أتذكر هذه الأيام النقاشات التي اعتدت أن أخوضها سابقا مع بعض الأكراد السوريين. في تلك النقاشات كنت أحلل عقدة الاضطهاد الذي يعتقد من ناقشوني أن الأكراد معرضون له في سوريا، وأثبت لهم أن ما يتعرض له الأكراد هو ما يتعرض له أي سوري، بغض النظر عن انتمائه العرقي أو الديني أو الطائفي، وأن مطالبهم مشتركة مع العديد من فئات المجتمع في سوريا. ثم أنتقل إلى إثبات أن فكرة "الكردي مضطهد من العربي" هي فكرة عنصرية فالاضطهاد إن وجد لا يطبق بشكل عرقي، ولا أحد يضطهد أحدا على أساس العرق في سوريا، باستثناء الخونجة الذين يضطهدون كل من ليس خونجيا على أساس العقيدة، ولذلك فقد رد عليهم المجتمع السوري بالمثل.
خطاب جماعة Black Lives Matter هو نفس خطاب الأكراد السوريين، مع تبديل بعض المصطلحات. وهو عمليا نفس خطاب اليهود حول اضطهادهم، مع تبديل بعض المصطلحات. هذا الخطاب هو مجرد بروباغاندا فارغة لا تستند إلى أي أساس واقعي أو منطقي، وأي نقاش مستند إلى العقل يستطيع تفكيكه، فإساءة استخدام السلطة من قبل الحكومات لا تستهدف عرقا معينا، بل تستهدف كل المجتمعات في كل الدول. وفكرة الاضطهاد الذي يعاني منه السود على يد البيض في أي مكان في العالم هي فكرة عنصرية لا تدعمها الوقائع ولا تصمد أمام أي نقاش منطقي، وشعارهم يعني ضمنيا أن بعض الأرواح لها قيمة والبعض الآخر ليس لها قيمة، في حين أن الشعار غير العنصري All Lives Matter يزيل العنصرية من شعارهم ويؤدي نفس الغرض المزعوم، لكنه لا يخدم الهدف العنصري لجماعة Black Lives Matter ولا يأخذ الهباء إلى مصائره.
من مولوا صناعة عقدة اضطهاد الكردي هم نفسهم من يمولون جماعة Black Lives Matter. هؤلاء لا يدفعون نقودهم دفاعا عن الكردي ولا عن الزنجي، هؤلاء يعملون ضمن مخططات طويلة الأمد، ومشروعهم المعلن هو الفوضى الخلاقة في كل مكان. يريدون ضرب الأبيض بالأسود وضرب الكردي بالعربي وضرب الكاثوليك بالبروتستانت. استراتيجيتهم هي فرق تسد، وهم يطبقونها منذ عشرات السنوات. عندما يصوغ هؤلاء خطة للدفاع عن الشعب السوري، فهذا يعين أنهم يريدون قتل المزيد من الشعب السوري. عندما يزعم هؤلاء أنهم يدافعون عن أي فئة من مجتمعاتهم، خصوصا في أمريكا وأوروبا، فهم في الحقيقة يريدون استعباد أو استنزاف ثروات تلك الفئات من المجتعات بالتحديد، وثروات مجتمعات أخرى إضافية.
وعندما يصدق البعض تلك الأكاذيب وينشرونها أو يتظاهرون من أجلها، فهم في الحقيقة يساهمون في مخططات تستهدفهم كأفراد وتستهدف أسرهم والمقربين منهم، هذا ما حصل مع كومبارس الفورة السورية الذين صدقوا تلك الأكاذيب وروجوها أيام الحملة على سوريا، وهذا ما يحصل الآن مع كومبارس Black Lives Matter حول العالم. وكما اكتشف الكثير من ضحايا البروباغاندا المعادية لسوريا خطأهم بعد فوات الأوان، سيكتشف كومبارس Black Lives Matter خطأهم لاحقا، ولكن بعد فوات الأوان.
من العالم الآخر، بعيدا عن تأثيرات البروباغاندا التي تسيطر على العالم الأول، أستطيع أن أرى تجسيد الفاشية في تنظيمات معاداة الفاشية Antifa وتجسيد العنصرية في تنظيمات معاداة العنصرية مثل Black Lives Matter، وأستطيع أن أرى التهديد الجسيم الذي يستهدف الإنسانية كلها، ويريد قتل مئات الملايين من البشر، ثم سلب حريات من يتبقى والسيطرة تماما على كل تفاصيل حياتهم بحكم الشرع الجديد الذي يتم سنه هذه الأيام.
في هذه الأيام أعتقد أنه ليس للإنسان حتى الريح.
الأيهم صالح
إضافة تعليق جديد