تنمية مهاراتهم في التواصل والقدرة على نشر الأفكار ونقل الرسائل، فلقد انتشر أتباعهم في كافة أصقاع المعمورة، وكان لزاما عليهم تطوير طرق للتواصل معهم والمحافظة على ولائهم، كما أنهم ذوي خبرة في التعامل مع الآخرين وخطب ودهم، فهم يعرفونك وأنت لا تعرفهم، إنهم خبراء في دس السم في الدسم.
8. العلاقات العامة: لقد سببت هجرتهم وشتاتهم، خبرتهم ومعرفتهم بالمتنفذين من جميع الشعوب، لقد سبب ذلك في استخدامهم كسفراء لدى الدول وموظفي علاقات عامة (وفق التعبير الحديث).
9. تنمية النزاعات: لقد أدرك اليهود أن أفضل شيء يقومون به في الأماكن التي يستوطنون بها هو تنمية النزاعات بين السكان المحليين، حتى لا يتم التنبه لهم ولتوسعهم الرأسمالي، إضافة إلى أن النزاعات تستدعي الاقتراض لتأمين تكاليف الصراع، ولا حاجة إلى قول إن كل ما ذكر جعلهم دهاة في حياكة الدسائس.
10. الحقد والقساوة: لقد صور الأحبار اليهود معاناة أجدادهم بأفظع الصور، فهذا ضروري للحفاظ على تماسك الطائفة وإلزام أفرادها بالطاعة، لقد شرب الأطفال اليهود الشعور بالمعاناة والاضطهاد والحقد على الآخر من صدور أمهاتهم، بالنتيجة لقد كان وما يزال حقدهم وقساوتهم سببا في دمار العديد من الشعوب، لقد أذاقوا الكأس التي شربوها للآخرين.
11. الأمن مقابل الولاء: لقد تولى حكماء اليهود مسؤولية تحقيق الأمن والحماية لرعاياهم، من خلال تقديم خبراتهم المذكورة آنفا، وذلك في مقابل الولاء الكامل للأتباع.
12. الانغلاق والانعزالية: لقد سببت تجربة اليهود في انغلاقهم وعدم رغبتهم في نشر أفكارهم للآخرين، ولكن يوجد محاولات لنشر هذا الفكر وإعادة استيطان الأرض، لكنها بائت بالفشل، والتي سأذكرها لاحقا.
13. الهرمية والتراتبية الإدارية: هذا البند الثالث عشر يعني أنهم قد طوروا هرمية إدارية عبارة عن درجات، حيث أن كل درجة لها مسؤولياتها وامتيازاتها، وهامش من المعرفة كافية لممارسة نشاطاتها ودورها، فمعارفهم السرية والثمينة لم تكن متاحة للعامة من أتباعهم، كما أنها كانت تكتب بشكل رمزي حتى لا يدركها القراء المتطفلون.
بالنتيجة فإن ظروف السبي والتهجير المتكرر التي تعرضوا لها لم تعلمهم إلا الحقد والشر، إنها لم تزيدهم حكمة، مثل التلميذ المغرور، الذي كلما بالغ استاذه في تأديبه، ازداد غرورا...
يتبع...
معلومات إضافية
المنتديات
إضافة تعليق جديد