اعتدوا عليه، وكان ضعيفا. فضل الحفاظ على حياته فنهبوا إبله التي يأكل منها، ولكنه تمسك بالأمل والحلم. حلم أنه ينتمي إلى قبيلة قوية، واستنجد بها قائلا
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي بنو اللقيطة من ذهل بن شيبان
وقد أنجدته مازن، وقفت معه ونصرته كما ينصر الكريم ضعيفا استجار به، وحاربت من أجله كما تقول كتب التاريخ.
أيام زمان كان القوي كريما ينصر الضعيف. أما اليوم، فمن ينصر الضعيف عندما ينهب بنو اللقيطة ثروته، عندما يستولون على خبزه اليومي وتعبه وعرقه بأساليب الغزو والنهب المعاصرة؟
تذكرت هذه الحادثة كثيرا، وتذكرت بيت الشعر، عندما سمعت مجموعة من قصص السطو المنظم الذي تمارسه مؤسسة الاتصالات السورية على المواطنين، ففي الدورة السادسة للعام الماضي، شهدت بعض فواتير الهاتف ارتفاعا قياسيا، جاءت فاتورتي 3 أضعاف الفاتورة العادية، أي ما يعادل راتب مهندس لأربعة أشهر، بلعتها وعرفت أن في الموضوع خطأ، ولكنني اكتشفت أن الكثيرين ممن أعرفهم يعانون من نفس المشكلة، في الشركة الأجنبية التي أعمل معها قرر المدير إيقاف استخدام الإنترنت بعد أن دفع 3 أضعاف المبلغ الذي يدفعه عادة، رغم أن استخدام الإنترنت في تلك الفترة كان في حده الأدنى، وصديقي صاحب صالة إنترنت دفع مبلغا هائلا يعادل حوالي ضعفين ونصف فانورته العادية للأشهر السابقة، هذا غير الأشخاص الذين أعرفهم وقرروا التوقف عن استخدام الإنترنت بسبب فاتورة الدورة السادسة. الكل يعرف أن الفاتورة خطأ، والكل يدفعها صاغرا ذليلا لأنه لا يملك حيلة تجاهها، فمؤسسة الاتصالات ستقطع هاتفه الوحيد إن لم يدفع، وقد قطعته عن البعض بالفعل لتجبرهم على الدفع.
مرت هذه الحادثة بأمان وسلام على مؤسسة الاتصالات، وربما تكون قد مرت سابقا عدة مرات، وربما تكررها المؤسسة مرات أخرى أيضا لأنها مربحة جدا. وبدون خوف من الحساب أو تفكير بضحايا عمليتها. أعتقد أن الضمير الذي يميز بين الصح والخطأ ميت تماما لدى إدارتها، فهم يعرفون أنهم يسرقون الناس، ويستمرون في عملية السرقة بل ويطورون أساليبهم. فقد بدأت تظهر هذه الأيام فواتير قديمة تعود إلى أوائل وأواسط التسعينات وتطالب المؤسسة فيها المشتركين بمبالغ طائلة تقول أنها مستحقة منذ عشر سنوات، ولم تنتبه لها إلا الآن، وترفض إلغاءها إذا لم تحضر لها إثباتا أنك دفعت تلك الفاتورة. ويبدو أن التزوير في هذه التجربة أقل مستوى لأن بعض الفواتير تطال أناسا لم يكن لديهم خط هاتف في تلك الأيام.
لو كنت في بلد فيها قضاء محايد لفكرت أن ألجأ له ليوضح الحقيقة. لو كنت في بلد لا تحتكر شركة واحدة شبه حكومية خدمة الاتصالات لتمكنت من إلغاء اشتراكي لدى الشركة والانتقال إلى غيرها، لو كنت في بلد فيها اتصالات متطورة فعلا لألغيت اشتراكي الهاتفي من أساسه،وقطعت كل اتصال بيني وبين مؤسسة الاتصالات. لو كنت في بلد فيها رأي عام لكتبت الصحف عن هذه الحادثة، ولو كنت في بلد فيها برلمان حقيقي لاستدعي مدير مؤسسة الاتصالات إلى لجنة تحقيق ليوضح كيف حصل الخطأ، ومن الذي أخذ المبالغ الهائلة التي جبتها المؤسسة بهذه الطريقة!
لو كنت من مازن
الأيهم صالح
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي بنو اللقيطة من ذهل بن شيبان
وقد أنجدته مازن، وقفت معه ونصرته كما ينصر الكريم ضعيفا استجار به، وحاربت من أجله كما تقول كتب التاريخ.
