تفاعلت في الأسابيع الأخيرة قضية حجب خدمة Real IP عن مشتركي الإنترنت لدى الجمعية المعلوماتية، وخصوصا بعد التدخلات السلطوية في برنامج البث المباشر من إذاعة صوت الشعب من دمشق المخصص لمناقشة هذا الموضوع. خلال هذه الفترة كلها بقي النقاش محصورا في طبقة من المختصين ومستخدمي الإنترنت المتقدمين، وهذه المقالة تحاول تبسيط الموضوع وتوضيح آفاقه الإستراتيجية وتأثيره على سورية والمجتمع السوري.
مثل أية شبكة تربط مجموعة من الأجهزة ببعضها، لا بد أن يمتلك كل جهاز عنوانا خاصا به ليتم التواصل بين الأجهزة. أوضح مثال على ذلك وضع الشبكة الهاتفية. لكل خط هاتف رقم معترف به عالميا، ولا يوجد خط هاتف يملك نفس رقم خط آخر في كل الشبكة الهاتفية العالمية. طبعا تكنولوجيا الهاتف تقبل التطبيق على نطاق محلي ضيق، ويمكن إنشاء مقاسم هاتفية ضمن شركة أو مبنى، ولكن الأرقام التي تأخذها الأجهزة على هذه الشبكة ليست عالمية. وعندما يحتاج أي جهاز للاتصال مع الشبكة الهاتفية العالمية عليه أن يطلب ذلك من المقسم (طلب الرقم 9 غالبا) ليأخذ خطا خارجيا.
وعندما نريد أن نصل جهاز هاتف جديد مع شبكة هاتفية، يكون أمامنا خياران: إما أن نصل الهاتف مع خط متصل مع الشبكة العالمية، فيأخذ في هذه الحالة رقما عالميا، وإما أن نصله مع شبكة هاتفية محلية، فيصبح تواصل الجهاز الجديد مرهونا بإعدادات المقسم والسماحيات التي يقدمها للهواتف الداخلية.
نفس السيناريو يتكرر عند التعامل مع الحواسب وشبكة الإنترنت. على الشبكة لكل حاسب عنوان محدد يسمى "عنوان IP" ولا يتطابق عنوان أي حاسب مع عنوان أي حاسب آخر على الشبكة العالمية. ولكننا نستطيع إنشاء عدد كبير من الشبكات المحلية وتوزيع عناوين IP بالشكل الذي يحلو لنا عليها.
عندما يحاول حاسب ما الاتصال مع الشبكة العالمية، فهو يبحث عن منفذ إليها، ويقدم المنفذ عادة من قبل مؤسسات تسمى "Internet Access Provider" وتمثلها في حالتنا الجمعية المعلوماتية ومؤسسة الاتصالات. وأثناء الاتصال وبعد التحقق من كلمة السر تظهر على الشاشة عبارة "جاري تسجيل الدخول على شبكة الاتصال" أو "Registering your computer on the network". في هذه الأثناء تتم مجموعة من العمليات أهمها إعطاء عنوان IP للحاسب الذي يطلب الاتصال. ويتحكم مزود الوصول للإنترنت بعنوان IP الذي يعطيه للحاسب. الأغلبية الساحقة من مزودي الخدمة في العالم تقدم لكل حاسب عنوان IP مثل أي عنوان IP على الشبكة العالمية، والقلة النادرة منهم تقدم عنوان IP على شبكة محلية لمزود الوصول، ويسمى هذا العنوان عالميا عنوان IP زائف Fake IP. بالمناسبة، ليس من الشائع الحديث عن Real IP خارج سورية، فالعالم يعرف إما عنوان IP أو عنوان IP زائف.
يحصل مزود الوصول للإنترنت على عناوين IP على الشبكة العالمية من هيئة عالمية توزع هذه العناوين، ومزودو الوصول للإنترنت في سويا يطلبون عناوين IP من هيئة RIPE التي تمثل مجتمع الإنترنت في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط. تحجز RIPE حزما من عناوين IP لكل دولة حسب عدد مشتركي الإنترنت فيها، وتقدم هذه الحزم لمزودي الوصول للإنترنت في الدولة حسب عدد مشتركيهم، وتفرض عليهم تقديم تبرير مقنع قبل تخصيصهم بعناوين جديدة. في سورية لم يستخدم مزودو الوصول للإنترنت إلا عددا قليلا من عناوين IP المحجوزة أساسا للسوريين من قبل مجتمع الإنترنت. وبعد التطور الجديد في الإنترنت السورية ربما تسحب هذه العناوين من الجمعية المعلوماتية إذا اشتكى أحد ما أن هذه العناوين مخصصة للسوريين ولا تقدم لهم.
