يحتاج المرء لكثير من الشجاعة، وبعض التهور، ليقف موقف وليد جنبلاط الحالي، فهو يعرف بالتأكيد أن من ضرب مروان حمادة يضرب الأكبر منه، ومن ضرب الحريري يضرب الأصغر منه، وهو بالتأكيد يعرف أنه لا توجد حماية حقيقية لحياته، فمن يستهدفه يستطيع أن يطاله حتى داخل قصره.
وعندما يعادي وليد جنبلاط الحكومة السورية، فهو يعرف تماما أي عدو يتخذ، ومن يفعل بشعبه كما تفعل الحكومة السورية بالشعب السوري يستطيع ببساطة فعل المزيد بأي لبناني.
من الغريب أن هذا الرجل لا يبدو خائفا على نفسه، وكأنه يخطط مستقبله بنفس طريقة والده، دون أن يرى مصير والده أمام عينيه.
ولكن من الأغرب أن من ينتقدون وليد جنبلاط من السوريين، يتبنون مواقف شبيهة بموقفه فيما يخص سورية، وبنفس الدافع المعلن.
وليد جنبلاط يرى نفسه لبنانيا ويرى لبنان محتلا من قبل الجيش والمخابرات السوريين، ويعرف تماما ماذا يمكن أن تفعل سلطة مثل السلطة السورية باللبنانيين والسوريين معا، ولذلك فهو يطالب بالاستقلال عن سورية.
ومهما حاولنا أن نشرح للسيد جنبلاط أن من الخطأ، ومن الخطر، على كل من لبنان وسورية، أن تقوم فتنة بين اللبنانيين والسوريين، إلا أنه لا يصغي، ولا يهتم، نقول له أن عشرات الألوف من العمال السوريين يبنون لبنان ويخفضون تكاليف الإنتاج وأسعار الخدمات فيه، فيجعلون معيشة اللبنانيين أسهل، ويساعدون في حل أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة في بلده، وأن اللبنانيين سيخسون القوة العاملة السورية عندما تقوم الفتنة، ولكن السيد جنبلاط لا يهتم أبدا، وهو مستعد للتضحية برخاء بل وبحياة بعض اللبنانيين من أجل إخراج الوجود السوري من لبنان.
نقول للسيد جنبلاط أن رأس المال السوري المطرود من بلده بقوانين جائرة يجعل لبنان من أغنى الدول العربية بالرساميل، وأن الخلاف مع سورية سيدفع السوريين لنقل أموالهم إلى الأردن، لأن حكومتهم مازالت مصرة على طرد رؤوس الأموال من سورية. ولكن السيد جنبلاط لا يهتم، ويبدو مستعدا لخسارة كل رؤوس الأموال السورية الموجودة في لبنان مقابل طرد كل عنصر مخابرات سوري من الأرض اللبنانية.
نقول له أن لبنان أقوى عندما يتحد مع سورية، وسورية أقوى عندما تتحد مع لبنان، فيفضل أن يكون لبنان أضعف دولة في المنطقة على أن يكون قويا مع سورية.
مواقف السيد جنبلاط تذكر تماما بمواقف القائد العربي العظيم صدام حسين، فهي نموذج حي لمواقف الوطنيين التقليديين، أي بقايا أصحاب الإيديولوجيات القومية التي تحولت إلى قطرية تحت الأمر الواقع، فهم يضعون استقلال الوطن وسيادته فوق كل اعتبار، وهم أيضا مستعدون للتضحية بكل نقطة دم من مواطنيهم من أجل استقلال الوطن وسيادته، وهم مستعدون للتحالف مع أي كان من أجل تحقيق الاستقلال.
أتمنى أن ينظر الوطنيون السوريون، من العرب والأكراد وغيرهم، الذين يهاجمون وليد جنبلاط حاليا، إلى غريمهم نظرة موضوعية، فالأمور المشتركة بينهم كثيرة، وأولها الإيديولوجيا الوطنية التي تعتبر من المسلمات غير الخاضعة للنقاش، وثانيها الاستعداد لتقديم كل أنواع التضحيات من أجل فكرة الاستقلال والسيادة، وثالثها التعامي عن كل الأخطار التي تسببها سياسات الإيديولوجيات البائدة، بدءا من كسب عداوات الشعوب الأخرى بدل صداقتها، ووصولا إلى خطر تدمير البنى التحتية وسحق الجيش الوطني في حرب غير متكافئة.
أما الأمور غير المشتركة، فهي أن وليد جنبلاط سياسي محنك يستند إلى قاعدة شعبية، أما الوطنيون السوريون، فآخر عهدهم بممارسة السياسة (وليس مراقبتها) يعود إلى أوائل الستينات من القرن الماضي، وأغلب الوطنيين السوريين لا يستندون إلى أية قاعدة شعبية، يعني يمكن أن يشحط أي منهم في غمضة عين ولن تجد من يسأل عنه إلا أسرته وبعض أصدقائه.
شاهدنا ما فعلته الوطنية المزعومة بالوطن العراقي، ويمكن أن نستقرئ ما ستفعله نفس الوطنية بالوطن اللبناني والوطن السوري، وللأسف، وبكل ألم، ما يبدو في الأفق ليس شعاع أمل، بل ضوء لحاملة طائرات.
الأيهم صالح
www.alayham.com
اللاذقية _ سورية
وعندما يعادي وليد جنبلاط الحكومة السورية، فهو يعرف تماما أي عدو يتخذ، ومن يفعل بشعبه كما تفعل الحكومة السورية بالشعب السوري يستطيع ببساطة فعل المزيد بأي لبناني.
