النوارنيون..
الفلسفة..الجزء الأول
أدرك مؤسسي النوارنية أن سلاحهم السري هو المعرفة , فقد تم تسمية الحركة بالنورانية , أي أصحاب النور الذي هو المعرفة, وهم محقين في ذلك فالسيطرة على العالم بحاجة لكم هائل من المعرفة إضافة إلى "رأس المال".
أسس آدم فايسهاوبت النورانية في 1 آيار عام 1776 , الذي كان عضوا في مجتمع يسوع The Society of Jesus (التي كانت تمارس النشاط التبشيري عبر العالم وتمتاز بالهرمية الإدارية والصرامة), وأول استاذ علماني للقانون الكنسي في جامعة إنجولشتادت ,أي أنه كان خبير بالدين المسيحي وذو علاقات واسعة مع المبشرين المسيحين عبر العالم ومراكز نفوذ الفكر المسيحي.
هذا من جهة ومن جهة أخرى كان له علاقات وطيدة مع الماسونيين. بالنتيجة استفاد من كل من "مجتمع يسوع" و"الماسونية" في بناء هيكلية الحركة حيث أن بنيتها الإدارية تشابه البنية الإدارية لكل من الحركتين المذكورتين من حيث البنية الهرمية والتدرج في العضوية والمحافل والطقوس والرمزيات والالتزام, كما تم دعوة العديد من منتسبي الماسونية للحركة الجديدة. وضع آدم المبادئ النورانية بما يتوائم مع رغبات المثقفين من جهة وأطماع الرأسمالية الناشئة التي تطمح إلى إلغاء جميع العقبات التي تمنعها من الاستنزاف الكامل لموارد الأرض والسيطرة على العالم , وهي باختصار:
• إضعاف ومن ثم إلغاء سلطة الدولة.
•إضعاف منافسه التقليدي, الدين (الكنيسة الكاثوليكية في ذلك الوقت) من خلال استمالة البشر وذلك من عبر محاربة الخرافة والدجل, و المنقول الديني مليئ بنقاط الضعف.
• تعزيز ودعم الحرية الفردية لأنها كفيلة بإضعاف سلطة الدولة.
• تحرير المرأة , على الرغم من أنه شعار جذاب لكنه يهدف إلى استثمار موارد بشرية غير مستثمرة بعد.
لنكون واقعيين ما قدمته النورانية هو الاتجاه الطبيعي لتطور الرأسمالية , مع الانتقال التدريجي للثروة من الدول والحكومات والكنيسة إلى طبقة الرأسماليين , من الطبيعي أن يحصل ضعف في سلطة الدولة , وسلطة الدين أيضا , ومن الطبيعي أن تزداد الحرية الفردية بتشجيع من طبقة الرأسماليين حيث أن التعامل مع الأفراد أسهل بكثير من التعامل مع الدول والحكومات, كل ما قدمته النوارنية هي القدرة على استكشاف المستقبل والتنبؤ به , ومحاولة الاستفادة من التغيير واستثماره لصالحها والتأثير عليه.
انتسب للحركة الجديدة المدعومة برأس المال العديد من المثقفين وأساتذة الجامعات , وقد استفاد آدم فايسهاوبت من المناخ العام للمفكرين في أوربا الذي بدؤوا يشعرون بالتململ من توسع سلطة الدولة على حساب الحرية الشخصية , إضافة إلى شعورهم بأنهم مهمشين ورغبتهم بأن يكون لهم دور أكبر في هذا العالم , وقد ازداد عدد أعضاء التنظيم ليصل إلى 2000 منتسب من علية القوم خلال عشر سنوات.
لكن كل ما ذكر من أفكار للنوارنية لا يكفي,هناك عامل أساسي ساهم في نجاحها واستمرارها وتجددها على الرغم من النكبات والسقطات التي تعرضت لها..يتبع
إضافة تعليق جديد