يعتمد مبدأ التجنيد الأساسي للثورات الأوتبورية على فكرة أساسية عبر عنها بوبوفيتش ببساطة "Revolution Is Fun" أي أن الثورة نشاط ممتع. ولذلك تدور كل تكتيكات الأوتبوريين على اجتذاب أشخاص لا يمانعون في خرق القانون للحصول على المتعة أو على المزيد من المتعة، ثم المحافظة على جو المتعة في كل مراحل الثورة، من التخطيط إلى أقذر مراحل التنفيذ.
وعندما يجرب أحد فرقهم خرق القانون لأول مرة، ثم يعود بعد تنفيذ العملية، فهم يحتفلون به ويخبرون العالم عن نجاحه عبر كل وسائل إعلامهم، فيحقق بذلك من يخرق القانون متعة مضاعفة نتيجة خرق القانون، ونتيجة الاحتفال بنجاحه في خرق القانون. وتتضاعف المتعة أيضا إذا كان جبانا بالأصل ووجد نفسه قد فعلا ما لم يكن يجرؤ على فعله سابقا. في المراحل التالية يصبح خرق القانون أمرا عاديا، ولذلك يبحث الأتبوريون عن طرق أخرى لخرق القانون بشكل أكبر للحصول على متعة أكبر ومكافأة معنوية أكبر. هذه الحالة تشبه حالة اللصوص الهواة الذين لا يصدقون أنفسهم عندما يسرقون أول سيارة أو بيت، ثم تتطور عندهم الرغبة بالسرقة، فيسرقون سيارات أثمن وبيوتا لأناس مشهورين.
وكما قد تتطور الرغبة بالسرقة لتصبح إدمانا، فإن قيادات الأتبوريين تعمل على تعزيز الرغبة في خرق القانون لتصبح إدمانا، ويعبر بوبوفيتش عن أحد تكتيكات تعزيز هذا الإدمان بقوله "إذا لم تعتقل بما فيه الكفاية، لن تجد من يقبل بممارسة الجنس معك"، وبالنتيجة يزداد الأوتبوري تورطا في المؤامرة، ويصبح من الأصعب عليه أن ينسحب منها، فيربط كل وجوده وحياته بنجاح المؤامرة على بلده، دون أن يدرك أنه كان في الأساس ضحية فأصبح مجرما.
من هذا المنظور يمكننا أن نفهم احتفالات الأتبوريين بأن بعضهم رفعوا علم الانتداب الفرنسي في مكان ما من دمشق، أو أن إحداهم سكبت على نفسها سطل دهان أحمر وحملت لافتة في وسط الشارع أمام البرلمان، أو أن الإرهابي الذي أرسلوه قد فجر نفسه وقتل العشرات من السوريين، فهي كلها نشاطات تستهدف المتعة الشخصية أو المزيد من المتعة الشخصية رغم كل التبريرات التي يقدمونها.
العملية الأولى هي التحدي الأكبر بدون شك، وفيها قد يلجأ الأوتبوريون للمساعدة الخارجية. في أوروبا اعتمدوا على الكحول ليسكروا جماعتهم ويدفعوهم لخرق القانون، وفي سوريا انتشر في أوساط المتعلمين منهم شراب منشط تدخل الفودكا في تركيبه، ويعرف بتسبيب نشوة مختلطة بالسكر لمن يتعاطاه. هذا النوع من المشروبات لا يسبب الإدمان، ويقدم الدعم النفسي الكافي للأتبوريين في التجارب الأولى لعمليات خرق القانون.
وعندما يحتاج الأمر لارتكاب فظائع مثل التي شاهدناها في سوريا، يلجأ الأتبوريون لعقاقير أقوى. في سوريا استخدم الأوتبوريون المنشطات والحبوب المخدرة بحسب شهادات المعتقلين من الأتبوريين عن تعاطي حبة أو حبتين قبل العملية، وقد تمت مصادرة كميات كبيرة من هذه العقاقير في بدايات الأزمة. هذه العقاقير تفقد الإنسان القدرة على التفكير السليم، فيصبح قادرا على القتل وتقطيع الجثث أورميها من فوق نهر العاصي مثلا. ولأن لهذه العقاقير مضار كثيرة منها الإدمان، يحصر استخدامها في العمليات الأولى قبل أن يكتسب الأوتبوري القدرة على القتل ببساطة.
مواجهة سياسة التجنيد لدى الأتبوريين يجب أن تعتمد على أمرين اثنين، الأول هو إقناع كوادر الأتبوريين أن خرق القانون عمل مؤذ لهم شخصيا وليس ممتعا، ولا يتحقق هذا إلا بتطبيق القانون بصرامة، بحيث يدرك من يخرق القانون أن صحيفته العدلية ستحوي حكما قضائيا، وأنه سيدخل السجن مع المجرمين وليس مع سجناء الرأي، وسيضطر لدفع غرامة مالية، مما يجعله يفكر مليا (عندما يكون صاحيا) في ما فعله سابقا وما يطلبون منه أن يفعله. هذا ما حصل في بيلاروسيا التي تخلصت من المؤامرة الأتبورية بنجاح، وما ساعد فنزويلا وإيران بشكل كبير على تجاوز هذه المؤامرة التي استهدفتهما. الأمر الثاني هو توجيه طاقات الشباب باتجاهات إيجابية، فبدلا من خرق القانون يمكن أن يجد متعة أكبر في تطبيق القانون بشكل حضاري، أو في الانتماء الوطني والنشاطات المرتبطة بالدفاع عن الوطن. في سوريا نجحنا توجيه طاقات أغلبية شبابنا باتجاه إيجابي، فأصبح من الصعب على الأوتبوريين تجنيد كوادر جديدة، ولذلك فهم يستوردون الإرهابيين من كل مكان هذه الأيام، ولكننا فشلنا فشلا ذريعا في تطبيق القانون بصرامة، ومازال الكثيرون ممن خرقوا القانون حتى باستخدام السلاح طلقاء، ويحتفلون بإنجازاتهم في خرق القانون مثل داني الكذاب.
كنت وما زلت أؤكد أن تطبيق القانون بصرامة أمر ضروري جدا لمواجهة المؤامرة التي نتعرض لها، ولا بد منه إذا أردنا الخلاص من الإرهاب الأتبوري بأسرع وقت.
إضافة تعليق جديد