أيها السادة الطائفيون2

أيها السادة الطائفيون2
د. محمد عبد الله الأحمد
damas_11@yahoo.com

أيها السادة الطائفيون

كنت أتمنى لو أن محاوري السيد علي الأحمد قد تابع النسق التفكيري الذي بدأه في رده ، حين تحدث عن أرض وعن سماء و عن فرق حيث (أراني برأيه إلاّ على أرض وهو في سماء ، و (التعبير من عنده) فمن عندي أقول أننا كلنا على الأرض و للسماء أهلها...

بكل الأحوال :انتقل من فوره للحديث عن معاناته و معاناة أهله إبان الأحداث –وهذا حقه – ولكنه جانب الحق بالحديث عن حزب (علوي) هو الذي جاء لاعتقاله و هو الذي قتل من أهله من قتل و هو الذي شرده و نكل به....الخ

يا أخي بالله عليك ألا تجانب الحق فيما تقول؟ بل يجانب الحق كل من يعتقد أن طائفة بعينها هي الحاكمة في سورية!

وتعال معي بعقل مفتوح و بحساب رياضي أفند معك ما تقول :

قاعدة 1: أن تحكم بلداً في العالم الثالث يعني أنك تتنعم من ثرواته!

قاعدة 2:أن تحكم بلداً في العالم الثالث يعني أنك في مفاصل القرار فيه..

قاعدة 3:أن تحكم بلداً في العالم الثالث لا يعني أبداً أنك لازلت لا تجد أحياناً لمحتوى (سندويشة) ابنك إلى البرغل لتضعها في حقيبته المدرسية!!!؟

إذن :

كيف من وصفتهم أنت بحاكمي البلد من الذين من النادر حتى اليوم أن تجد في بيوتهم (جهاز هاتف) يحكمون....ماهذا الباطل يا أخي!!والله حرام عليك...على فكرة علم الاجتماع يقيس على مبدأ الأكثرية!!

و لو تسنًّ لك أن تزور السجن السياسي و لقد صرحت أنك (نفذت) بأعجوبة منه لعرفت أن نسبة كبرى من هؤلاء سكنوا السجون السياسية و ذلك باعتراف كل من زارها و كان سجيناً...!!؟

 

إن لله عليك دين شهادة الحق يا أخ علي ، و اليوم يتسنى لك من خلال الحوار أن تشهد فلماذا لا تشهد شهادة حق!!ولاحظ إذا كنت تعتبر ذلك العسكري المجند الذي يحمل البندقية طوال الليل و بعض النهار ليقف حارساً أولكي يضحي هو أيضاً بحياته في حرب ظالمة أريدت لكل وطننا لقهره و اسقاطه ، اذا اعتبرت هذا الجندي حاكماً ، فتعال نتفق على اعادة تعريف كل نمط التفكير لديك ، و لتعذرني فمن يحكم في العالم الثالث كما قلت لك و كما هو معروف ، لا يصبح هو مادة الحرب ونارها....

على كلٍ : لقد قلت أنك لم تجالس (علوياً) و لا تعرفهم و اعلم انك على الرحبة و السعة ضيفاً عزيزاً مكرماً عليًّ في بيتي أو في أي بيت من بيوت أبناء قريتي و أتمنى من الله أن يجمعنا في الوطن قريباً ، ولا تستعجل لتقول لي أنك ممنوع من الذهاب فلقد حدث بشأن هذا تطور كبير بشأن أفراد حركتكم و الكل يعلم هذا....

يا أخ علي :

اخرج بالله عليك من ربقة الفكر الطائفي و تعال إلى كلمة سواء بيننا ، فلا نريد سوية إلا وجه الله و رغبة واحدة و أساسية هي خير سورية و أبناء سورية و ذلك بالتأسيس لمجتمع يحسدنا الآخرون عليه مؤسس على حرية الاعتقاد و حرية الفكر و العمل السياسي و حرية الناس بعدم مصادرة تفكيرهم أيا كان نوع هذا التفكير .

مجتمع مؤسس على منهج التداول السياسي.....

واسمح لي قبل كل شيء أن أقول لك بأن الانسان الطائفي مكانه – تلقائياً – خارج حتى برنامج حركة الاخوان الأخير مع وجود العديد من الملاحظات عليه...و هو خارج أي مستقبل مشرق لسورية...

لابد أن وجودك في لندن قد أكسبك من المعرفة المباشرة بأفضلية المجتمع الديموقراطي على أي حالة أخرى الشيء الكثير فلماذا لا تساعد وطنك على الأقل بالفكر و تكف عن الطرح الطائفي...