أيام زمان كان القوي كريما ينصر الضعيف. أما اليوم، فمن ينصر الضعيف عندما ينهب بنو اللقيطة ثروته، عندما يستولون على خبزه اليومي وتعبه وعرقه بأساليب الغزو والنهب المعاصرة؟
تذكرت هذه الحادثة كثيرا، وتذكرت بيت الشعر، عندما سمعت مجموعة من قصص السطو المنظم الذي تمارسه مؤسسة الاتصالات السورية على المواطنين، ففي الدورة السادسة للعام الماضي، شهدت بعض فواتير الهاتف ارتفاعا قياسيا، جاءت فاتورتي 3 أضعاف الفاتورة العادية، أي ما يعادل راتب مهندس لأربعة أشهر، بلعتها وعرفت أن في الموضوع خطأ، ولكنني اكتشفت أن الكثيرين ممن أعرفهم يعانون من نفس المشكلة، في الشركة الأجنبية التي أعمل معها قرر المدير إيقاف استخدام الإنترنت بعد أن دفع 3 أضعاف المبلغ الذي يدفعه عادة، رغم أن استخدام الإنترنت في تلك الفترة كان في حده الأدنى، وصديقي صاحب صالة إنترنت دفع مبلغا هائلا يعادل حوالي ضعفين ونصف فانورته العادية للأشهر السابقة، هذا غير الأشخاص الذين أعرفهم وقرروا التوقف عن استخدام الإنترنت بسبب فاتورة الدورة السادسة. الكل يعرف أن الفاتورة خطأ، والكل يدفعها صاغرا ذليلا لأنه لا يملك حيلة تجاهها، فمؤسسة الاتصالات ستقطع هاتفه الوحيد إن لم يدفع، وقد قطعته عن البعض بالفعل لتجبرهم على الدفع.
مرت هذه الحادثة بأمان وسلام على مؤسسة الاتصالات، وربما تكون قد مرت سابقا عدة مرات، وربما تكررها المؤسسة مرات أخرى أيضا لأنها مربحة جدا. وبدون خوف من الحساب أو تفكير بضحايا عمليتها. أعتقد أن الضمير الذي يميز بين الصح والخطأ ميت تماما لدى إدارتها، فهم يعرفون أنهم يسرقون الناس، ويستمرون في عملية السرقة بل ويطورون أساليبهم. فقد بدأت تظهر هذه الأيام فواتير قديمة تعود إلى أوائل وأواسط التسعينات وتطالب المؤسسة فيها المشتركين بمبالغ طائلة تقول أنها مستحقة منذ عشر سنوات، ولم تنتبه لها إلا الآن، وترفض إلغاءها إذا لم تحضر لها إثباتا أنك دفعت تلك الفاتورة. ويبدو أن التزوير في هذه التجربة أقل مستوى لأن بعض الفواتير تطال أناسا لم يكن لديهم خط هاتف في تلك الأيام.
لو كنت في بلد فيها قضاء محايد لفكرت أن ألجأ له ليوضح الحقيقة. لو كنت في بلد لا تحتكر شركة واحدة شبه حكومية خدمة الاتصالات لتمكنت من إلغاء اشتراكي لدى الشركة والانتقال إلى غيرها، لو كنت في بلد فيها اتصالات متطورة فعلا لألغيت اشتراكي الهاتفي من أساسه،وقطعت كل اتصال بيني وبين مؤسسة الاتصالات. لو كنت في بلد فيها رأي عام لكتبت الصحف عن هذه الحادثة، ولو كنت في بلد فيها برلمان حقيقي لاستدعي مدير مؤسسة الاتصالات إلى لجنة تحقيق ليوضح كيف حصل الخطأ، ومن الذي أخذ المبالغ الهائلة التي جبتها المؤسسة بهذه الطريقة!
استطيع اليوم أن أفهم شعور ذلك العربي المهان، وأن أبرر له استنجاده بقبيلة أخرى، أو حتى بالشيطان، لرفع الظلم والعدوان عن بيته وأهله، ولاسترداد لقمة عيشه.
لو كنت من مازن
الأيهم صالح
التعليقات
Re: لو كنت من مازن
Re: لو كنت من مازن
Re: لو كنت من مازن
Re: لو كنت من مازن
Re: لو كنت من مازن
Re: لو كنت من مازن
Re: لو كنت من مازن
Re: لو كنت من مازن
Re: لو كنت من مازن
إضافة تعليق جديد