هل بدأتم بملاحظة الجرب الأبيض حولكم؟ لا يكفي الامتناع عن المشاركة في الحملة لإفشالها، بل لا بد من التصدي لها والحوار مع كل من ينضم إليها.
سيكون من الصعب التمييز بين الأتبوريين والكومبارس الثوري الذي يستحمرونه، حتى بالنقاش. لكل شخص قصته، وأنا أتمنى أن تتعاملوا مع المصابين بالجرب الأبيض كمرضى بحاجة لعلاج، وليس كأعداء يخفون سواد قلوبهم باللباس الأبيض.
حدثني رومل عبد النور عن معاناته كفلسطيني رفض الجواز الإسرائيلي، وعن معاناة المخيمات الفلسطينية في أراضي السلطة، ثم انتقلنا للحديث عن موقف مختلف الاتجاهات الفلسطينية من سوريا، وأضحكني عدة مرات على تناقضات بعض السياسيين الفلسطينيين وانتهازيتهم.
يعتبر رومل نفسه سوريا من القدس، ويعتنق القومية على منهج الحكيم جورج حبش، وقد بصم مع أولاده على العلم السوري في الجولان، وحدثني عن انطباعاته عن زياراته للجولان، وعن نشاط الإعلامي السوري الرائع عطا فرحات.
خلال اليومين الماضيين ناقشت أحد قادة الحملة ضد وزير العدل، واتضح لي تناقض كبير في الروايات عن الحادث الذي يستهدفون الوزير على أساسه. فهذا الناشط يزعم أن الحادث حصل يوم 23 شباط الماضي، وهو لا يفسر تأخر بداية الحملة إلى 4 آذار. أيضا يقول أنه كان في إجازة يوم الحادث، ولكنه يقول في مكان آخر أنه ساهم في إسعاف الضحايا، ويؤكد أن هناك شهودا على الحادث، ولكنه لا يفسر لماذا لا يقدم هؤلاء الشهود شهادتهم لدى الشرطة العسكرية.
أعلنت وزارة الداخلية في البحرين اليوم أن تفجيرا إرهابيا أودى بحياة ثلاثة رجال شرطة، وأن تفجيرين آخرين لم يسببا أضرارا فيما فكك رجال الشرطة عبوة ناسفة رابعة، وقد أدانت جمعية الوفاق البحرينية المعارضة التفجير الإرهابي، ثم أعلنت أن ميليشيات مدنية اعتدت على مقرها وخربته.
استطاعت حملة خالد سعيد استحمار الآلاف من المصريين لأن من شاهدوهم في مرحلة الحشد لم يتصدوا لهم. كانت الحملة تطلب من الكومبارس المستحمر ارتداء اللون أسود والوقوف في الشارع بعيدا بضع خطوات عن شخص يلبس نفس اللباس وعلى نفس النسق. شاهد المصريون الكومبارس الأتبوري يقف في الشوارع في كل المدن ولم يتصدوا لهم، والأمن المصري لم يكن يستطيع فعل شيء لهم لأنهم لا يخرقون القانون. وهكذا حشدت الحملة آلافا من المصريين المستعدين لتلقي الأوامر من صفحة خالد سعيد.
تقوم استراتيجية الفوضى الخلاقة على مسلمة أساسية أن الفوضى تخلق فرصا يستطيع الأقوياء الاستفادة منها، ويعتمد التكتيك الأساسي للفوضى الخلاقة على إضعاف القوى القوية في المجتمعات المستهدفة عبر تغذية قوى فوضوية ضعيفة ومتناحرة.
لا تجوز مقارنة التفاح مع السيارات، ولا تجوز مقارنة الغواصات مع الأطفال، ولا تجوز مقارنة الأبطال مع الإرهابيين. مقارنة الإرهابي مع بطل تسيئ جدا للبطل، وترفع مستوى الإرهابي بشكل كبير. إن أقصى ما يطمح له الإرهابي إعلاميا هو أن يقارن الناس بينه وبين الأبطال في السلوك والأفعال.
تقوم دعاية الأوتبوريين لنشاطاتهم على فكرة أن من يقومون بالنشاطات هم أناس عاديون لهم مطالب مشروعة، ولكن يندس بينهم مخربون ويخربون النشاطات لسبب ما.
تاريخيا ترافقت حركات الأتبوريين مع انتخابات محلية في الدول التي تستهدفها الفوضى الخلاقة. مثلا:
اكتشفت على الإنترنت دعوة لنشاط أتبوري يوم السبت 15 شباط في طرطوس. يدعو النشاط إلى انسحاب الجيش من سجن حلب تحت شعار "عودة المحاصرين" وإلى التدخل الخارجي تحت شعار "الاحتجاج على التقصير الداخلي والخارجي" ويستهدف هذا النشاط أهالي الجنود السوريين العاملين في حلب وغيرها.
حسب تقرير لقناة ABC نيوز الأمريكية نشر في 9 أيار 2007، أفاز منظمة ممولة من جورج سوروس، الملياردير الصهيوني الناشط في تمويل الثورات الملونة والربيع العربي. تقدم أفاز "منحا" للناشطين ولمنظمات أخرى على شكل تمويل أو تجهيزات، وتقدم عبر موقعها خدمة إنشاء العرائض الالكترونية. ومن بين من مولتهم أفاز في سوريا الناشط الملقب بداني الصهيوني الذي سجل فيلم شكر لأفاز على مساعدتها له.
عندما نتحدى الإشاعات، يأتي الجواب عادة "كل الناس يقولون هذا" أو "اسأل من تريد". هذا النوع من الأجوبة يعني بشكل مبطن "لا يوجد دليل، وجدنا الناس يقولون هذا ونحن نقول معهم".
انتشار الإشاعة ليس دليلا على حقيقتها، فالإشاعة تبقى إشاعة والحقيقة ستظهر حتما. المشكلة هنا هي أن من ينشرون الإشاعة يستحمرون الآخرين لتصديق أن انتشار الإشاعة هو أهم دليل على صحتها، وهذا بحد ذاته كذبة جديدة.
كل دعوة تنتشر في المجتمع تحقق إحدى المواصفات التالية على الأقل هي بالضرورة دعوة أتبورية المنشأ والهدف.
تنتشر بشكل متزايد بروباغاندا للإرهابيين على شكل عظام إعلامية تستخدم تقنيات الصحافة الصفراء لتقول أن الرهائن الذين حررتهم الدولة من حمص القديمة هم من الإرهابيين.
لا يوجد أي دليل على هذا الادعاء إلا البروباغاندا الصفراء التي أنتجها الإرهابيون نفسهم، والتي تخدم تحويل موقفنا من العداء للإرهابيين إلى العداء للضحايا بعد وصمهم بالإرهاب أو التعاون مع الإرهاب، خاصة بعد أن بذلت الدولة السورية جهودا مضنية لتخليص الضحايا من قبضة الإرهابيين.