تتحكم إعدادات الوكيل Proxy بالخدمات التي يمكن تمريرها للمشتركين، وفي سوريا تعتبر جميع الخدمات محرمة حتى يحللها محللو مزود الوصول. ولا يمرر الوكيل Proxy سوى عدد قليل جدا من الخدمات مثل خدمة تصفح المواقع http وبعض خدمات المحادثة الفورية التي تتحايل على تجاوز قيوده بشكل ما. وهناك خدمات كثيرة أخرى يحتاجها مجتمع الإنترنت، وللأسف هذه الخدمات محجوبة في سورية بمعنى أن الوكيل لا يمررها.
أدرك مزود خدمة الإنترنت في الجمعية المعلوماتية أهمية هذه الخدمات، ولا شك أنه خاض معركة طويلة مع محللي ومحرمي الخدمات في المؤسسة العامة للاتصالات قبل أن يحصل على ترخيص بفتح الخدمات المحجوبة للعموم. وهكذا نشأت في سورية خدمة تسمح للسوريين باستخدام أغلب خدمات الإنترنت مثل كل إنسان في العالم. ولأن الجمعية المعلوماتية قررت بيع هذه الخدمة للمشتركين فقد اضطرت لتعطيها اسما، ولم تكن تستطيع تسميتها "خدمة الإنترنت المفتوحة" أو "خدمة الإنترنت الحرة" لأن هذا ينتقص من الخدمة المنافسة التي تقدمها مؤسسة الاتصالات، ولذلك فقد استقر رأي الجمعية المعلوماتية على تسمية الخدمة باسم غريب ويبدو متقعرا في التقنية هو اسم "ميزة Real IP"
لا أدرى من الذي اخترع المصطلح Real IP في سورية ليشير إلى هذه الخدمة، فبدون شك ما تقصده الجمعية المعلوماتية بخدمة Real IP كان أكثر كثيرا من مجرد إعطائنا عنوان IP على الشبكة العالمية. كان الفرق الأساسي أن الحسابات التي تتمتع بميزة Real IP لا تخضع للتحريم الذي يفرضه الوكيل Proxy على الخدمات. ومشتركو الخدمة لم يكونوا يبحثون عن Real IP بل عن خدمات أخرى مثل البريد الالكتروني POP3 أو نقل الملفات ftp أو الوصول الآمن إلى المخدمات ssh أو غيرها. هذه الخدمات لم تكن متاحة إلا للحسابات التي تتمتع بميزة Real IP. ومع حجب الخدمة في أول شهر تشرين الثاني أصبح الاشتراك بها لا يقدم إلا عنوان IP على الشبكة العالمية، أي أن جميع الخدمات تبقى محجوبة، وبالنتيجة لا يستفيد المشتركون الذين يدفعون 4000 ليرة شهريا لمؤسسة الاتصالات أية فائدة من خدمة Real IP التي ستقدمها لهم الجمعية المعلوماتية. إضافة إلى ذلك، لا سابقا ولا حاليا لم تكن خدمة Real IP قادرة على فك حجب المواقع المحجوبة، ولم تكن أبدا خدمة تجعل الوصول إلى الإنترنت أسرع مما يوفر تكاليفها.
مع تطور الإنترنت نشأت خدمات جديدة عليها، وتطورت تقنيات نقل الصوت على الإنترنت VoIP لدرجة أصبح استخدامها جزءا أساسيا من استخدام الشبكة العالمية. ولأن مزودي الوصول للإنترنت في سوريا يحرّمون كل الخدمات، فقد كان من الطبيعي أن تحرّم هذه الخدمة أيضا على جميع مشتركي الإنترنت باستثناء الحسابات التي تتمتع بالميزة التي سمتها الجمعية المعلوماتية باسم Real IP.