واعلم هنا أنني لا أبرئ أي طرف من الأطراف تماماً من الطرح الطائفي فمنهم كثيرون مارسوا الطائفية إن كانوا أصحاب قرار أو ليسوا كذلك و لكني و بالفم الملآن ، لا أوافق مطلقاً على اعتبار الرئيس الراحل حافظ الأسد قد مارس حالة كهذه ، بل بالعكس فلقد حاول الرجل بكل ما يستطيع اقناع الشريحة المسكونة بالقضية الطائفية و من خلال الممارسة بأنه ليس كذلك ، ان المشهد الذي يستعاد كثيراً عن مواصفات بعض أجهزة الأمن بأن أغلب عناصرها كذلك قائم على مبدأ الولاء ليس إلا و هذا الأمر في مثل هذه الظروف أكثر من طبيعي في بلد عايش منذ الاستقلال عشرات محاولات الانقلاب و ربما يفوق العدد المئة محاولة فاشلة و حوالي العشر و يزيد من المحاولات الانقلابية التي نجحت بالفعل...

فماذا تريدون من عسكري أدرك حقيقة المعادلة (السبعينية) يعني من (1970) و عرف كيف يستقر الحكم بعد أن كانت سورية و مسألة حكم سورية تشبه لعبة الكراسي الموسيقية المعروفة و يطمح فيها كل ثاني ضابط بأن يعمل انقلاباً بعد أن يعلق النجمة الثالثة يعني (نقيب)....

الراحل الأسد كان رجلاً براغماتياً و سياسياً استراتيجياً وهناك واحدة أساسية تسجل له ولا بد أن يتوفر حتى بين أعدائه اللدودين وحتى ممن حاربوه (من الاخوان أنفسهم) من يمتلك الشجاعة قول الحقيقة بأن الرئيس حافظ الأسد في كل معاركه التي خاضها داخلياً و خارجياً لم يكن البادئ فيها أبداً ،الا معركة واحدة بدأ فيها بالفعل و هي حرب تشرين...وهذا شرف له و لسوريا كلها بحكمها و معارضتها الوطنية...

يا سيد الأحمد : من معاناتك و منهجك التفكيري أعرف أنك لن توافق على تحليلي ، بل سيكون التحليل عندك منطلق من رؤيتك للعالم دون معاناتك وهذا أكثر من طبيعي ، حيث أن الرجال الذين يمتلكون الشجاعة لممارسة التجرد العاطفي و النفسي أقلاء في التاريخ و لقد كان أعظمهم سيدنا محمد (ص) عندما فتح مكة حيث قدم لنا جميعاً أكبر مثال في التضحية و الارتفاع فوق ما هو شخصي من أجل ما هو لله و....للناس .

لقد كانت الأحداث المؤلمة و المؤسفة التي عاشتها سورية ابتداءً من عملية اغتيال الشهيد الدكتور محمد الفاضل و من ثم بدء مسلسل اغتيال الطاقات الفكرية و الوطنية و ذلك أيضاً و أقولها بكل أسف ومرارة بعد سنتين فقط من انتهاء حرب تشرين و الاستنزاف ، حيث اعلم من مصدر قيادي سوري رفيع حينها أن الرئيس الأسد بعد انتهاء الاستنزاف و تحرير القنيطرة قال للقيادة ، بأن لسورية موعد قادم قريب مع اعادة الكرّة لمحاولة تحرير الأرض بسواعد أبنائها و أن تشرين لن يقف عند تحرير القنيطرة و هذا الكلام ليس من خطاب سياسي مطلقاً ، بل تستطيع أن تعتبر أنني أنقل لك شهادة عن لسان رجل كان في القيادة السورية في ذلك الوقت و هذا الرجل ستنشر مذكراته قريباً....

فماذا تقول أيها الأخ الكريم ألا زال الكلام عندك هو نفسه و بنفس المنطق و المفردات أن كل القصة أن (العلوية) يحكمون و الحرب المقدسة التي يجب أن يقدم فيها الغالي و الرخيص أي حتى آخر مواطن سوري هدفها انزالهم عن سدة الحكم !؟ يا أخي والله ماهذا المنطق إلا الحرام بعينه!!وماذا لو حكم سورية أخ من اخواننا النصارى؟ ولقد كان فارس الخوري رحمه الله علامة فارقة في تاريخ قادتنا السياسيين...وماذا لو كان درزياً أو اسماعيلياً أو سنياً فما المشكلة....هل بالفعل اللعبة لعبة كراسي موسيقية و اللاعبون يجب أن يكونوا فقط من طائفة محددة يرضى عنها حزبكم أو حركتكم!!؟