من الغريب أن هذا الرجل لا يبدو خائفا على نفسه، وكأنه يخطط مستقبله بنفس طريقة والده، دون أن يرى مصير والده أمام عينيه.
ولكن من الأغرب أن من ينتقدون وليد جنبلاط من السوريين، يتبنون مواقف شبيهة بموقفه فيما يخص سورية، وبنفس الدافع المعلن.
وليد جنبلاط يرى نفسه لبنانيا ويرى لبنان محتلا من قبل الجيش والمخابرات السوريين، ويعرف تماما ماذا يمكن أن تفعل سلطة مثل السلطة السورية باللبنانيين والسوريين معا، ولذلك فهو يطالب بالاستقلال عن سورية.
ومهما حاولنا أن نشرح للسيد جنبلاط أن من الخطأ، ومن الخطر، على كل من لبنان وسورية، أن تقوم فتنة بين اللبنانيين والسوريين، إلا أنه لا يصغي، ولا يهتم، نقول له أن عشرات الألوف من العمال السوريين يبنون لبنان ويخفضون تكاليف الإنتاج وأسعار الخدمات فيه، فيجعلون معيشة اللبنانيين أسهل، ويساعدون في حل أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة في بلده، وأن اللبنانيين سيخسون القوة العاملة السورية عندما تقوم الفتنة، ولكن السيد جنبلاط لا يهتم أبدا، وهو مستعد للتضحية برخاء بل وبحياة بعض اللبنانيين من أجل إخراج الوجود السوري من لبنان.
نقول للسيد جنبلاط أن رأس المال السوري المطرود من بلده بقوانين جائرة يجعل لبنان من أغنى الدول العربية بالرساميل، وأن الخلاف مع سورية سيدفع السوريين لنقل أموالهم إلى الأردن، لأن حكومتهم مازالت مصرة على طرد رؤوس الأموال من سورية. ولكن السيد جنبلاط لا يهتم، ويبدو مستعدا لخسارة كل رؤوس الأموال السورية الموجودة في لبنان مقابل طرد كل عنصر مخابرات سوري من الأرض اللبنانية.
نقول للسيد جنبلاط أن سورية قدمت دعما هائلا للبنان خلال محنه الماضية، والتي من الواضح أنها مستمرة، أو أنها لم تنته على أقل تقدير، وأن تخريب علاقات لبنان وسوريا قد يجعل محطات الكهرباء اللبنانية أهدافا تدريبية للطائرات الإسرائيلية، فلا يكترث، ولماذا يكترث، فهو يدافع عن قضية عادلة برأيه هي قضية استقلاله الوطني.
نقول له أن لبنان أقوى عندما يتحد مع سورية، وسورية أقوى عندما تتحد مع لبنان، فيفضل أن يكون لبنان أضعف دولة في المنطقة على أن يكون قويا مع سورية.
مواقف السيد جنبلاط تذكر تماما بمواقف القائد العربي العظيم صدام حسين، فهي نموذج حي لمواقف الوطنيين التقليديين، أي بقايا أصحاب الإيديولوجيات القومية التي تحولت إلى قطرية تحت الأمر الواقع، فهم يضعون استقلال الوطن وسيادته فوق كل اعتبار، وهم أيضا مستعدون للتضحية بكل نقطة دم من مواطنيهم من أجل استقلال الوطن وسيادته، وهم مستعدون للتحالف مع أي كان من أجل تحقيق الاستقلال.
أتمنى أن ينظر الوطنيون السوريون، من العرب والأكراد وغيرهم، الذين يهاجمون وليد جنبلاط حاليا، إلى غريمهم نظرة موضوعية، فالأمور المشتركة بينهم كثيرة، وأولها الإيديولوجيا الوطنية التي تعتبر من المسلمات غير الخاضعة للنقاش، وثانيها الاستعداد لتقديم كل أنواع التضحيات من أجل فكرة الاستقلال والسيادة، وثالثها التعامي عن كل الأخطار التي تسببها سياسات الإيديولوجيات البائدة، بدءا من كسب عداوات الشعوب الأخرى بدل صداقتها، ووصولا إلى خطر تدمير البنى التحتية وسحق الجيش الوطني في حرب غير متكافئة.
أما الأمور غير المشتركة، فهي أن وليد جنبلاط سياسي محنك يستند إلى قاعدة شعبية، أما الوطنيون السوريون، فآخر عهدهم بممارسة السياسة (وليس مراقبتها) يعود إلى أوائل الستينات من القرن الماضي، وأغلب الوطنيين السوريين لا يستندون إلى أية قاعدة شعبية، يعني يمكن أن يشحط أي منهم في غمضة عين ولن تجد من يسأل عنه إلا أسرته وبعض أصدقائه.
شاهدنا ما فعلته الوطنية المزعومة بالوطن العراقي، ويمكن أن نستقرئ ما ستفعله نفس الوطنية بالوطن اللبناني والوطن السوري، وللأسف، وبكل ألم، ما يبدو في الأفق ليس شعاع أمل، بل ضوء لحاملة طائرات.
الأيهم صالح
www.alayham.com
اللاذقية _ سورية
التعليقات
Re: وليد جنبلاط،، آخر الرجال الوطنيين
Re: وليد جنبلاط،، آخر الرجال الوطنيين
Re: وليد جنبلاط،، آخر الرجال الوطنيين
Re: الدب القطبي يمدد
Re: وليد جنبلاط،، آخر الرجال الوطنيين
Re: وليد جنبلاط،، آخر الرجال الوطنيين
إضافة تعليق جديد