يعتبر استخدام الصوت والصورة في التواصل أمرا سهلا للغاية ولا يحتاج لأية خبرة تقنية، وقد انتشر استخدام الصوت على الإنترنت بشكل كبير في العالم، وأصبح أحد أهم مبررات وجود الإنترنت في المنزل. رحب مزودو الوصول للإنترنت من تطور هذه التكنولوجيا، لأنها وسعت انتشار الإنترنت إلى حد كبير وساهمت في زيادة أرباحهم، ولم تتأثر بها شركات الهاتف كثيرا لأنها لم تصبح بعد منافسا لهم، فبينما يمكن استخدام الهاتف العادي في كل وقت وكل مكان، لا يمكن استخدام التواصل الصوتي عبر الإنترنت إلا عندما يجلس الطرفان أمام حاسبين متصلين بالإنترنت ويتواصلان عبرهما. وهي شروط خاصة لا تنطبق إلا في حالات قليلة جدا ولا تحقق أي توفير فعلي لأن الاتصالات الهاتفية رخيصة جدا بل مجانية في الكثير من الدول. ووجدت أغلب شركات الاتصالات أن من الممكن زيادة الأرباح عبر تقديم خدمة اتصالات وإنترنت مدمجة، ولذلك ساهمت في تطوير تقنيات الاتصالات عبر الإنترنت لتعويض أية خسائر يمكن أن تخسرها من تأثر قطاع الاتصالات التقليدية بتطور تقنيات الاتصالات الحديثة. وهكذا أصبحت شركات الاتصالات زبونا لدى مزودي الوصول للإنترنت، وانتشرت خدمات الوصول المفتوح إلى الإنترنت عبر الاتفاق بين شركات الاتصالات ومزودي الوصول للإنترنت.
قضية Real IP في بلدنا نموذج للتخطيط الاستراتيجي الذي تنتهجه وزارة الاتصالات والتقانة. والنظرة البسيطة للقضية على أنها "ميزة تقنية" أو أنها "تهريب مكالمات" لا تعكس البعد الحقيقي للقرارات التي تحرم سورية والسوريين من أهم ميزات التقانة العالمية، وتفرض علينا ضرائب خرافية بقرارات قراقوشية، وتجعل حكومتنا تقف عائقا أمام تطورنا، وتتصرف كحارس للتخلف القائم في سجن المعلوماتية السوري بدلا من أن تكون رائدا في التطوير كما نريدها أن تكون.
الأيهم صالح
www.alayham.com
اللاذقية ـ سورية
مثل أية شبكة تربط مجموعة من الأجهزة ببعضها، لا بد أن يمتلك كل جهاز عنوانا خاصا به ليتم التواصل بين الأجهزة. أوضح مثال على ذلك وضع الشبكة الهاتفية. لكل خط هاتف رقم معترف به عالميا، ولا يوجد خط هاتف يملك نفس رقم خط آخر في كل الشبكة الهاتفية العالمية. طبعا تكنولوجيا الهاتف تقبل التطبيق على نطاق محلي ضيق، ويمكن إنشاء مقاسم هاتفية ضمن شركة أو مبنى، ولكن الأرقام التي تأخذها الأجهزة على هذه الشبكة ليست عالمية. وعندما يحتاج أي جهاز للاتصال مع الشبكة الهاتفية العالمية عليه أن يطلب ذلك من المقسم (طلب الرقم 9 غالبا) ليأخذ خطا خارجيا.
وعندما نريد أن نصل جهاز هاتف جديد مع شبكة هاتفية، يكون أمامنا خياران: إما أن نصل الهاتف مع خط متصل مع الشبكة العالمية، فيأخذ في هذه الحالة رقما عالميا، وإما أن نصله مع شبكة هاتفية محلية، فيصبح تواصل الجهاز الجديد مرهونا بإعدادات المقسم والسماحيات التي يقدمها للهواتف الداخلية.
نفس السيناريو يتكرر عند التعامل مع الحواسب وشبكة الإنترنت. على الشبكة لكل حاسب عنوان محدد يسمى "عنوان IP" ولا يتطابق عنوان أي حاسب مع عنوان أي حاسب آخر على الشبكة العالمية. ولكننا نستطيع إنشاء عدد كبير من الشبكات المحلية وتوزيع عناوين IP بالشكل الذي يحلو لنا عليها.