هذا المنطق بالذات....هذا المنطق الذي امتلأت به منشورات الاخوان إبان حربكم الظالمة هو الذي أدّى لتضخم الجهاز الأمني و تضخم العقلية الأمنية و دخولها الى كل مفردات حياتنا في سورية . فأنتم كحركة تتحملون تاريخياً ذنباً أساسياً في تضخم الفكر الأمني و صنع الحواجز الاسمنتية و غير الاسمنتية أما المؤسسات....فبعد أن بدأ الرئيس الأسد حكمه بزيارة كافة المحافظات و عناق الناس فيها و الجلوس معهم إلى موائدهم و الحديث إليهم بعدها بأشهر بدأت أول حركة احتجاج معروفة و مشهورة ضد الحكم على قاعدة ما هو طائفي و ديني في وقت كان فيه الوطن يتوحد و يحاول بناء مؤسسات تخلو من هذه الشوائب....(وأظنك تعرف ما أقصد)!!

نعم يا أخ علي الأحمد فنحن نختلف من الأرض للسماء في منهج التفكير و لكن اسمح لي أن أقول لك و بعد كل ما سمعته مني حتى الآن أنني أتعاطف مع مأساتك كإنسان و أنني أدين بعض الأعمال و التصرفات التي ارتكبها جهاز الدولة الأمني فجاءت عسفية و غير مبررة و كانت بعضها اجتهادات شخصية من أصحابها حاسبهم التاريخ عليها و لهم الله و من عندنا أن نطلب الرحمة لأرواح كل الذين سقطوا في هذه المعارك التي ما استفادت منها الا عدوتنا المتربصة و ما أظنك قد فاتتك مقولات و تعليقات السيد (زبيغنيو بريجينسكي) مستشار الأمن القومي لدى كارتر حينها على هذه الأحداث في سورية و لا أظنها أيضاً تفوتك القدرة على التحليل الشامل للحدث أي التحليل القائم على عدم اعتبار سورية جزيرة منعزلة يقتتل فيها الناس على الحكم ، لا....هذه الصورة إذا كانت لديك غيّرها يا أخي فبنادق تشرين و الجولان بالفعل هي التي جاءت لاعتقالك للأسف وفي اليوم المشؤوم نعم المشؤوم و اعلم أن هذه البنادق كانت قبلها بأشهر تحارب حرب الاستنزاف و تستعد لجولة أخرى و هذه البنادق هي نفسها التي دخلت إلى لبنان لايقاف حرب ظالمة أخرى اشتعلت فيه و نجحت و كأني بسورية التي لم تقبل
الذهاب الى اتفاقيات الكيلو 101 و سيناء و كامب ديفيد بل بالعكس ذهب رئيسها إلى عدوِّه اللدود في بغداد ليشحذ منه وحدة البلدين ، و كأني بها تحولت بعد تشرين والاستنزاف الى ممارسة دور (الاطفائي) هنا و هناك بدلاً من استمرار ممارسة دور (الجندي) المتأهب لساعة صفر يستثمر فيها الظروف لمعاودة الكرّة للحرب ضد مغتصب الحقوق...

أعرف أن لمفكريكم روايات أخرى مختلفة عن روايتي و لكني أدعوك أخيراً كدليل لمراقبة المشهد الذي ودعت فيه سورية رئيسها عندما توفي.في هذا المشهد تجمع عدد من قادة الدول لم يكن بينهم بالطبع عتاة الماسونية العالمية و جبابرة العولمة القاهرة للشعوب ، بل كان فيها (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً) و يكفيه أن بضعة مئات من الرجال (ملح الأرض) من الذين كانوا لتوهم قد حققوا نصراً مؤزراً على العدو بدحره من أرض لبنان الطاهر جاؤوا ليُأبنوه و يقرؤون الفاتحة على جثمانه و ليشكروه على الدعم الذي ما بخل أبداً به إذ مدَّ حبل (سرّةٍ) بين سورية و المقاومة في وقت كان الرئيس كلينتون يعرض فيه كل شيء ، كل شيء! على الراحل الأسد وفي هذه الكل شيء أشياء أدهو كلََّ حسَّابٍ جيد للتفكر فيها!! و للتفكر في خيار الرئيس الذي كان يعلم أنه له في دار الدنيا أياماً معدودات...

