خبر مؤسف، ولكنه متوقع
نشر الجريدة اليوميّة السوريّة، كلّنا شركاء، بعض مقالات عن موقع الناقد – دون إذن منّي ولا رغبة - أحدثت ضجّة هائلة بين التيار الأخواني الأصولي السوري، الأمر الذي أوصله إلى تهديد الأستاذ أيمن عبد النور، صاحب الجريدة، إلى الاعتذار من الإرهاب الإسلامي عمّا تمّ نشره، فأبدى الندم، وباس القدم، على غلطته، بحق الغنم، كما تقول كوكب الشرق؛ فرضي عنه الطالبانيّون الجدد في سوريّا، وما أكثرهم، وعادوا للتربع في قلب مذبحه اليعقوبي! وكان التعليق الأجمل الذي سمعته حول تلك الفضيحة الثقافيّة الإرهابيّة: حرام! أيمن عبد النور مسيحي؛ يريد سلّته بلا عنب!
كان باستطاعة القوى المتحكّمة من العلويين، لو تحالفت مع التيارات التقدّميّة من كلّ الطوائف، إعلان علمانيّة الدولة؛ إشعار كل مواطن، مهما كانت خلفيّته الدينيّة أو الفكريّة أو الطائفيّة، أنه مواطن من الدرجة الأولى؛ وخلق البيئة المدنيّة التي تمكّن سوريّا، كوطن يمتلك كلّ المؤهّلات لذلك، من دخول العصر الحديث من أوسع أبوابه.
إنّ مقولة العدائية للمسلمين لا يمكن أن تنطبق علينا بأية حال! فإلى جانب انتمائنا الشخصي إلى الأرومة الإسلامية - رغم أن هذا ليس كافٍ بحد ذاته كحجة غير مرفوضة في سياق من تلك النوعية - فنحن نتمسّك بالانتماء إلى منطقة ذات غالبية إسلامية بأصابعنا وأسناننا، ونرفض أي وطن علماني بديل مهما بدت المغويات مبهرة، والمنفّرات في أرض الوطن مقزّزة - وهذا هو تحديداً سرّ نقديتنا الإسلامية العنيفة التي تتاخم أحياناً حدود التهكّم.
أذكر بيت شعر يقول أجاع الله من أشبعتموه وأشبع من بجوركم أجيعا البيت ليس لي، ولكن التوقيع لي الأيهم صالح www.alayham.com اللاذقية ـ سورية
كتبت سابقا عن مبررات اعتقال نبيل فياض، وأوضحت أنني أعتقد أن اعتقاله مجرد صفقة بين الجهة المتضررة من كتاباته، وبين السلطة التي تقدر على اعتقاله. وللتركيز على وجهة نظري أود أن أطرح للنقاش النقاط التالية:
1- لا مصلحة للأمن السوري، ولا لسورية، في اعتقال كاتب مسالم مثل نبيل فياض، بل بالعكس، اعتقاله يمكن أن يسيء إلى صورة ضباط الأمن السوري، وإلى صورة سورية كلها.
أنا أشد معارضة للدولة السوريّة، بشكلها الحالي، من أية منظومة معارضة أخرى: لكني مع الوطن حتى النهاية. لست ضد أحد في الدولة السوريّة، لكني ضدّ منظومة فساد استشرى وأصوليّة إسلاميّة تأكل الأخضر واليابس وتشيع روح الطائفيّة البغيضة في أرجاء وطن الحضارة الأقدم؛ ضدّ حزب فيه من الحزبيين الانتهازيين أضعاف لا حصر لها مما فيه مما يمكن أن نسميه بعثيين؛ ضد احتكار العروبيين لهوية الوطن، ضد إمساك الشعوبيين المستوردين من بلاد الكرد والأفغان وإيران والشيشان [هذه الأخيرة هامّة جدّاً لوجود شيشاني متطرّف الآن في منصب هام للغاية] برقبة الوطن لغايات لا علاقة لها بمستقبل بلد الكلمة!
بالنسبة للأمريكان، سيناريو احتلال العراق لم يكن السيناريو الأفضل على الإطلاق، صحيح أنهم يعتبرون أنهم أسقطوا نظام صدام كما يبدو (أشك في ذلك)، ولكنهم بدون شك لا يسيطرون على العراق، وتعاني الحكومة المتعاملة معهم مشاكل كبيرة على مساحات واسعة من أرض العراق.
ولا أعتقد أن أحدا يشك في الأهمية الاستراتيجية لربط القوات الأمريكية في العراق مع نظيرتها الموجودة في البحر المتوسط، ولذلك نستطيع أن نتوقع أن الحكومة الأمريكية تخطط حاليا لتأمين طريق نقل وتموين ولزيادة العمق الاستراتيجي لوجودها في منطقتنا.