عندما يحاول حاسب ما الاتصال مع الشبكة العالمية، فهو يبحث عن منفذ إليها، ويقدم المنفذ عادة من قبل مؤسسات تسمى "Internet Access Provider" وتمثلها في حالتنا الجمعية المعلوماتية ومؤسسة الاتصالات. وأثناء الاتصال وبعد التحقق من كلمة السر تظهر على الشاشة عبارة "جاري تسجيل الدخول على شبكة الاتصال" أو "Registering your computer on the network". في هذه الأثناء تتم مجموعة من العمليات أهمها إعطاء عنوان IP للحاسب الذي يطلب الاتصال. ويتحكم مزود الوصول للإنترنت بعنوان IP الذي يعطيه للحاسب. الأغلبية الساحقة من مزودي الخدمة في العالم تقدم لكل حاسب عنوان IP مثل أي عنوان IP على الشبكة العالمية، والقلة النادرة منهم تقدم عنوان IP على شبكة محلية لمزود الوصول، ويسمى هذا العنوان عالميا عنوان IP زائف Fake IP. بالمناسبة، ليس من الشائع الحديث عن Real IP خارج سورية، فالعالم يعرف إما عنوان IP أو عنوان IP زائف.
يحصل مزود الوصول للإنترنت على عناوين IP على الشبكة العالمية من هيئة عالمية توزع هذه العناوين، ومزودو الوصول للإنترنت في سويا يطلبون عناوين IP من هيئة RIPE التي تمثل مجتمع الإنترنت في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط. تحجز RIPE حزما من عناوين IP لكل دولة حسب عدد مشتركي الإنترنت فيها، وتقدم هذه الحزم لمزودي الوصول للإنترنت في الدولة حسب عدد مشتركيهم، وتفرض عليهم تقديم تبرير مقنع قبل تخصيصهم بعناوين جديدة. في سورية لم يستخدم مزودو الوصول للإنترنت إلا عددا قليلا من عناوين IP المحجوزة أساسا للسوريين من قبل مجتمع الإنترنت. وبعد التطور الجديد في الإنترنت السورية ربما تسحب هذه العناوين من الجمعية المعلوماتية إذا اشتكى أحد ما أن هذه العناوين مخصصة للسوريين ولا تقدم لهم.
في حالة مزودي الوصول للإنترنت في سورية، لا يستطيع أي مشترك الوصول مباشرة إلى أية خدمة من خدمات الإنترنت، لأن الإنترنت كلها لا تعترف بوجوده، فهو لا يملك عنوان IP على الشبكة العالمية، بل على الشبكة المحلية لمزود الوصول. ولكي يستفيد المشترك من بعض خدمات الإنترنت يحتاج إلى حاسب آخر متصل بالإنترنت ويطلب منه تمرير بعض الخدمات له. تشبه هذه الحالة طلب الرقم "9" في مقسم داخلي للحصول على خط خارجي. والحاسب الذي ينفذ مثل هذا النوع من الطلبات يسمى الوكيل Proxy. ولذلك فالوكيل في تصميم الإنترنت السورية هو حاسب (أو أكثر) مزود ببرامج تستطيع تمرير بعض خدمات الإنترنت للمشتركين.
تتحكم إعدادات الوكيل Proxy بالخدمات التي يمكن تمريرها للمشتركين، وفي سوريا تعتبر جميع الخدمات محرمة حتى يحللها محللو مزود الوصول. ولا يمرر الوكيل Proxy سوى عدد قليل جدا من الخدمات مثل خدمة تصفح المواقع http وبعض خدمات المحادثة الفورية التي تتحايل على تجاوز قيوده بشكل ما. وهناك خدمات كثيرة أخرى يحتاجها مجتمع الإنترنت، وللأسف هذه الخدمات محجوبة في سورية بمعنى أن الوكيل لا يمررها.