لقد امتلأت منشوراتكم بعبارات التوعد بقتل آخر بعثي (كافر) و سحقهم في سطح الأرض ومثل ذلك في عبارات طائفية ، فكان لكم (الفضل العظيم) في اعطاء العناصر التي تهوى اللعبة الأمنية الداخلية الهدية التي كانت تشتهيها و هي تعتبر نفسها مؤهلة (لحماية الثورة) فتم اعطائهم و منحهم قوة المبادرة و زيادة النفوذ على حساب أولئك الذين كانوا يرون في الفعل القيادي مسألتين رئيسيتين

الأولى : التصدي لاسرائيل

الثانية : بناء سورية

لقد أضفتم أنت بالذات و بدعم من صدام حسين و آخرين!!بنداً ثالثاً على أجندة الحكم في سورية ، تحول للأسف إلى بند أول بسبب تعاظم الهجمة و دمويتها وهو بند الأمن الداخلي و التصدي للقتل و سفك الدماء...و سأذيع لك سراً ثانياً أيضاً من نفس المصدر الذي ذكرتُ عنه في بعض سطور سابقة و مفاده أن الرئيس الأسد رحمه الله كانت لديه الرغبة والحركة للحوار مع التيار المتدين و حتى مع الاخوان المسلمين و ذلك قبل بداية الفتنة ، ولكن المخطط كان يجب تنفيذه و للأسف حصدنا ما حصدنا....

ولك أن تعتبر أن كاتب هذه السطور مجرد مدافع عن النظام وهذا حقك و لكني أريد أن الفت انتباهك إلى أن أسوء المفكرين هم أولئك الذين يفكرون من مبدأ الثبات ، بمعنى أنهم يضعون صورة واحدة أمامهم و ينسون أن العالم متغير...

وبناء عليه فأرجو أن تعلم أنني اشتهي اليوم لوطني مجتمعاً تداولياً للسلطة و الذي اشتهيه بعدها أن يفوز الحزب الذي أؤمن بمبادئه و أرفض الايمان بالكثير من شخوصه ، أن يفوز في انتخابات ديموقراطية حرة ليحكم سورية من تحت قمة برلمان حر و يناضل أيضاًَ من أجل مشروع النهضة العربية الشاملة...ومن أجل إنسان حر....والسلام عليكم و رحمة الله.



د.محمد عبد الله الأحمد



ملاحظة :

أتوجه بالاعتذار من القارئ لإستخدامي أسماء لمفردات طائفية و أثق أن القارئ الجيد سيرة أن المقصود من استخدامها الوقوف ضد الطائفية نفسها.

التعليقات

rawand

دعنا نتفق أنه لا أحد فينا علماني 100% أولهم أنا أما رأيي الشخصي أنه لكي نعتبر الشخص عمانيا (كما هو الحال في وجود دارة مغلقة ON في عالم الدارات الرقمية) لا بد أن يكون 75% علماني، وشخصيا قلما صادفت 3/4 علماني من كل الطوائف التي ذكرتها في المقالة. أعتقد أنه لا بأس أن يكون لك 25% جزء طائفي ينام في معتقداتك وستشاركني الرأي ما إن تلتقي بشخص طائفي 100%. الأحداث السابقة قسمت المجتمع عميقا، وولد الخوف من بعضنا البعض، وفي ظل غياب حوار متمدن علماني، سنبقى ننظر بعين الريبة إلى طائفة، وعادات من لا يشبهنا، ونتهمه بشتى التهم. ياهل ترى، من الذي عليه أن يتحمل عبء ويبادر للدعوة لهذا الحوار؟ الجواب: صاحب العقل الكبير.
lolittainblue

ان هذا الموضوع المطروح هو واحد من أهم المواضييع ويشغلني بصورة متزايدة يوما بعد يوم اذا أرى أنه وفي ارجاء وطني يتم أحيانا اللعب على حبال هذا الموضوع وما يشعرني بالأسى هذا العداء الداخلي عند البعض لمجرد اختلاف الأخرين عنهم ان الوطن لنا جميعا وهو يتسع للجميع ومسألة الايمان والعلاقة بالله مسألة شخصية بحتة وأعتقد أن علاقة الأشخاص يتوجب أن تقوم على أساس المعاملة والقيم الأخلاقية الشخصية بعيدا عن النظرة لهذه الانتماءات يستطيع كل منا أن يبدأ بنفسه أن يحاول قدر الامكان ان يكون موضوعيا بالتعامل مع الأشخاص ان كل شخص منا قادر عن طريق تعامله الشخصي أن يعطي مثال جيد عن ذاته بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.

دعوة للمشاركة

موقع الأيهم صالح يرحب بالمشاركات والتعليقات ويدعو القراء الراغبين بالمشاركة إلى فتح حساب في الموقع أو تسجيل الدخول إلى حسابهم. المزيد من المعلومات متاح في صفحة المجتمع.