أدرك مزود خدمة الإنترنت في الجمعية المعلوماتية أهمية هذه الخدمات، ولا شك أنه خاض معركة طويلة مع محللي ومحرمي الخدمات في المؤسسة العامة للاتصالات قبل أن يحصل على ترخيص بفتح الخدمات المحجوبة للعموم. وهكذا نشأت في سورية خدمة تسمح للسوريين باستخدام أغلب خدمات الإنترنت مثل كل إنسان في العالم. ولأن الجمعية المعلوماتية قررت بيع هذه الخدمة للمشتركين فقد اضطرت لتعطيها اسما، ولم تكن تستطيع تسميتها "خدمة الإنترنت المفتوحة" أو "خدمة الإنترنت الحرة" لأن هذا ينتقص من الخدمة المنافسة التي تقدمها مؤسسة الاتصالات، ولذلك فقد استقر رأي الجمعية المعلوماتية على تسمية الخدمة باسم غريب ويبدو متقعرا في التقنية هو اسم "ميزة Real IP"
لا أدرى من الذي اخترع المصطلح Real IP في سورية ليشير إلى هذه الخدمة، فبدون شك ما تقصده الجمعية المعلوماتية بخدمة Real IP كان أكثر كثيرا من مجرد إعطائنا عنوان IP على الشبكة العالمية. كان الفرق الأساسي أن الحسابات التي تتمتع بميزة Real IP لا تخضع للتحريم الذي يفرضه الوكيل Proxy على الخدمات. ومشتركو الخدمة لم يكونوا يبحثون عن Real IP بل عن خدمات أخرى مثل البريد الالكتروني POP3 أو نقل الملفات ftp أو الوصول الآمن إلى المخدمات ssh أو غيرها. هذه الخدمات لم تكن متاحة إلا للحسابات التي تتمتع بميزة Real IP. ومع حجب الخدمة في أول شهر تشرين الثاني أصبح الاشتراك بها لا يقدم إلا عنوان IP على الشبكة العالمية، أي أن جميع الخدمات تبقى محجوبة، وبالنتيجة لا يستفيد المشتركون الذين يدفعون 4000 ليرة شهريا لمؤسسة الاتصالات أية فائدة من خدمة Real IP التي ستقدمها لهم الجمعية المعلوماتية. إضافة إلى ذلك، لا سابقا ولا حاليا لم تكن خدمة Real IP قادرة على فك حجب المواقع المحجوبة، ولم تكن أبدا خدمة تجعل الوصول إلى الإنترنت أسرع مما يوفر تكاليفها.
مع تطور الإنترنت نشأت خدمات جديدة عليها، وتطورت تقنيات نقل الصوت على الإنترنت VoIP لدرجة أصبح استخدامها جزءا أساسيا من استخدام الشبكة العالمية. ولأن مزودي الوصول للإنترنت في سوريا يحرّمون كل الخدمات، فقد كان من الطبيعي أن تحرّم هذه الخدمة أيضا على جميع مشتركي الإنترنت باستثناء الحسابات التي تتمتع بالميزة التي سمتها الجمعية المعلوماتية باسم Real IP.
يعتبر استخدام الصوت والصورة في التواصل أمرا سهلا للغاية ولا يحتاج لأية خبرة تقنية، وقد انتشر استخدام الصوت على الإنترنت بشكل كبير في العالم، وأصبح أحد أهم مبررات وجود الإنترنت في المنزل. رحب مزودو الوصول للإنترنت من تطور هذه التكنولوجيا، لأنها وسعت انتشار الإنترنت إلى حد كبير وساهمت في زيادة أرباحهم، ولم تتأثر بها شركات الهاتف كثيرا لأنها لم تصبح بعد منافسا لهم، فبينما يمكن استخدام الهاتف العادي في كل وقت وكل مكان، لا يمكن استخدام التواصل الصوتي عبر الإنترنت إلا عندما يجلس الطرفان أمام حاسبين متصلين بالإنترنت ويتواصلان عبرهما. وهي شروط خاصة لا تنطبق إلا في حالات قليلة جدا ولا تحقق أي توفير فعلي لأن الاتصالات الهاتفية رخيصة جدا بل مجانية في الكثير من الدول. ووجدت أغلب شركات الاتصالات أن من الممكن زيادة الأرباح عبر تقديم خدمة اتصالات وإنترنت مدمجة، ولذلك ساهمت في تطوير تقنيات الاتصالات عبر الإنترنت لتعويض أية خسائر يمكن أن تخسرها من تأثر قطاع الاتصالات التقليدية بتطور تقنيات الاتصالات الحديثة. وهكذا أصبحت شركات الاتصالات زبونا لدى مزودي الوصول للإنترنت، وانتشرت خدمات الوصول المفتوح إلى الإنترنت عبر الاتفاق بين شركات الاتصالات ومزودي الوصول للإنترنت.
قضية Real IP في بلدنا نموذج للتخطيط الاستراتيجي الذي تنتهجه وزارة الاتصالات والتقانة. والنظرة البسيطة للقضية على أنها "ميزة تقنية" أو أنها "تهريب مكالمات" لا تعكس البعد الحقيقي للقرارات التي تحرم سورية والسوريين من أهم ميزات التقانة العالمية، وتفرض علينا ضرائب خرافية بقرارات قراقوشية، وتجعل حكومتنا تقف عائقا أمام تطورنا، وتتصرف كحارس للتخلف القائم في سجن المعلوماتية السوري بدلا من أن تكون رائدا في التطوير كما نريدها أن تكون.
الأيهم صالح
www.alayham.com
اللاذقية ـ سورية
التعليقات
Re: ما هوReal IP
إضافة تعليق جديد